29) البحث العلمي في عصر الإنترنت ومشكلة التوثيق !!
يدرك الباحثون ما للتوثيق العلمي من أهمية بالغة في البحث العلمي على اعتباره أحد متطلباته الرئيسة، بل تعتبره غالبية المؤسسات البحثية والعلمية وغالبية الأكاديميين مقومًا رئيسًا من مقومات البحث العلمي وأساسًا من ألأسس اللازمة لاعتماده و إثبات مصداقيته وتحديد جودته ، وقد تعددت أساليب التوثيق العلمي بتعدد مناهج البحث وأساليبه المتبعة في بعض المؤسسات العلمية أو تبعًا للثقافة البحثية المعتمدة لدى الباحثين أو المشرفين عليهم من الأكاديميين وغيرهم ،
ومع ظهور مصادر العلم والبحث والتعلم الإليكترونية ومنها شبكة الإنترنت تباينت مواقف المؤسسات البحثية من الباحثين الذين يستخدمونها كمصادر رئيسة أو ثانوية في كتابة بحوثهم وتوثيقها ، وتأرجحت المواقف بين الرفض والقبول ، ومع التوسع الكبير في عصر المعرفة وطغيان استخدام الإنترنت في التواصل والعلم والتعلم ونشر متعلقاتها توجه الكثير من الباحثين إلى الاعتماد عليها لإعداد بحوثهم المتنوعة الأهداف والمناهج ، وكان لا بد لمؤسسات البحث العلمي من التفاعل مع هذا المصدر الجديد للمعلومات وإيجاد المعايير العلمية لاستخدامه مصدرًا من مصادر البحث العلمي ، وقد برز بعض الأكاديميين والباحثين في مجال معيرة التوثيق العلمي لمصادر البحث العلمي عبر الإنترنت ونوافذ المعلومات الإليكترونية ، ومن بين أولئك الدكتور عباس مصطفى صادق، صاحب كتاب الإنترنت والبحث العلمي ، الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، والذي استهدف فيه بصفة أساسية تزويد الباحثين والمهتمين بمعرفة معلوماتية نظرية وتطبيقية حول استخدام الإنترنت في البحث العلمي، منطلقا من إشكالية حداثة الإنترنت التي دخلت متأخرة إلى الثقافة العربية (تحديدا في تسعينيات القرن الماضي) محدثة هزة وصدمة للباحثين فيما يتعلق بكيفية الحصول على المعلومات وسط هذا الفيض العارم من المعرفة والمعلوماتية من خلال مصادر لا تعد ولا تحصى في الشبكة العنكبوتية، وبهاجس سؤال مدى مصداقيتها وكيفية توثيقها في البحوث العلمية . ويعتبر هذا الكتاب من الكتب الحديثة في مجاله ويمكن أن يكون معيناً للدارسين والباحثين وسط هذا التدفق المعلوماتي الهائل، الذي بات معروفا بأنه نتاج يتشكل من الظواهر والحقائق المحسوسة المتمثلة في البيانات، ومن التعليمات المطلوبة لفهمها وتفسيرها وتوظيفها ، وأمام الانفجار الواسع النطاق في الكم والنوع للمعلومات التي يجري تأليفها وتحديثها وتوظيفها بلا انقطاع على مدار الوقت. إنها المعلومات التي ما تلبث أن تتكامل بشكل حيوي متصل في الحياة اليومية للإنسان/الفرد، ومن ثم المجموعة والمؤسسة والمجتمع ككل، الأمر الذي يقود البشرية إلى عصر معرفي ومعلوماتي مذهل تُمارس فيه الحياة من أبسط أشكالها إلى أعلى مستويات التعقيد بناءً على معلوماتية يتم توظيفها على الفور. لذلك فإن المؤلف عباس مصطفى صادق في كتابه “الإنترنت والبحث العلمي”، يستجيب لحاجة الباحثين وأساتذة وطلاب الجامعات والمهتمين بالبحث العلمي المتعاملين تطورًا مع مصادر المعلومات في الإنترنت بشكل مقنن وبأدوات علمية ووفق أصول منهجية كي لا يتوهون وسط فيضان المعلومات أو عدم صدقها ودقتها.
وهنا أدعو المهتمين بمجال المعلوماتية إلى أهمية التفكير بإيجاد طرق موثوقة للتوثيق العلمي باستخدام الإنترنت وقنوات المعلوماتية المتنوعة والإسراع في عمليات تعريب الأدوات والبرامج بما يدعم اللغة العربية كالترجمة الآلية والتدقيق الإملائي والنحوي والتحليل الصرفي وإمكانية التعرف على الكلام وتحويله إلى نصوص والتعرف الضوئي على النصوص ونحوها لحفظ حقوق التأليف والكتابة وضمان التوثيق العلمي عند الرغبة في استثمار هذا المصدر الحديث والحيوي للمعلومات والبحث العلمي ، وأدعو الأكاديميين الذين لا يزالون يصرون على استخدام الطرق التقليدية في التوثيق العلمي للبحوث العلمية إلى التفكير في طرق حديثة للتوثيق العلمي باستخدام قنوات الإنترنت والمعلوماتية المتطورة، وعلى طلاب العلم والباحثين الاستفادة الرشيدة من الإنترنت في إعداد البحوث العلمية بمصداقية عالية وأمينة وحفظ حقوق الآخرين إلى حين اكتشاف طرق التأمين الإليكتروني على المحتويات المعلوماتية في الإنترنت ، والله الموفق ،،،،،
لن تخيب الأمة الاسلامية طالما يوجد بها فكر كفكرك ، وعلَم مثلك .
دمت لنا نهراً يغسل غشاوةالبصروالبصيرة .
كنت هنا