الزمن الغريب

 

زمني الغريبُ وقد رأيتُ فيه العجبَا

ما كنتُ أحسبُ أنّه يمضي بنا حُقُبَا

 

فيكونُ ابني في العلومِ معلمًا وموجِّهًا

وأكونُ تلميذًا بهِ ولهٌ لا يَحملُ الكتبَا

 

بجهازِه الحاسوبِ يُطلعني على أسرارِه

ويرى بوجهي دهشتي فيبتسمْ أدبَا

 

والهاتفُ النقالُ صار ملازمًا ومرافقًا

لصغيرِنا وكبيرِنا ونرى به العجبَا

 

تُهنا ببرمجةِ الحواسبِ والهواتفِ إنّها

مُلئتْ علومًا مثلَما ملئتْ غثاثةً عَطبَا

 

فالوقتُ تسرقُه البرامجُ غثُّها وثمينُها

ومتابعاتُ الناسِ ما قالوا وما انكتبَ

 

وهناك آلافُ البرامجِ في الفضاءِ وإنّها

قد أثّرتْ فيمن قَبلْها وفيمن عافَها وأبى

 

ووسائلُ الإعلامِ صارتْ لا تُعدُّ لكثرةٍ

ووسائلٌ أخرى سرتْ في أمِّها سَرَبَا

 

وتعاملٌ عبرَ الهواتفِ سُهِّلتْ خُطواتُه

ندركْ به هدفًا كما نَبْلغْ به سَبَبَا

 

وتسابقٌ بين العوامِّ بصورةٍ ومقولةٍ

لبثِّها للآخرينَ فينتشوا بها طَرَبَا

 

زمني غريبٌ والغرابةُ أنّه مُتطوّرٌ

يُشرقْ بنا أملًا لكنّه يَهربْ بنا هَرَبَا

 

ماذا سيصبحُ والتطورُ مُسرعًا ومُهرولًا

نحوَ الجديدِ مُفاجئًا مُتسيدًا مُثوثِّبَا

 

فغدًا سيصبحُ للزمانِ غرابةً لاتنتهي

وغدًا سيصبحُ من يُعايشُه أسيرًا مُعْجَبَا

 

زمنٌ غريبٌ كلُّه شُغلٌ وكدْحٌ مُرهقٌ

تسعى وتجهدُ فيه لكنْ لا تُحققَ مَطلبَا

 

ومطالبُ الإنسانِ فيه كثيرةٌ وعديدةٌ

تنأى وتبعدُ في العيونِ لمن رأها الأقربَا

 

والنومُ فيه مُجافيًا والوقتُ فيه مُسَرْبِلا

والناسُ تركضُ فيه سعيًا كاشفًا ومُحجّبَا

 

والأرضُ ترزحُ تحتَ عُنفٍ جائرٍ مُستقبحٍ

هذا يثورُ وذاكَ يَنْقَمُ غاضبًا مُتعصّبَا

 

والأعتداءُ على الكرامةِ والسلامِ كأنّه

نصرٌ يحقّقُه الطغاةُ فصارَ فيهم مَذْهَبَا

 

والعالمُ المظلومُ يشكو الفقرَ في أركانِه

وعداهُ يُسرعُ للكواكبِ كاشفًا ومجرّبَا

 

هذا زمانٌ عشتُ فيه وليتني ما عشتُه

يبدو غريبًا والغريبُ نراه فيه الأغْرَبَا

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رحلة الستين

    حَزَمْتُ حَقائِبَ السَّفرِ الجَدِيدةْ.. لِأبْدَأَ رِحْلَةً مُثْلَى فَرِيْدَةْ..