يا منْ نَدمْتَ على الشجونِ مِرارا
إياكَ تندمُ فالحياةُ ضِرارا
لا بُدَّ أنْ تَحيا الحياةَ مشقةً
ما دمتَ أنَّكَ جِئتَها أطْوارا
فإذا غَزتْكَ معَ الكفاحِ مُصيبةٌ
فاصْبرْ فإنَّكَ مُبتلىً كرَّارا
في الشوقِ نُبلى إنْ أسئْنا خُطةً
ونُجنُّ إذ نتبادلُ الأدوارا
اليومَ أنتَ على فراقِكَ نادمٌ
وغدًا سيندمُ منْ بنى الأسْوارا
لو أنَّ لي فيما أخططُ حيلةٌ
لرميتُ خَلْفي الخائنَ الغدّارا
ورضيتُ بالشوقِ الذي ينتابُني
من دون أن أفضحْ له الأسْرارا
فاقنع بشوقِكَ أنتَ منْ فصلّتَه
وارضى بِحزنِِكَ لا تكنْ نكّارا
فالشوقُ إمّا أنْ يكونَ سعادةً
أو أن يكونَ مُزلزِلًا خَسّارا
فغدًا ستنْسى كلَّ أمرٍ محزنٍ
لو كانَ شوقًا سائلًا جَرارا
فطبيعةُ الإنسانِ ينْسى حُزنَهُ
لو يفقدَ الموجودَ والمختارا
واخترْ لنفسِكَ ماتطنُّ فلاحَهُ
واتركْ لغيرِكَ في الهوى الأعْذارا
ما كلُّ أمرٍ قد تريدُ نجاحَهُ
يأتيك فورًا طائعًا مختَارا
حتّى ولوْ كانَ المرادُ تُحبُهُ
وعزيزُهُ في النفسِ كانَ مُثارا
فاكففْ عنِ اللومِ العسيرِ فإنّهُ
حَزنٌ لنفسِكَ واغضضِ الأبْصارا
ما كلُّ ما يتمنى المرءُ يدرِكُه
تجري بنا الريحُ أفْلاكًا وأمْصَارا
ففي الحياةِ بدونِ الشوقِ متّسعٌ
لو أنّنا سَنعيشُ الشوقَ أعْمارا
فاللهُ يخلُفُ بالمودةِ عاشقًا
ذاق الفراقَ متيّمًا مُنهارا
فاطلبْ من اللهِ العزيزِ محبةً
تغنيكَ في الدنيا هوىً ووقارا
فليسَ منْ أمسى بعشقٍ مهلكٍ
كمنْ تحرّرَ عابدًا صبَّارا