19) مستقبل التجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم
بدأ التعليم العام في وطني كما أسلفت متواضعًا جدًا في البنى التحتية وفي التجهيزات المدرسية فكان أكثر الأوضاع تطورًا تراه في مبنى مدرسي خرساني يضم مجموعة من الفصول التي جهزت قاعاتها بالطاولات الخشبية المزدوجة المزودة بأدراج بداحلها والمرتبطة بكراسيها والتي لا يمكن تحريكها من مواقها لثقل وزنها وسبورة خشبية مثبتة في مقدمة قاعة الدرس وطباشير يستخدمها المعلمون للكتابة بها على السبورة ذات اللون الأسود قبل تجديد ألوانها إلى الزيتي الغامق ،
وتتوافر في بعض المدارس قاعة للرسم والأشغال مزودة ببعض أدوات التلوين والتشكيل الشمعية والخشبية والمائية ، ولم تكن بنية المناهج التعليمية في بدايات التعليم تتطلب أكثر من التلقين للطلاب إلا ما أجتهد فيه بعض المعلمين الأكثر تفاعلاً ونشاطًا لإعداد أدوات تعليمية مساعدة للتعليم وللتعلم تتمثل في الغالب في بعض الصور والخرائط المرسومة على الورق أو القماش ، ورويدًا رويدًا بدأ المعلمون الذين تلقوا تأهيلاً أعلى في استخدام ما وفرته الإدارات المشرفة على التعليم من الوسائل والمواد التعليمية والأجهزة وتدرج التطوير وظهرت بعض التحسينات في البيئات التعليمية وتزويدها بالمواد والوسائل والتجهيزات التعليمية الأحدث ظهورًا مثل الطاولات والكراسي والسبورات والصالات والقاعات والملاعب ، ومع تطور بناء المناهج وإدراج بعض الوسائل التعليمية فيها ومساعدة المعلمين بالأدلة الإرشادية للتدريس واستخدام المواد والوسائل التعليمية المتاحة والممكن إعدادها من قبلهم في تنويع أساليب وطرائق التدريس تطورت التجهيزات المدرسية وتطورت عمليات التزويد بالمواد والوسائط والتقنيات التعليمية إلى ما يشاهد اليوم في الكثير من المدارس ولله الحمد ، وأخذ التعليم منحى الابتعاد رويدًا رويدًا عن التلقين إلى أساليب جديدة تساعد الطلاب على التعلم بشكل أفضل من السابق وقد نشأت في الكثير من المدارس مراكز مصادر التعلم التي تطورت عن المكتبات المدرسية التي توافرت تدريجيًا في البعض منها قبل ذلك ، إلا أن النقد لا يزال يوجه من قبل المتخصصين والخبراء على وضع التعليم والتجهيزات المدرسية حتى اليوم .
وقد مرت مراكز مصادر التعلم عالمياً بعدة مراحل، اختلف فيها المفهوم والأهداف تبعاً لتطور أساليب وطرق التعليم، إلى أن وصلت إلى المفهوم الحديث لها، والذي تمثل في مركز مصادر التعلم، وفي الوطن العزيز كان المفهوم يركز على الدور التقليدي للمكتبة المدرسية، والذي يتمثل في جمع، وحفظ، وتنظيم الكتب المدرسية لخدمة المجتمع المدرسي ، ثم أعقبه في السبعينيات الميلادية ظهور التوجه نحو دخول الوسائل والتقنيات التعليمية ضمن مجموعات المكتبة المدرسية، وبدأ في هذه المرحلة استخدام مصطلح مراكز مصادر التعلم ، وفي الثمانينيات الميلادية تطور المفهوم ليشمل دمج التقنيات في التعليم، وانتشر استخدام وسائل وتقنيات التعليم في المكتبات المدرسية، فتحولت بذلك المكتبات المدرسية تدريجياً نحو المفهوم العام لمراكز مصادر التعلم ، وفي التسعينيات الميلادية استمر تطوير المكتبات المدرسية وتكاملها مع طرق ووسائل التعليم، بل أصبح استخدامها كوسيلة تعليمية هو وظيفتها الأساسية، وبهذا تبلورت مهمة اختصاصي مركز مصادر التعلم الحديثة والمسؤول عن تفعيل المركز للتعلم بالشراكة مع المعلمين، وفي نهاية التسعينات تقريباً تحول المفهوم والتطبيق بشكل واضح تماماً ؛ حيث وصلت مراكز التعلم إلى مرحلة تكامل المفهوم والتطبيق معاً، وقد أصدرت الجمعيات المهنية المتخصصة المعايير والسياسات التي تنظم أهداف، ومهام، وأنشطة، وخدمات تلك المراكز، والتوجه السائد حالياً في كثير من دول العالم يتجه نحو التحول الكامل إلى مراكز مصادر التعلم ، وقد فعل ذلك ولله الحمد في بعض المدارس في الوطن العزيز .
