البدوي

 

 

في بَلدٍ تَقْسُو فِيهِ الشَّمْسُ وَتَحْرِقُ كُلَّ الأغْصَانْ..

وَغُبَارُ الأرضِ يَثُورُ كَمَا المُزْنِ فَتَحْسَبُ ثَوْرَتَهُ بُرْكَانْ..

 

في بِيْدٍ لَيْسَ بِهَا جَبَلٌ أوْ تَلٌّ إلّا مَا كَانَ مِنَ الكُثْبَانْ..

تُشَاهِدُ بَيتًا مِنْ شَعْرٍ تُحِيطُ بِهِ بعضُ الخِرْفَانْ..

 

وَبَعِيرًا يَحْمِلُ حِمْلًا بَينَ العِيرِ يُحيطُ بِهِ الرِّعْيَانْ..

وَالعِيرُ بَارِكَةٌ في حَمْئَةِ الشَّمْسِ وَمُعْظَمُهَا عَطْشَانْ..

 

وَتَسْألُ نَفْسَكَ مَاذَا يَفْعَلُ هَؤلاءِ البَدْوُ بِلا عِنْوَانْ؟..

وَمَاذَا يُطْعِمُونَ العِيرَ وَالخِرْفَانَ في ذَلكَ الغَلَيَانْ؟..

 

وَلِمَاذَا اخْتَارُواَ مَعِيْشَتَهُم في قَلْبِ التَّيْهِ مَعَ القُطْعَانْ؟..

وَبِلادُ اللهِ تَمْلؤهَا الغَابَاتُ وَالأنَهَارُ وَالشُّطْآنْ..

 

هَذَا غَرَامٌ لَيْسَ لَهُ شَبَهٌ إلّا في الرُّحَّلِ عَبْر ألأزْمَانْ..

أدْهَشَني مَا فِي غَرَامِ البَدْوِ مِنَ الآيَاتِ والتِّبْيَانْ..

 

فَتَعَالى اللهُ مَنْ خَلَقَ الإنْسَانَ بِعِشْقِهِ الفَتَّانْ..

يَخْتَارُ التَّيْهَ وَيَتْرُكُ مَرْعَى الخِصْبِ في الوِدْيَانْ..

 

هَذَا مَثَلٌ لِمَنْ يَخْتَارُ عَنَاءَ النَّفْسِ بِلا دَلِيلٍ بُرْهَانْ.. 

وَيَسِيرُ عَلى مَنْهَجِ مَنْ سَبَقُوهُ في الحَيْرَةِ وَلْهَانْ..

 

فَالعَاقِلُ مَنْ يَخْتَارُ طَريقَ الحَقِّ وَمَنْهجِ الإحْسَانْ..

وَيَعيشُ كَمَا شَاءَ اللهُ بِلا كَبَدٍ في السَّعْدِ وَالرّضْوَانْ..

 

فَاطْلُبْ هُدُوءَ النَّفْسِ وَلا تَسْعَى إلى حَزَنِ الأحْزَانْ..

وَاشْكُرْ إلهَكَ مَنْ أعْطَاكَ عَقْلًا فَهيمًا يَنْبُذُ الهَذَيَانْ..

 

وَخُذْ مِنَ المَشْهَدِ إنْ شَاهَدتً بَدْوًا حِكْمَةَ الفَنَّانْ..

وَأعْلمْ بِأنَّ البَدْوَ في عِشْقِ البَدَاوةِ كُلُّهمْ إخْوَانْ.. 

 

لَوْ حِيزَتِ الدُّنْيَا لَهُمْ أنْ يَتْرُكوا صَحْرَاءَهمْ لِجِنَانْ..

لَأبَوا وظَلَّوا في شَقَاءِ العَيْشِ أعْوامًا بلا حِيْطَانْ..

 

يَا لَلْغَرَامِ إذَا تَمَلَّكَ مُهْجَةَ الإنْسَانِ والحَيَوانْ..

يَغْدُوا بَقَيْدِ غَرَامِهِ شَتَّانَ يَتْلوا بَعْضَهُ شَتَّانْ ..

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رحلة الستين

    حَزَمْتُ حَقائِبَ السَّفرِ الجَدِيدةْ.. لِأبْدَأَ رِحْلَةً مُثْلَى فَرِيْدَةْ..