الرئيسية / مقالات / سلسلة خميسيات حالمة (7) لنقيّم أهدافنا بين الأجر والأجرة

سلسلة خميسيات حالمة (7) لنقيّم أهدافنا بين الأجر والأجرة

لنقيم أهدافنا بين الأجر والأجرة !!

سأفترض جدلا أن الحكومات أو الجهات والمؤسسات القائمة على رعاية المساجد والمدارس وهيئات الحسبة والقضاء اتخذت قرارا بأن توقف الرواتب والعطايا المالية لقاء العمل في هذه المهن وتركها متاحة فقط للمتطوعين ، وأسأل كم من مسجد سيرفع الأذان فيه ؟ وكم من إمام سيستمر قائما في محرابه ؟ وكم من معلم سيقوم بعمله وأداء رسالة التربية والتعليم ؟ وكم من محتسب سيواصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وكم من قاض سيستمر في الفصل في الخصومات ؟

وسأجيب متفائلا ، ربما 50% منهم سيستمرون في أداء ما يرون أنه من الواجب عليهم أداءه .. وهنا أؤكد بأن النصف الآخر لم تكن أهدافهم سوى الأجرة وليس الأجر وإن تظاهروا به ابتغاء منفعة دنيوية نفاقًا وتزلفًا وظهورا بمظهر المجاهدين في سبيل الله ،،، وهنا أشير إلى الحديث النبوي الذي رواه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ، ونصه كما يلي : عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) . رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما .

وهو يدل على أن عمل الإنسان بنيته ، ومن الكشف عن النيات ما ذكرته سابقًا لو أوقفت الأجور المالية فهل تطلب الأجور الأخروية ، وكم عدد الذين سيقبلون بنيات صافيه لما عند الله من الأجر فقط مقابل التطوع في أعمال الخير في المساجد والمحاكم والمدارس وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجميعها ميادين للأجر والثواب ؟ أولئك الذين نستطيع الجزم بأن نياتهم تكشف عنها أفعالهم ونقول لهم هنيئا لكم بما هو باق ولكم العوض فيما هو فان ما لم ينفق في سبيل الله .

ولأنني اهتم دائمًا بقضايا التربية والتعليم فإنني أرغب في الغوص أكثر في التساؤل عن ما يقابل الأجر المادي من العمل وأسأل العاملين في مجال التربية والتعليم وأقول : هل كل معلم يقوم بعمل التدريس أو كلف بعمل إداري أو إشرافي يحاسب نفسه عما يقبضه من الأجر المادي مقابل عمله التربوي والتعليمي ، وإذا كان ممن يحاسبون أنفسهم ، فكم معلم يجد أنه يقبض الأجر الشهري الحقيقي المعادل لما يقوم به من عمل ومهام ؟ واسمحوا لي أن أجيب متفائلا كما تفاءلت سابقًا وأقول أن 50% من المعلمين أو الإداريين أو المشرفين التربويين يقبضون ما يعادل أعمالهم حقيقة أو يقل عن أجرها الحقيقي ويحتسبون ما زاد من العمل عن الأجرة . وسؤالي للنصف الأخر منهم ، هل استفتيتم في حكم ما تقبضون من الأجر المالي الذي يزيد عما تقومون به من عمل أو مهام ؟ وهل تطيب أنفسكم به ؟

إن الأمر يقتضي أن نقف وقفة محاسبة حقيقية لذواتنا ومحاكمة أهدافنا ، فإن كانت لدنيا نصيبها فهي إلى ما نحن نصبوا إليه ، وإن كانت لمرضاة الله فهي إلى ذلك بإذن الله …

 وأدعو  كل أخواني وأخواتي من منسوبي التربية والتعليم أن يعقدوا العزم من الآن أن يبذلوا قصارى جهدهم من أجل الأجر الدائم والباقي عند الله وأن نعزم على الإستمرار في إخلاصنا حتى لو قطعت أجورنا المالية في الدنيا ، فحري بنا أن نبتغي بأعمالنا وجه الله وبإخلاصنا مرضاة الله ، ولا ننسى أن من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله .

ولا نستهجن المثالية في الاعتقاد والتفكير والاتجاه ،، فكل منا مطالب بتقوى الله والاستقامة وهما يتمثلان في توجيه الأهداف إلى مرضاة الله تعالى ، والعزيمة في تحمل الأعباء في سبيل تحقيق هذه الأهداف السامية حتى ولو قطعت الأجور المالية ….

وعند التفاعل مع مقالتي هذه فإنني آمل من المشاركين تحديد إجابتهم على السؤال التالي : هل ستتوقف عن العمل الذي تقوم به في حالة اتخذت الدولة أو المؤسسة قرارها بإيقاف أجرك اليومي أو الشهري المقابل له ؟ هل ستستمر محتسبا مبتغيًا الأجر من عند الله ؟ وأبارك لكل من كانت إجابته بنعم ، وأعزى الأخرين وأدعو الله للجميع بالتقوى والاستقامة … والله الموفق ،،،،

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلمتي بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الواحد والتسعين 1443-2021

الحمد لله الذي لا إله إلا هو المنعمِ المعطي الوهابِ ربِّ العالمين، ...