الرئيسية / مقالات / سلسلة خميسيات حالمة (35) التفكير الأبعد من التقليدي !!

سلسلة خميسيات حالمة (35) التفكير الأبعد من التقليدي !!

35) التفكير الأبعد من التقليدي !!

          يتمتع مجموعة من الأفراد بقدرات فائقة على التفكير المنطقي تتعدي الواقع والتفكير التقليدي إلى الإبداع ، وهو المدخل الموضوعي للابتكار والإنشاء والتوليد والتصنيع الذي ميز الله به الإنسان عن سائر المخلوقات ، وكرمه الله بأدواته ، ولتعيش مرحلة قياس لهذا النوع من التفكير حاول أن تجيب عن السؤال التالي :

ما هي عجائب الدنيا السبعة ؟

           إذا ذهبت عند إجابتك عن هذا السؤال إلى ما رصدته الأدبيات من توليد وإنشاء وتوليف سبقك إليها غيرك ولم تعمل عقلك في الإجابة أبعد من مرحلة  التذكر ، فأنت تحتاج إلى تدريب قدراتك على التفكير المنطقي و الابتكاري ، وإن عجلت في الإجابة بأنها : الأهرامات ، وحدائق بابل المعلقة ، وسور الصين العظيم ، وبرج بيزا ، وبرج أيفل ، وقناة بنما ، وتمثال الحرية .. ونحوها … فأنت قررت أن تكون في أبسط درجات التفكير الاعتيادي ، ولعلك أخي القارئ بعد أن صنفت تفكيرك من خلال الإجابة عن السؤال السابق تحاول مرة أخرى إعمال عقلك كما خلقه الله مبدعًا متدبرًا مبتكرًا متوهجًا بالإعجاز الذي خصه الله به بين المخلوقات ، وقارن بين قدراتك وقدرات الفتاة التي أذهلت معلمتها وزميلاتها الطالبات عندما أجابت عن السؤال السابق .

          ففي إحدى حصص الاحتياط التي يعتاد على شغلها المعلمون في المدارس دخلت معلمة إلى فصل الصف السادس الابتدائي ، ولتشغل الطالبات بعض الزمن أمسكت بقلم السبورة وكتبت السؤال السابق على السبورة ، وطلبت من الطالبات الإجابة عنه ، وبعد مرور مدة زمنية من الحصة تسلمت المعلمة إجابات الطالبات إلا واحدة لطالبة كانت لا تزال تعمل عقلها في تحديد الإجابات المنطقية عن السؤال المطروح ، وقد جاءت إجابات الطالبات التي تسلمتها المعلمة متفاوتة من حيث الترتيب ، إلا أن جميع إجاباتهن كانت تدور في فلك الإجابات التقليدية القائمة على التذكر واستجلاب ما أبدعه وتوصل إليه السابقون وفق معاييرهم الخاصة ذات الصلة بموضوع السؤال ، وجميعها تضمنت أسماء العجائب وفق ما وردت في الأدبيات ، وسألت المعلمة الطالبة التي لم تسلم إجابتها بعد : لماذا تأخرت في الإجابة ؟ كل زميلاتك قدمن الإجابات ، فردت الطالبة ، لقد توصلت إلى ست عجائب وبقي علي التفكير في السابعة ، آمل أن تمنحيني وقتًا إضافيًا للتوصل إليها ، ردت المعلمة وهل تفكرين في اختراع ؟ المسألة تتعلق بعجائب الدنيا السبعة . قالت الطالبة : أعلم يا أستاذة لكني لم أتوصل حتى الآن إلا إلى ست .. قالت المعلمة ، سنقبل منك الإجابة فهيا أقرأي ما كتبت . قالت الطالبة: عجائب الدنيا السبع هي : العقل ، والسمع ، و البصر ، والشم ، والتذوق ، والإحساس … واسمحي لي بالوقت لتحديد السابعة .

          فضحكت المعلمة وضحكن الطالبات معها ، والطالبة غير التقليدية تنظر إليهن بتعجب وتساؤل لماذا يضحكن ؟ وقالت المعلمة باستنكار : يابنتي سؤالي عن عجائب الدنيا السبعة وليس سؤالي عن الحواس الخمسة . فقالت الطالبة بتعجب ، أعلم أن السؤال عن عجائب الدنيا أستاذتي ، وما كتبته إنما يمثل عجائب خلق الله لا عجائب خلق الإنسان ، فلولا عجائب خلق الله في الإنسان لما وجدت عجائب الدنيا التي صنعها الإنسان ، وقد بدأت بالأصل قبل الفرع ، وبالمسبب قبل السبب ، واسمحي لي أن أذكر العجيبة السابعة فلقد توصلت إليها الآن .

قالت المعلمة باستهتار وما هي يا ذكية ؟ قالت الطالبة : هي القلب ، فقد أودع الله فيه كل شيء مما هو عجيب ، فهو يعقل : ألهم قلوب يعقلون بها ، والبصر ، فهو يبصر ويعمى  : وما تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ، والإحساس من حب وتقدير وكره وحقد وغل ، ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا ، فأوقفت المعلمة الطالبة عن الشرح ، وقالت : بقي عليك أن تقولين بأن القلب يشم ويتذوق … فردت الطالبة بنعم ….

وهنا هل تستطيع أخي القارئ أن تنوب عن الطالبة المبدعة في الإجابة . كيف يشم القلب وكيف يتذوق ؟ وهل أنت تقف في صف المعلمة والطالبات بأن ما توصلت إليه الطالبة من إجابة إنما هو هراء ؟ أم أنك تقدر ما توصلت إليه من تفكير إبداعي غير تقليدي وتؤيد بأن عجائب الدنيا السبعة هي ما ذكرته الطالبة لا ما سجلته أدبيات الأدباء ، أم أنك ترى عجائب أخرى هي أولى بذكرها عند الإجابة عن السؤال عن عجائب الدنيا السبعة ؟

إن التفكير الابتكاري هو التفكير الذي يخرج عن المألوف ، ويقوم على أسس بناء العلاقات وتجميع الشواهد ورفع مستوى إعمال العقل إلى أبعد من التذكر والفهم والتحليل … فهل لنا أن ندرب أولادنا على التفكير الحر دون قيود ليصلون إلى الإبداع الذي كتبه الله لهم ؟ والله الموفق ،،،،

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلمتي بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الواحد والتسعين 1443-2021

الحمد لله الذي لا إله إلا هو المنعمِ المعطي الوهابِ ربِّ العالمين، ...