لجام الشعر

 

 

 

ظننتُ أنَّ الشعرَ يَقطرُ من دَمي

ولِجامُه بيدي ويَخرجُ من فمي

ووجدتُ أنَّ الشعرَ يرعى في الفضا

ووجدتُه وسطَ السما والأنجمِ

وطفقتُ أنظمُ في الحنينِ قصيدتي

لأفوزَ من شعري بأفضلِ مَغْنمِ

لكنَّهُ استعصى عليّ بقضِّهِ

وقضيضهِ فبدوتُ كالمُتلعْثمِ

لا الشعرُ يمكنُ قَيدَهُ ولجامَهُ

للعاشقِ الولهانِ أو للمُلهَمِ

فالشعرُ سِرٌ لا يُحيطُ بِسرِّهِ

إلا العليمُ بكلِّ شيءٍ مُبْهَمِ

فهو المحيطُ بكلِّ عِلْمٍ نافعٍ

وبإذنِهِ تُؤتى العلومُ لِمُعدمِ

فإذا أرادَ اللهُ أنطقَ شاعرًا

ببلاغةِ المتحدثِ المُتكلِّمِ

وأذا أرادَ اللهُ يَمنعُ حكمةً

عن شاعرٍ مُتعقِّلٍ مُتفهّمِ

فيحارُ في نَظْمِ القصيدةِ دونما

عللٍ ولكن فتنةَ المتَوسّمِ

ولَكَمْ نظمتُ من القصائدِ بعدما

حُبِستْ عليّ حرُوفُها بِتكتّمِ

وأتتْ عليّ دقائقٌ أشدو بها

شعرًا رصينًا فائقًا بِتَرنُّمِ

وأتتْ عليّ دقائقٌ أخرى بها

أغْدو كأنّي قدْ أُصِبْتُ بِمَنْسَمِ

لا الشعرُ أملكُهُ ولا أزهو به

وأنا ببيتِ الشعرِ لستُ بِمُحرمِ

يأتي إليَّ زيارةً وكأنهُ

ضيفٌ مُقلٌ في البهيمِ المُظلمِ

يأبى المكوثَ إذا تشقّقَ فَجرُهُ

ويغيبُ عنّي ليسَ بالمتبسمِ

“يادارَ عبلةَ بالجواءِ تكلّمي

وعُمي صباحًا دارَ عبلةَ واسلمي”

ذاكَ المفوهُ قدْ تفتقَ شعرُهُ

وأبى عليَّ الشعرُ رُغمَ تَكرُّمي

فعرفتُ أنّي حينَ أنْظُمُ قصةً

“لا مُمعنٌ هربًا ولا مُستسْلمِ”

تأتي كغيثٍ لا يَردُّ سيولَهُ

سدٌ ولا ردمٌ بوادٍ مُحْكَمِ

وإذا طلبتُ الشعرَ أنظمُ حرفَهُ

حينًا يُعانِدُني عِنادَ عَرمرمِ

فأتيتُ في هذي القصيدةِ قصتي

كي لا يقالُ بأنَّ شعري تُوأمي

فالشعرُ ليسَ بمهنتي وتخصصي

لكنّه في الأصلِ فيضُ تَكَرُّمي

أُمْسكْ لجامَ الشعرِ إن هو عادني

وأدوّنُ الكلماتِ دام بِمَلْجمي

وإذا تَفلّتَ من لجامٍ في يدي

أصبحتُ فيه كما الفقيرِ المُعدمِ

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المزرعة

  لا تلومنَّ فلاحًا أتَى منْ مَزرعةْ ثوبُهُ المفروجُ عَرَّى أذرُعَهْ