ويدرك التربويون اليوم بأنه لا يمكن أن نُعد الطالب القادر على اكتساب المعرفة التي يحتاجها بنفسه ما لم نزوده بالمهارات المعلوماتية التي تمكّنه من التعامل مع مصادر المعرفة المختلفة، ولكي نستطيع تزويده بهذه المهارات فلا بد من إتاحة المجال أمامه للتعرف على المصادر المختلفة للمعلومات ـ عدا المقررات الدراسية ـ وتوظيفها في تعلُّمّه، وتعد مراكز مصادر التعلم من أنسب الصيغ تمثيلاً لهذا الفهم، وقدرة على تحقيق هذا الهدف ، ولهذا يتفق معظم العاملين في المجال التربوي والخبراء والمتخصصين والباحثين الذين تناولوا عملية تطوير التعليم وإصلاحه، على ضرورة دعم المناهج الدراسية بمصادر إثرائية مساعدة، وتوفير بيئة تعليمية تعلُّمّية تساعد المتعلم على بناء شخصيته العلمية والثقافية، كما يرى البعض منهم أن إعداد الطالب للتعايش مع خصائص الألفيــة الميلادية الثالثة يحتاج إلى إكسابه بمهــارات جديدة مثل : التفكير الناقد والإبداع والابتكار والتعاون وفهم الثقافات الأخرى والقدرة على التعامل مع وسائل وتقنيات الاتصال والحوسبة المتطورة والاعتماد على النفس بالتعلم الذاتي، ويؤكدون على الدور الفاعل لمركز مصادر التعلم في العملية التعليمية والتعلُّمّية، فهو المكان الذي يمكن من خلاله بناء قدرات المتعلم التعلُمية، كما أن له أهمية بالغة في توفير متطلبات تحقيق أهداف المنهج، وتنفيذ الأساليب والاستراتيجيات التعليمية الفعّآلة، وهو يُعد تطويراً نوعياً للمكتبات المدرسية التي اقتصرت أنشطتها السابقة في جوانب الإثراء الثقافي من خلال المؤلفات والكتب التي قلَّ ما أقبل عليها الطلاب ، وقد امتلاءت أدبيات التربية والتعليم المعاصرة بشروح وافية حول أهمية مراكز مصادر التعلم باعتبارها من أهم التجهيزات المدرسية في مدارس التعليم العام المعاصرة والمستقبلة وبمواصفاتها ومعاييرها ومحتوياتها وكفايات أمنائها وكيفية توظيفها لتحقيق أهداف المناهج التعليمية المتطورة لمساعدة الطلاب على التعلم واكتساب مهارات الألفية الثالثة .
وقد قاد نقص المواد التعليمية وضعف كفاءة المعلمين في المراحل السابقة من تأريخ التعليم في وطني إلى عزوف أكثر المعلمين عن استخدام الوسائل التعليمية على الرغم من توافرها وتوافر الأجهزة التعليمية اللازمة لها والتي كلفت الدولة مبالغ كبيرة لتأمينها وتزويد أغلب المدارس بها، وقد أجرت الأسرة الوطنية لوسائل وتقنيات التعليم في العام 1419/ 1420 هـ دراسة هدفت إلى تحديد معوقات استخدام الوسائل التعليمية في التعليم العام بالمملكة من خلال مراجعة نتائج البحوث والدراسات السابقة ، وكان من نتائجها أن مشكلة عدم توفر المواد التعليمية بصفة عامة حصلت على نسبة اتفاق 100 % من جميع الدراسات السابقة التي تناولت مشكلات الوسائل التعليمية، مما جعل هذه المشكلة من بين المشكلات التي اجتهدت فيها الجهات المشرفة على التعليم لتلافيها ، وقد تمثل الحل الذي تبنته تلك الجهات في إنشاء إدارات للتجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم لإدارة عمليات التزويد والإنتاج وتوفير المواد التعليمية اللازمة التي تساعد على تحقيق أهداف المنهج ، وتلبية حاجات المعلمين والطلاب وإنتاج هذه الوسائل محلياً ما أمكن وتزويد المدارس بها لتنشيط عمليات التعليم والتعلم داخل البيئة التربوية المتفاعلة، وقد اهتمت على مدار العقود المنصرمة بتطوير أدائها وتطوير التجهيزات والمواد والوسائط التعليمية وتقنيات التعليم والتعلم ، وبدأت تظهر بعض آثارها الإيجابية في عمليات التزويد والتوجيه والإرشاد بالأدلة لتوظيفها من قبل المعلمين في عمليات التعليم والتعلم في مدارس التعليم العام .
