الرئيسية / مقالات / سلسلة خميسيات حالمة (31) عندما يصبح كل المعلمين مشرفين تربويين !!

سلسلة خميسيات حالمة (31) عندما يصبح كل المعلمين مشرفين تربويين !!

31) عندما يصبح كل المعلمين مشرفين تربويين !!

سألني أحد المعلمين على هامش لقاء تربوي قائلا : هل توافق على أنه حان الوقت للاستغناء عن المشرفين التربويين ؟ فأجبته على عجالة دون تفصيلات : لا أوافق على أنه قد حان الوقت ، وأتوقع أنه سيحين بإذن الله تعالى عندما يصبح كل المعلمين مشرفين تربويين . ولا أعلم هل فهم الأستاذ السائل قصدي ، كما أنني لا أعلم أيضًا هل سيفهم قارئ مقالتي هذه ماذا أقصد من إجابتي السالفة قبل تفصيلها ؟ ، ولتوضيح القصد من إجابتي للأخوة القراء فسأفصل قليلا في مقصود إجابتي عن سؤال السائل الكريم .

تلجأ في العادة بعض الأنظمة التربوية والتعليمية إلى تضمين تشكيلاتها التنظيمية إدارات أو أقسام أو وحدات للإشراف التربوي وتحدد أهدافها لتشمل قياس مستوى أداء القائمين على العملية التربوية والتعليمية من إداريين ومعلمين ومرشدين ورواد نشاط ونحوه ، وتشخيص العملية التربوية والتعليمية بعناصرها المختلفة واقتراح الحلول المناسبة للمعوقات التي تعترض تحقيق أهدافها ، ورفع مستوى الأداء لدى القائمين على العمل التربوي من خلال أساليب التدريب التربوي المتنوعة ، وإثراء الاستراتيجيات وأساليب التعليم والتعلم بالمستجدات من خلال البحث والتجريب ونحوها . وقد يوكل إلى الإشراف التربوي في بعض الدول التي تعتمده في التشكيل التربوي والتعليمي إعادة تأهيل القائمين على العملية التربوية والتعليمية عندما تكتشف نواحي قصور في تأهيلهم وإعدادهم الأساسية ، وتسند بعض الأنظمة التربوية إلى الإشراف التربوي بعض المهام الإدارية ذات الصلة بالمسح وجمع المعلومات والبيانات ونحوها ، وبعض مهام المتابعة الإدارية وعلاج المشكلات والقضايا التي يكون القائمون على العمل التربوي والتعليمي طرفًا فيها .

وعندما تسند مهام الإشراف التربوي السابقة ذات الصلة بالأداء والنمو المهني والبحث التربوي والتشخيص وعلاج المشكلات وإثراء العمليات التربوية والتعليمية وتطويرها إلى المعلمين أنفسهم ، وعندما يعتمد الإشراف الإليكتروني فسيكون المعلمون بهذا التوجه مشرفين تربويين ، وعندما تسند المهام الإدارية ومهام المتابعة والتحقيقات إلى المتخصصين فيها ، فلن يكون للإشراف التربوي مكان منطقي في الهيكل التنظيمي لإدارات التربية والتعليم والوزارات المعنية بالتعليم ، وهذا التوجه هو ما اعتمدته مجموعة من الدول المتقدمة في مجال التربية والتعليم مثل سنغافورة بعد توفير متطلباته ، حيث يقوم المعلم بأدواره المتنوعة بكل اقتدار بعد تأهيل متكامل وشامل لجميع أدواره المعاصرة في التعليم والتدريب والبحث والقيادة التربوية وريادة الأنشطة وتطوير الاستراتيجيات والإشراف التربوي وهو ما يحقق هدف الإشراف التربوي الذاتي له ولكل القائمين على العملية التربوية والتعليمية ، ويصنف المعلمون وفقًا لتأهيلهم وخبراتهم ويوكل إليهم مهام الإشراف على بعضهم بعضًا وفقًا لرتبهم وخبراتهم مع ممارسة كل منهم لعمله الأساسي معلمًا ومدربًا وباحثًا متطورًا باستمرار وتجدد رخصته المهنية بناء على معايير تشترط النمو المهني والتطور والإبداع والجودة في الأداء، وتفتح للجميع قنوات إليكترونية للإشراف والتدريب الذاتي ، وبذلك يكون كل معلم مشرفًا تربويًا .

ولعل مثل هذا التوجه المثالي يظل تحقيقه حلمًا متجددًا لدى كل المسؤولين الطامحين في التطوير التربوي ولدى كل المهتمين بجودة العمل التربوي والتعليمي على امتداد دول العالم بأسره ، كما أنه سيظل مشكلة أمام الأنظمة التربوية في بعض الدول النامية وغير النامية نتيجة عدم توفر متطلباته الأساسية مثل جودة التأهيل والإعداد ، وعدم توازن التوظيف مع متطلبات تطبيق الحلم ، وعدم وجود التشريعات والقوانين اللازمة لضبط الترخيص لمزاولة مهنة التربية والتعليم ، وعدم ملاءمة البيئات التربوية والتعليمية لتطبيقه، وعدم توفير البوابات الإليكترونية للإشراف التربوي والتدريب الذاتي ، وعدم وجود الإرادة المطلوبة لتجريبه  والتوسع في تطبيقه تدريجيًا وصولاً إلى شموله واعتماده .

         فإلى أن  يتأكد المعلمون بأنهم مشرفون تربويون في ظل نظام تربوي يدعم هذا التوجه ، وإلى أن يصبح كل معلم قادرًا على استخدام نوافذ وبوابات الإشراف التربوي الإليكتروني والتدريب الذاتي ، فسنظل في حاجة ماسة إلى الإشراف التربوي الذي يضطلع بمسؤولياته التربوية والتعليمية المتنوعة ، وسنظل نسأل كما سأل أخونا المعلم : وسنجيب حتمًا بالنفي لإدراكنا أن الإشراف التربوي اليوم هو الميزان المطلوب لتطوير المدخلات والعمليات والمخرجات التربوية والتعليمية ،، وسنحتاج إلى نافذة مفتوحة على الدوام أمام كل معلم على النظام التربوي في سنغافورة حتى يتعلم الجميع ماذا ينبغي لنا عمله ليصبح كل معلم مشرفًا تربويًا ،،،، والله الموفق 

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلمتي بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الواحد والتسعين 1443-2021

الحمد لله الذي لا إله إلا هو المنعمِ المعطي الوهابِ ربِّ العالمين، ...