قَبْرِي

645

 

 

 

 

أَحْفِرُ قَبْرِي بِيَمِينِي وَأُسَوِّي الْقَبْرْ ،،
لِأُحْسَ بَأَنِّي رَحَّالٌ مَا فَقَدَ الصَّبْرْ ،،
وَأَزُورُ مِرَارًا مَقْبَرَتِي فِي وَقْتِ الْعَصْرْ ،،
لِأُحْسَ بَأَنِّي مَقْبُـورٌ لَو طَالَ الْعُمْرْ ،،

وَأُطِيلُ بِعَيْنِي نَظَرَاتِي فِي ذَاكَ الْنَّثْرْ ،،
وَأُرَدِّدُ فِي نَفْسِيْ ذِكْرًا يَتْلُوهُ الذِّكْرْ،،
وَأُوَحِّدُ رَبِّي فِي ذِكْرِي وَأَزِيدُ الشُّكْرْ ،،
وَأُكَبِّرُ مَثْنَىً وَثُلاثًا وَأُهَـلِّلُ وِتْرْ ،،

وَأُصَلِّي وَاشْهَدُ إِيْمَانًا بِنَبِيِ الْبِشْرْ ،،
وَأُسَلِّمُ للهِ أُمُورِي وَكَذَاكَ الْفِكْرْ ،،
وَأُذَكِّرُ نَفْسِيْ بِمَآلِي مَا قَبْلَ الْحَشْرْ،،
لِأُعِدَّ لِنَفْسِيْ أَعْمَالاً تَمْنَعُنِي الْخُسْرْ،،

أَنَا قَلْبٌ يَتَأَلْمُ شَـوْقًا وَيَمُجُ الْقَهْرْ ،،
وَيَمُوتُ عِنَادًا بِعِنَادٍ قَدْ مَلأَ الصَّدْرْ ،،
رُوْحِيْ تَتَلَظَّى فِي دُنْيَا كَلَهِيبِ الْجَمْرْ،،
تَخْشَى مِنْ نَارٍ تَرْمِي شَرَرًا كَالْقَصْرْ ،،

لاَ أَقْبَلُ دَفْنِي مَغْلُـولاً غَرَقًا فِي بَحْرْ،،
أَو دَفْنِي ذُلاً بِمَقَــــامٍ فِي أَسْوَأِ صَخْرْ،،
لاَ أَقْبَلُ قَسْرًا أَو قَهْـرًا سِرًّا أَو جَهْرْ ،،
لاَ أَقْبَلُ ظُلْمًا مِنْ أَحَدٍ بَطْنًا أَو ظَهْرْ،،

لاَ أَرْجُو نَفْعًا مِنْ خَلْقٍ شُكْرًا أَو بِرْ ،،
فَإِلَهِي رُكْنِيْ وَمَلاَذِيْ فِي كُلِّ الأَمْرْ،،
هِي دُنْيَا زَائِلَةٌ حَتْمًا تَجْرِىْ كَالنَّهْرْ ،،
لاَ تَرْجَعُ لِلْمَاضِي أَبَدًا يَومًا أَو شَهْرْ،،

فِلِمَاذَا الْغَافِلُ مُرْتَهَنٌ فِي هَذَا الأَسْرْ ،،
وَيَظُنُّ الدُّنْيَا بَاقِيَةً بِمُـــــــرُورِ الدَّهْرْ ،،
هَلْ عَلِمَ الْغَافِلُ دُنْيَـانَا عَصْرًا أَو ظُهْرْ ،،
سَتَزُولُ وَتَأتِينَا أُخْرَى حُلْوًا أَو صِبْرْ،،

مَنْ يَبْنِي بَيتًا فِي الدُّنْيَا أَو يَبْنِي قَصْرْ ،،
سَيَكُونُ الْمَبْنِي أَطْلاَلاً وَيَزُولُ الْقَصْرْ ،،
وَسَيَبْقَى لِلأُخْرَى عَمَلٌ أُنْجِزَ فِي سِرْ ،،
وَيُرَدُّ إِلَينَا عَاقِبَةً خَيْــرًا أَوْ شَرْ،،

فَحِسَابُ الْمُؤْمِنِ مَنْشُورٌ يُسْرًا بِالْيُسْرْ،،
وَحِسَابُ الْكَافِرِ مَنْشُورٌ عُسْرًا بِالْعُسْرْ،،
وَكِتَابُكَ حَتْمًا تَحْمِلُهُ فِي يَومِ الْحَشْرْ،،
بِيَمِينِكَ تَأْخُذُهُ فَرَحًـا وَيَكُونُ النَّشْرْ،،

أَو فِي شِمَالِكَ تَحْمِلُهُ خَوفًا فِي ذُعْرْ ،،
وَخَلفَ ظَهْرِكَ تَسْتُرُهُ طَمَعًا فِي سِتْرْ ،،
أَدْعُو إِلَهي يَحْمِينِـي مِنْ ذَنْبِ الْكُفْرْ ،،
وَإِليهِ تَعَالَى يَهْدِيْنِي حُرًّا مِنْ حُرْ ،،

حَتْمًا سُنُسَجَّى وَنُدَثْرُ يَومًا فِي قَبْرْ ،،
وَنَعُودُ تُرَابًا مُخْتَلِطًا فِي ذَاكَ الْقَفْرْ ،،
وَأَنَا سَأُسَجَّى يَومًا فَيَمُوتُ السِّرْ ،،
وَتَمُوتُ بِمَوْتِي أَحْلاَمِي وَيَمُوتُ الشِّعْرْ ،،

عن admin

تعليق واحد

  1. شاعرة الإحساس

    رائعٌ هذا الاحساس
    فقد امتزجت فيه عدة مشاعر،،،، مابين قوة وايمان ويأس واستعداد
    انها كلمات تحث على الزهد وتدعو للتبتل والمضي الى المأل المحتوم
    بوركت ايها الشاعر اينما كنت وحيث اقمت ، كنت هنا!!!!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رحلة الستين

    حَزَمْتُ حَقائِبَ السَّفرِ الجَدِيدةْ.. لِأبْدَأَ رِحْلَةً مُثْلَى فَرِيْدَةْ..