وقد لمس المتابعون لتطور التجهيزات المدرسية في مدارسنا تلك النقلة المتطورة باستخدام وسائل التقنيات المعاصرة على أثر اعتماد تدريس مقررات الحاسب الآلي في المدارس الثانوية أولا ثم في المدارس المتوسطة وتبني مبدأ دمج التقنية في التعليم ودمجها في المناهج الدراسية حيث زودت المدارس بمعامل الحاسب الآلي فضلاً عن مراكز مصادر التعلم وزودت بعض المدارس بالسبورات الذكية التفاعلية وأتيح للطلاب استخدام أجهزتهم الذكية المحمولة في عمليات التعليم داخل القاعات الدراسية ، وقد تطورت أيضًا التجهيزات الأخرى في المدارس كالطاولات والكراسي من حيث النوعية والجودة والتوظيف ونشط البعض من المعلمين في استخدام بعض أساليب التعلم التعاوني والتعلم الجماعي والتعلم بالوسائط التعليمية والتعلم عن بعد ونشطت بعض إدارات التعليم في إصدار مجموعة من الوسائط التعليمية المتنوعة وأنشئت في البعض منها الاستديوهات التعليمية التي تبنت إنتاج المواد التعليمية المتنوعة ، وقد تفوقت بعض إدارات التجهيزات المدرسية في إدارات التعليم من خلال منتجاتها ولعل إدارة تعليم الخرج وتعليم المدينة المنورة التي شرفت بقيادتها سابقًا وإدارة وتعليم المنطقة الشرقية وإدارة تعليم جدة كانت من بين تلك الإدارات المتفوقة في عمليات إنتاج المواد الرقمية والبرمجيات التعليمية ، إلا أن تأهيل المعلمين ظل قاصرًا عن الوفاء بمتطلبات تفعيل المتوافر من تلك التجهيزات في عمليات التعلم المعاصرة مما استدعى تكثيف تدريبهم أثناء الخدمة لاكسابهم مهارات استخدام التقنيات التعليمية المتطورة وهو الأمر الذي أخفقت فيه الجهات المشرفة على التعليم حتى اليوم ، ولعل عجز وزارة التعليم عن الوفاء بمتطلبات تعميم منتجات المشروع الشامل لتطوير المناهج المتعلقة بالتجهيزات المدرسية وتوفير المواد والوسائط التعليمية اللازمة وتدريب المعلمين على استخدامها وفق ما خطط لها كان السبب الرئيس لاتخاذي القرار بترك العمل في قيادة إدارة تطوير المناهج وانتقالي إلى العمل في القيادة التربوية في إدارات التعليم وهو السبب الرئيس من وجهة نظري في قصور تطبيق المناهج التعليمية عن تحقيق ما تضمنته من توجهات معاصرة لتفعيل التعلم النشط وإكساب الطلاب مهارات الألفية الثالثة من خلال دمج المفاهيم التربوية المعاصرة ودمج التقنية في محتوياتها.
وقد أشرت قبلا إلى أن البيئات التعليمية في مدارس المستقبل تتصف بأنها بيئات معلمة ومتفاعلة تتيح التعلم الحر والنشط لجميع الطلاب وتحتوي على تجهيزات بيئية تفاعلية ، وفصول افتراضية موزعة بالمدرسة ، وتوفير مداخل متنوعة لشبكات محلية وعالمية، وبريد إلكتروني ، ومجموعات بريدية ، والاتصال عن بعد Telnet ، والاتصال المباشر On Line ، وتبادل الفيديو تحت الطلب ( VOD ) وتلفزيونات متفاعلة ، ومواد تعليمية فورية عالمية بما يمكن المعلمين والطلاب من حضور المؤتمرات والاجتماعات عن بعد ، وإجراء المناقشات والتفاعلات السريعة الأخرى مع جميع الأطراف التي يمكن أن تشارك في العملية التعليمية ، وتساعد بيئة مدرسة المستقبل على نشر المعلومات والوثائق إلكترونيا في صور ووسائل متعددة ، مما يوفر تشكيلة معلومات واسعة ومتعددة المصادر والأشكال ، و تتيح إمكانية استبدال المعلومات بأشكالها المختلفة عند الحاجة إلي ذلك، و إعطاء دور كامل لعمليات الاتصال المباشر بين المعلمين والطلاب والإدارة التعليمية والمنزل ، وإدارة قواعد البيانات التعليمية عن بعد بمراكز التعلم الافتراضية ، والمكتبات الإلكترونية والشبكات التعليمية، و تحقق التعلم النشط من خلال المتعة القائمة على الإبداع العلمي والفاعلية ، مما يسمح بتنمية الطالب في كافة الجوانب ، وهي بتلك المواصفات تتطلب تجهيزات مدرسية إليكترونية وتقنيات تعليم وتعلم متطورة كما تتطلب توافر كفاءات متطورة من المعلمين المبدعين القادرين على النمو الذاتي المستمر ، وإذا ما أردنا المنافسة العالمية في نوعية التعليم وجودته وفي مخرجاته فلا بد من إحداث تطوير حقيقي في البيئات التعليمية من خلال تزويدها بالمتطلبات المأمولة من التجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم وتدريب المعلمين على توظيفها للتعليم والتعلم .
