الرئيسية / مقالات / سلسلة خميسيات حالمة (12) في الحركة بركة

سلسلة خميسيات حالمة (12) في الحركة بركة

(12) في الحركة بركة !!

عندما ضرب هذا المثل ضرب لدفع الإنسان نحو ناتج الحركة الاعتيادية في جوانب طلب الرزق واكتساب منافع الصحة ، ولتأكيد مبدأ الجد لبلوغ الأهداف ، وللعزيمة على تحمل النقلات المباركة في الحال، لكنني عندما أورده هنا أورده في سياق يصف الحركة بالتغيير والتطوير الإيجابي في الممارسة عمومًا وفي تطبيق بعض الاستراتيجيات التربوية والتعليمية من أجل تحقيق منفعة أجدى وأنفع للنفس وللآخرين ، وتتحدد الحركة قصدًا في مقالتي هذه بحركة عناصر الموقف التربوي داخل المواقف التربوية بتنوعها وخاصة داخل الفصول الدراسية ، فحتى لا يصاب الأخوة المعلمون والأبناء الطلاب بملل الموقف من تكرار المشهد ، وحتى نتلافى التناسخ التأثيري للمواقف التعليمية في العناصر المتفاعلة فيها مع بعضها ضمن الحدود الدنيا للجوانب المأمولة من هذا التفاعل ، فإن الحركة في هذا المقام بركة ..

إن الكثيرين من المعلمين وتحت ضغط ما يعتقدون بأنه الصفة المثلى لإدارة الموقف التربوي والتعليمي وما يدفعهم إليه من شعور بأنه الأمثل في نظر القائمين على تقويم أدائهم من إداريين ومشرفين تربويين ، وفي إطار الثقافة السائدة عن نوع الحركة في الموقف التربوي التي اكتسبت بفعل حراك مماثل في دور الإعداد والتأهيل والتكوين ، واكتسبت في إطار اعتقاد دافع من المجتمع بأن للحركة في الموقف التربوي صفة مثلى لو تعدتها غلب عليها الناتج غير المرغوب فيه عند محاور العمل التربوي والتعليمي مرتكز فعل الحركة المقصودة في هذه المقالة ، ولهذا يؤثر المعلمون المسايرة وتلبية احتياجات أهل الحكم والقرار لضمان الحد المطلوب من الأمن ، ويمارسون من أنواع الحركة في الموقف التربوي ما يتوافق مع هذا الاتجاه والاعتقاد ، وعليه تظهر الحركة المستهدفة على شكل محدود الصفة والتنوع قد لا يفضي إلى البركة المأمولة وما يترتب عليها من بركات على الفرد أو المجتمع. وهنا تغدو الحركة محدودة البركة .

ومن المؤسف حقًا أن يصدر الحكم على نوع الحركة الفاعلة في الموقف التربوي من الطلاب أنفسهم فيرون فيها جديدًا لا يمنح الأثر المرغوب أو فوضى لا تتيح للقاعدين الاستمتاع بالقعود فيؤثرون الحركة التقليدية عن الحركة الديناميكية ، وقد يكون لأحكامهم مبررات منطقية إذا ما ارتبطت بثقافة المعلمين ومهارتهم الضعيفة في استخدام طرائق التنوع الحركي مما يقلب الموقف المنظم إلى فوضى غير مجدية ومضيعة للوقت دون تحقيق أهداف محددة ، وهو ما ينفر منه الراغبون في التعلم من الطلاب والخروج من المواقف بالنافع المفيد وما ينطبق عليه القول بأن في الحركة عركة وليست بركة .

من هذه المشاهد والاتجاهات نحو نوع الحركة وفي ظل التغييرات والمستجدات في النظريات التربوية والنفسية وفي ظل التطور المتواتر في الاستراتيجيات التعلمية وفي ظل إدماج التقنيات والمعلوماتية في التعليم والتعلم وفي ظل الطموح للمنافسة على منتجات ومخرجات ذات جودة عالية للمواقف التربوية والتعليمية ، وفي ظل رغبتي الملحة في تغيير ثقافة المجتمع التربوي خاصة والمجتمع عامة تجاه مايحدثه نوع الحركة أدعوا إلى تثقيف كامل شامل واسع النطاق على مستوى المدارس طلابًا ومعلمين وعلى مستوى المشرفين التربويين وعلى مستوى المجتمع عامة بصفات الحركة الإيجابية لتفعيل المواقف التربوية وتنشيطها بما يؤدي إلى مكتسبات مرغوبة يقتنع بها المؤثرون والمتأثرون على السواء ، ونشر مفهوم المثل المضروب لدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج الذي يؤكد على أن ، في الحركة بركة .

وهذا مثال يؤيد المثل : حيث كنت في إحدى الزيارات الميدانية لمدرسة خارج المملكة العربية السعودية أشاهد الطلاب في الفصول الدراسية يجلسون بأوضاع مختلفة ويمارسون أساليب وطرق تعلم مختلفة وأجزم بأنني لم أر فصلين يستخدمان ذات الأسلوب ، وقد وقفت أنظر عجبًا في فصل تبدو عليه الفوضى الشديدة فهناك بعض من الطلاب يفترشون الأرض ومنهم من يقف إلى جوار النافذة يشيرون إلى أشياء خارج البيئة الصفية ومنهم من انضم إلى مجموعة تتناقش في مجموعة من المسائل والموضوعات ، ومجموعة أخرى تقف إلى مكتبة الفصل يقلب كل منهم صفحات الكتب التي يميلون إليها أو لها ارتباط بموضوع الدرس وآخرين يتصفحون الإنترنت باستخدام أجهزة حاسبات محمولة ، ومنهم من يجلس أو يقف أمام المعلم يناقشه في أمر ما ، المنظر لأول وهلة يشير إلى أن هناك فوضى ، لكن بمكوثك بينهم برهة تستنتج بأن هذا أسلوب تعلم راق صنعه المعلم بمشاركة الطلاب وخططوا لإجراءاته وعملياته وأبدعوا في تنفيذه بما يساعد على التعلم الحقيقي ، وقد خرج منه الطلاب فعلا بمكتسبات تفوق ما يمكن أن يكتسبونه في أكثر من شهر في تكرار موقف تقليدي قاتل للإبداع يؤكد التبعية والانقياد والاتكالية المطلقة على ما ينطقه المعلم دون ما يفعله أو يشرف على فعله . وفي مثل هذا الموقف ستردد حتمًا ما رددته في نفسي آنذاك ، نعم إن في الحركة بركة.

ولهذا أناشد كل المعلمين في وطني الحبيب وفي أمتي الحبيبة أن ينطلقوا من مبدأ في الحركة بركة لتغيير نمطية مواقفنا التربوية التي لا تدفع نحو الإبداع والموهبة ، وعلينا أن نجرب القيادة الحقيقية للمواقف التربوية بأصعب تراكيبها ، وأن ندع الدعة والخمول والكسل فهما لا يصنعان تاريخًا براقًا ولا يصلان إلى مستقبل مشرق ولا يعدان الأجيال القادمة إلى الطموح والمنافسة العالمية المأمولة ،، والله المستعان، ندعوه أن يجعل لنا في كل حركة بركة .

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلمتي بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الواحد والتسعين 1443-2021

الحمد لله الذي لا إله إلا هو المنعمِ المعطي الوهابِ ربِّ العالمين، ...