الفائز بالإجماع !!
اتفق أعضاء لجنة المقابلات الشخصية على طرح سؤالين فقط على مجموعة المرشحين المتقدمين للمقابلات الشخصية المتنافسين على منصب قيادي في إحدى جهات العمل ، وكان السؤال الأول المتفق عليه هو الآتي : لو كنت عضوًا مقابلا معنا وأعطيت فرصة طرح سؤال على زملائك ، فماهو سؤالك لهم ؟ ، أما السؤال الثاني فاتفق الأعضاء على طرحه بعد أن يستمعون إلى إجابات المرشحين عن السؤال الأول :
وعند بدء المقابلات تم تنفيذ الاتفاق ، فتفنن المرشحون في ابتكار الأسئلة التي يتوقعون عدم مقدرة زملائهم في الاجابة عنها لعلهم يحظون بثقة المقابلين من أعضاء لجنة المقابلة ، وليحقق كل منهم سبقًا ودرجات ترفع رصيده للفوز بالترشيح من بين الزملاء ، إلا واحدًا من المرشحين أذهل أعضاء لجنة المقابلات بسؤاله ، فقد كان سؤاله على النحو الآتي : ما اسمك الذي تحب أن تنادى به في الدنيا والآخرة ؟ .
وعند انقضاء الأدوار في الإجابة عن السؤال الأول اتفق الأعضاء على طرح السؤال التالي ، لقد استمعت إلى أسئلة زملائك فما إجابتك عنها ، وما إجابتك عن سؤالك ؟ ، وهنا بدأت سوأت من تفنن في اختيار السؤال الصعب ، وتورط الكثيرون في الإجابة عن أسئلتهم وأسئلة زملائهم إلا سؤال المتفرد ، والمقابلين من أعضاء اللجنة يستمعون ويقيمون ، وعندما جاء دور المتفرد ، أجاب بكل بساطة عن أسئلة زملائه وعن سؤاله. وهنا بدأت مداولات تقييم الوضع من الأعضاء الذين اكتشفوا كثيرًا من الأخطاء في إجابات المرشحين عن أسئلتهم وأسئلة زملائهم باستثناء المتفرد ، فقرروا أن يستدعوا العضو المتفرد لسؤاله عن أسباب اختياره هذا السؤال السهل . فحضر بناء على استدعائهم ، فسألوه ، فقال لهم : اعلموا إنني عندما اخترت السؤال وضعت نفسي مكان كل زميل من زملائي المرشحين وما أحببت أن يسألنيه كل منهم دون أن يظهر لي عجزًا أمامكم أحببته لهم ، ولذلك اخترت سؤالا لا أشك في أن كلا منهم يستطيع الإجابة عنه بكل سهوله ، وأنا أومن بما قاله الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم ، لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وما أحببت أن أظهر أمامكم وأنا قليل الإيمان . ثم انصرف تاركًا أعضاء اللجنة في حيرة ودهشة .. وأعادوا النظر في درجات تقييمهم ، واقفين على نقاط الضعف ونقاط القوة ، متفقين على أن ما أقدم على فعله المرشح المتفرد لا يقوى على فعله إلا المتجرد من الأنا والمحب للخير للآخرين والقادر على قيادة ذاته بعيدًا عن شهواته ، والمؤتمن على عمله وزملائه ، ورددوا مع أحدهم : وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ، ولذلك قرروا جميعًا بالإجماع بأن يكون هذا العضو الفريد بين زملائه هو الفائز بالترشيح للمنصب القيادي المستهدف .
وهنا أسأل القارئ : لو كنت أحد أعضاء المقابلة من المقيمين ، فهل ستوافقهم الرأي على ترجيح فوز المرشح الفريد ؟ أم أن لك وجهة نظر أخرى ؟ لعل في إجابتك عن هذين السؤالين ، تصنيف فعلي لقدرتك على فرز المستحقين لثقة الجماعة ، والقادرين على قيادة العمل بمعايير العدل والرحمة والحب والخوف من الواحد الأحد وحده دون سواه ، وفي ذلك تقييم مؤقت لفكرك وشخصيتك وربما إيمانك .
وعلماء النفس يؤيدون الإكثار من طرح الأسئلة السابرة للنفس ، لفحص حالتها وتشخيص اتجاهاتها، وتعويدها تقبل جميع الاحتمالات والآراء ، وأميل إلى ما يعتقده النفسيون بأن إجاباتك عن أسئلتك تحدد نوع شخصيتك مميزاتها ومثالبها . والله الموفق والمستعان .