ولاستشراف مستقبل التجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم ينبغي الأخذ في الاعتبار نوعية الفكر التربوي السائد لدى القائمين على التعليم والإشراف على عمليات تطويره وما بلغه التطوير العالمي في إتجاه دمج التقنية في التعليم وأوضاع مدارس التعليم العام ومبانيها المعاصرة والمستقبلة وأوضاع الدولة الاقتصادية المعاصرة والمتوقعة مستقبلا وتحليل الخطط الاستراتيجية ذات الصلة بتحقيق الآمال الوطنية بتحسين البيئات التعليمية والإعداد لتنفيذ مشاريع التطوير عامة ومشروع تطوير المدارس وصولا إلى تحقيق هدف تعميم نماذج مدارس المستقبل وسأحاول عرض بعض المشاهد والسيناريوهات المتوقع حدوثها بشأن مستقبل التجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم في ضوء قراءة تأريخ التعليم ورصد تطوراته المتتابعة واستقراء خططه المستقبلية ولعل أبرز تلك المشاهد ما يلي :
المشهد الأول : استمرار مشكلات المباني المدرسية التي يتطلب التغلب عليها مخصصات مالية تفوق قدرات الدولة الواقعية والمستقبلة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وانخفاض مستوى الدخل الوطني بانخفاض أسعار البترول الدولية وتطور بعض الأحداث الأمنية الداخلية والخارجية ، وقد تتفاقم المشكلات بسبب ازدياد الطلب على إنشاء المدارس لارتفاع نسبة المواليد وزيادة عدد السكان في ضوء عدم القدرة على إنشاء المباني لها مما سيضطر الوزارة إلى الاعتماد على المباني المستأجرة مما سيزيد من نسبتها سنويًا وتكريس مشكلة عدم كفاءة المباني المدرسية لاسيعاب بيئات تعلم تقنية مزودة بالتجهيزات والتقنيات اللازمة، وقد يترتب على ذلك تحسين جزئي متوقع في عمليات التزويد بالتجهيزات المدرسية المتطورة وتقنيات التعليم وفقًا لملاءة الدولة الاقتصادية وحالة المباني المدرسية المتوافرة ، ويتوقع التراجع في عملية تعميم مدارس تطوير المدخل المتوقع لتحقيق نموذج مدارس المستقبل ، وستسمر الانتقدات الموجه إلى التعليم وخططه وعملياته ومخرجاته في ظل التطورات المتوالية في مجالات التقنيات والاتصالات والمعلوماتية.
المشهد الثاني : تحسن الأوضاع الاقتصادية للدولة مع القناعة التامة لدى الحكومة وقيادات التعليم لإحداث تطوير فعلي في التعليم العام بتبني نموذج مدارس المستقبل وتوفير متطلباتها الأساسية وزيادة الاعتمادات المالية اللازمة لتطوير المباني المدرسية والتخلص من المباني المستأجرة وتزويدها بالتجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم وتدريب المعلمين على تفعيلها لتحقيق تعلم نوعي ذي جودة عالية منافسة عالميًا ، وتضمين خطط وزارة التعليم المستقبلة ما يضمن تحقيق هذا التوجه تدريجيًا مع استمراره وفقًا للملاءة المالية المتوافرة، ويتوقع أن يشهد المستقبل مع هذا الاحتمال تطورًا كبيرًا في استخدام أساليب التعليم والتعلم النشطة وتوظيف تقنيات التعليم لإكساب الطلاب مهارات الألفية الثالثة كما سيشهد مخرجات تعليم نوعية تفي بمتطلبات التنمية المتطورة .
