ثالثًا : وصفات للحب
(١) من منا لا يحتاج إلى الشعور بالحُبِّ في حياته ومن منا لم يبذله مقتصدًا أو سخيًا لمن يحسن إليه ، فكن محبًا حبيبًا واجعل حُب الله غايتك الأولى وهدفك الأسمى ، وأحب لأخيك ما تُحب لنفسك.
(٢) أُحبُك في الله ؛ كم هي كلمة طيبة ونبيلة ترفع معنويات المحُب والحبيب ، وكم نشتاق لسماعها من الأحبة، فعطر بها مسامع من تحب واشعر الآخرين بمحبتك قولًا وعملًا ، وافخر بمن يبادلك المحبة.
(٣) اختر رفقاءك في المحشر فالمرء يحشر مع من يحب ، والأحبة في الدنيا إما صالحون دافعون بالخير وإلى الخير وإما ضالون مضلون ، فاجعل معاييرك في الحب عالية وأحب من أحب الله وأحبك لمرضاة الله فذلك أسلم لك ولعاقبتك.
(٤) أحبك الله فيما أحببتني فيه ، دعاء ندعوا به لمن أخبرنا بأنه أحبنا في الله لصفة أعجبته فينا ، فلا تبخل بالدعاء لمن أحبك وإن لم تستطع مبادلته الحب بالحب، ولا تلم نفسك على حب لم تكن تملك زمامه فقلوب العباد لله وحده يقلبها كيف يشاء .
(٥) ليس كل من يتابعك في وسائل التواصل يحبك بالضرورة فلا تغتر بكثرة المتابعين فهناك من السفهاء الذين يتابعهم الملايين ليس حبًا فيهم وإنما فضولًا لمعرفة ما يقدمونه من محتوى ساقط ، فمن تابعك محبًا منتفعًا فقدر له حبه وادعو له بالخيرات ورفعة الدرجات .
(٦) للحب مستويات وأنواع ومراحل متتابعة ، ويبدأ الحب بالإعجاب بأقوال الحبيب وأفعاله أولًا ثم يرقى إلى التصديق والثقة ، ولا يرى المحب في الحبيب في العادة إلا ما يعجبه ويصدقه ، وقد ينقلب الحب إلى كراهية إذا اختلت موازين الحب ومعاييره عند المحبين .
(٧) من أظهر حبه لك لمصلحة يقصد تحقيقها ثم اكتشفت انصرافه عنك بعد تحقيقه تلك المصلحة فاعلم أن هذا هو الحب الكاذب والخادع وليس الحب الحقيقي الذي يطلبه الانسان ويحتاجه للحياة والسلام ، فلا تحزن من فقدان الحب الكاذب الخادع فاكتشافك له رحمة من الله .
(٨) يندر ألا يكون للمرء محبين ولو كان كافرًا أو مجرمًا أو طاغية وهذه معجزة الله تبارك وتعالى في خلقه، فلكل إنسان في نظر محبيه ما يدفعهم إلى حبه ولو كثر كارهوه، فكن من الذين يكثرون محبوه ويقلون كارهوه إذا استطعت .
(٩) اعلم أن من يقاطع حبيبه لغير مرضاة الله تعالى فإنه ممن يظهر حبه كاذبًا لتحقيق غاية ومصلحة دنيوية شخصية وإن ادعى وأقسم أنه صادقًا ، فاحذر أن تقع في مثله ، ولا تحزن على مقاطعة الكاذب في حبه فقد اراحك بمقاطعته.
(١٠) من لم يبذل الحب ولم يشعر بمشاعر الحب فهو مغلق القلب متصحر الوجدان عتل لد منبوذ الصحبة ليس لحياته قيمة عند غيره يعيش وحيدًا ويفارق وحيدًا لا يعبأ به وبما بين يديه الآخرون ، فلا تكن ممن يقولون قلوبنا غلف .
(١١) لا يجتمع الحب والكراهية في قلب واحد في موقف واحد ، فإما أن يحبك الآخر أو يكرهك أو يبقى على الحياد ، فإن أحبك قربك وإن كرهك أقصاك وإن بقي على الحياد تجاهلك ، فلا تجعل الآخر يكرهك أو يتجاهلك ، فالحب مفتاح القلب والكراهية القفل والرصد.
(١٢) من الحب السامي والنبيل ما هو صفة المؤمن الحق وهو أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك ، فإن بلغت ذلك الشعور فأنت من المرحومين عند الله ومن المحبوبين في الأرض وقليل من خلق الله من يتخلق به ويحرص على إشعار إخوانه به فكن منهم تفز .
(١٣) من أحب سلوكًا فعله ومن أحب منهجًا انتهجه ولا يعتد بمن يقول أحب صفة كذا وكذا وهو ممن لا يتخلق بها، فالحب دافع وحافز للخير لا يتأتى بالقول دون الفعل ، فإن أحببت خُلقًا في غيرك فتخلق به لتجد أثره في محبة الناس لك .
(١٤) الحب يا صاح شيء هين ، وجه طليق ولسان لين ، يلج القلوب متى ما أُثلجت ، ويغادر القلب التي قد أحرجت ، يتبادله الناس كما تتبادله الأحياء وبه تتشكل الجماعات ، وتسعد به النفوس، فأحرص على أن تكون المحبوب .
(١٥) سُئل غاندي عن أجمل شي في الحياة ؟ فأجاب بقوله : المحبة ، وإني لأوافقه على إجابته وقد يوافقه الكثيرون ، فالإحساس بحب الآخرين يجعل الحياة جميلة وسعيدة ومحفزة على العطاء والعمل والإنجاز والإبداع ، فهب حبك لمن حولك.
(١٦) إذا أحبك من أحببته فهذا فضل الله عليك فلتحمد الله وتشكره على فضله ونعمته ، وإن لم تحس محبتك عند من تحبه فلا تظن به سوءًا وابذل الجهد ليحبك فلعله لم يشعرك بحبه ليرضي الله تعالى أو لأن ذلك هو خلقه.
(١٧) للحب علامات تتباين بين شخص وآخر فمن المحبين من يفصح عن حبه قولاً وعملًا ومنهم من يفصح عنه قولًا ولا يظهره عملًا ومنهم من يستره ولا يظهره لا قولًا ولا عملًا ويمكن التعرف عليه في الشدائد فقط ، فأشعر من تحب بشتى الوسائل .
(١٨) لا تكذب ولا تخدع أحدًا بإشعاره بحبك وأنت لا تحبه فصمتك عن مشاعرك أفضل من كذبك ، فالكاذب لن يلبث كثيرًا حتى ينكشف كذبه وخداعه ، فكن صادقًا في الحب وفي إشعار من تحبهم بحبك .
(١٩) المحبون الحقيقيون أوفياء متسامحون يسمو بهم شعور الحب فوق الخصومات والآلام ولا يؤثر في علاقاتهم المنافقون ولا من يسعون بالفساد بين المتحابين ، فصن حبك من كل المعوقات .
(٢٠) كن حبيبًا محبًا للخير وادعو إلى محبة المؤمنين وشارك بدعوتك معي في هذا الوسم ، فالكلمة الطيبة صدقة ومن الحب أن تقول الحق وأن تدعو الناس إلى الخير والمحبة وأن تحب للناس ما تحب لنفسك .