المشهد الثالث : تبني وزارة التعليم الجديدة للخطة الوطنية الاستراتيجية لتطوير التعليم 1444 وحصولها على الدعم المالي اللازم لتنفيذ برامج الخطة ومنها ما يتعلق بالمباني المدرسية وتطويرها وتوفير التجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم اللازمة ويتطلب هذا المشهد تحسن أوضاع الدولة اقتصاديًا كليًا أو جزئيًا ، وفي هذه الحالة سيلمس الميدان التربوي في المدى المتوسط المنظور تطورًا جيدًا في اتجاه التوسع بتطبيق نموذج مدارس تطوير وصولا إلى نماذج مدارس المستقبل التي تتطلب مباني بمواصفات ومعايير خاصة وتجهيزات وتقنيات متطورة يتم إنشاء المباني الجديدة وفقًا لها ويتم التعديل للمباني الحكومية القائمة وإعادة تأهيلها لتحقق تلك المواصفات، وسيتم تسريع خطوات التطوير متى ما تبنت الدولة زيادة الاعتمادات المالية لتحقيق التطوير المأمول ، وسوف يترتب على هذا الاحتمال بإذن الله تحسن ملحوظ في نوعية التعليم ومخرجاته بقدر التطوير الذي ستشهده المدارس وبيئاتها وتجهيزاتها التعليمية وبقدر نجاح وزارة التعليم في تدريب المعلمين على التفاعل معها وتوظيفها للتعليم والتعلم.
المشهد الرابع : تبني سياسة التوسع في خصخصة التعليم بمعايير جديدة تساعد على نشأة مدارس المستقبل بمواصفاتها المتطورة ورفع مستوى دعم المدارس التي تحقق نتائج إيجابية في طريق تطبيق نماذج التعليم المتطورة وفقًا لنتائج تقويم التعليم المعيارية ، وهو ما سيشجع المؤسسات التعليمية الأهلية على تبني نماذج مدارس المستقبل بشكل أسرع من المأمول للتنافس ، وقد يتم في المستقبل إسناد تشغيل المدارس الحكومية لمؤسسات أهلية تتنافس في تطبيقات نماذج مدارس المستقبل وترشيد نفقات التعليم الحكومية على التعليم ، وقد يترتب على هذا المشهد تحسن متوقع في مستوى توافر التجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم في المدارس وتوظيفها لتحقيق تعليم وتعلم نوعي متى ما استمر تدريب المعلمين ورفع كفاياتهم لتحقيق ذلك.
المشهد الخامس : وهو المشهد المتشائم بين جميع المشاهد المحتملة ويتمثل في تراجع مستوى التعليم بتراجع الإنفاق على عمليات التطوير والتحديث وقد يشهد المستقبل تصفية شركة تطوير وإسناد عمليات التطوير مرة أخرى على وزارة التعليم والتي ستعمل وفق إمكاناتها المادية وستركز في هذه الحالة على النماذج وتبتعد عن تعميم المشروعات التطويرية التي تتطلب مزيدًا من النفقات المالية،وقد تستمر مشكلات البيئات التعليمية وتجهيزاتها ونقص تقنيات التعليم فيها وتتزايد أعداد المدارس المستأجرة ، وقد تتزايد مشكلات البيئات التعليمية ونقص التجهيزات وتقنيات التعليم مما سيشكل عائقًا حقيقيًا في طريق تطبيق نماذج مدارس المستقبل ونماذج التطوير في المناهج التعليمية وتقنيات التعليم .
وعلى كل الفرضيات والاحتمالات والمشاهد المتوقعة فإن على وزارة التعليم القائمة والمستقبلة أن تعمل جديًا على تنفيذ الخطة الإستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العام 1444 وصولا إلى استقلال إدارات التعليم والمدارس والتوسع في تنفيذ مشروع تطوير مدارس التعليم العام في طريق تعميم نموذج مدارس المستقبل وتوفير جميع متطلباتها المتعلقة بالتجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم وتدريب المعلمين على توظيفها للتعليم والتعلم إذا ما أرادنا المنافسة العالمية في مخرجات التعليم ، وعلى الدولة الاستمرار في دعم تطوير التعليم ، ونسأل الله أن يوفق القيادات العليا والقائمين على التعليم إلى سلوك طريق التطوير المأمول للتعليم بكل أنواعه لتحقيق الآمال والغايات السامية للحكومة والمواطنين ، والله الموفق والمستعان .