الرئيسية / مقالات / وقفات من حياتي قبل أن تمحى من ذاكرتي ، الوقفة 34

وقفات من حياتي قبل أن تمحى من ذاكرتي ، الوقفة 34

الوقفة الرابعة والثلاثون : رحلتي الأولى إلى مصر العربية

في صيف العام الهجري 1403هـ وفي إطار محاولاتي الجادة للبحث عن بدائل لمواصلة الدراسات العليا في ظل المعلومات المتوافرة آنذاك عن بوابات الفرص المتاحة في بعض الجامعات المصرية التي لا تتطلب تواجد الطالب فيها طوال العام ويكفي تواجده خلال فترة الصيف للالتقاء بالمشرف لتسديد مسيرته في البحث الذي يعد متطلبًا أساسيًا للحصول على الدرجة العلمية ، قررت السفر إلى جمهورية مصر العربية لطلب القبول في الدراسات العليا في إحدى الجامعات التي تتيح تلك الفرص .
وعند وصولي إلى القاهرة رسمت خطة مراجعتي للجامعات المتواجدة فيها مثل جامعة القاهرة وجامعة الأزهر وجامعة عين شمس ثم مراجعة الجامعات الأخرى في المحافظات القريبة من القاهرة مثل جامعة المنصورة وجامعة طنطا، واتجهت فعلا في اليوم التالي إلى جامعة الأزهر وراجعت قسم التاريخ بكلية الشريعة فوجدت ترحيبًا من القائمين على الدراسات العليا فيها بعد أن عرضت عليهم طلبي لمواصلة الدراسات العليا في الجامعة ، وحصلت على القبول المؤقت الذي يشترط على الدارس أن يحضر السنة المنهجية لفصلين دراسيين جامعيين واجتيازها بنجاح قبل أن يشرع الباحث في بحث الماجستير ، وكان هذا عائقًا لا يمكن تجاوزه بالنسبة لي وأنا أعمل معلمًا في التعليم العام بالوطن العزيز واتجهت بعدها إلى كلية الآداب بجامعة عين شمس في روكسي فوجدت لديهم فرصة القبول في تخصص الإدارة التربوية بشرط اجتياز مجموعة من المقررات التي يمكن دراستها أثناء فترة الصيف ومنح لي خطاب قبول مؤقت أيضًا وقبل أن أذهب إلى جامعة القاهرة والجامعات الأخرى في المحافظات القريبة فضلت مراجعة الملحقية الثقافية السعودية في سفارة المملكة العربية السعودية في القاهرة للسؤال عن نظامية هذا النوع من الدراسات ومدى اعتمادها من قبل وزارة التعليم العالي في وطني ، وأذكر أن الملحق الثقافي آنذاك الأستاذ صلاح الشارخ أطلعني على شروط وزارة التعليم العالي لاعتماد الشهادات العليا وكان من بينها شرط إقامة الدارس متفرغًا للدراسة في بلد الدراسة سنة للماجستير وسنتين للدكتوراه ، عندها قررت أن أصرف النظر عن البحث عن فرص القبول بالجامعات المصرية الأخرى قبل أن أجد حلا للتفرغ للدراسة في بلد الدراسة للمدة المطلوبة ، وهو ما يعني التقديم لبعثة دراسية أو إجازة دراسية أو بديلا آخر يتيح لي الوفاء بشروط الجامعات وشروط وزارة التعليم العالي في المملكة لاعتماد الشهادة العليا ، فقفلت تنفيذ خطتي العلمية لأشرع في تنفيذ خطة سياحية خلال المدة الوجيزة التي مكثتها في جمهورية مصر العربية .
وقد زرت من المعالم السياحية في القاهرة والجيزة ما كان متاحًا لي في تلك الزيارة حيث زرت الأهرامات والقاهرة القديمة وجبل المقطم وبعض المساجد التاريخية مثل مسجد عمرو بن العاص وجامع الحسين وبعض الأسواق التاريخية مثل خان الخليلي والعتبة والقناطر ، وبعض المتاحف مثل متحف القاهرة ، وركبت بعض المراكب التقليدية التي تبحر في النيل انطلاقًا من منطقة العجوزة على نغمات بعض الأغاني القديمة لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب ونحوهم ، وتعرفت خلال زيارتي الأولى للقاهرة على مجموعة من الفنانين المسرحيين لشغفي الشديد بالمسرح واستضافني المخرج المسرحي علي سعد في منزله وأبدى ترحيبه للتعاون معي في النشاطات المستقبلية ، وكان رحمه الله تعالى آنذاك يشرف على مسرحية اجتماعية لبيرم التونسي في المسرح القومي بالقاهرة ، وقد شدني كثيرًا النيل في نهاره وليله فكنت لا أغادر المقاهي والمطاعم التي تطل على النهر خلال تلك الزيارة .
وقد اكتسبت من تلك الرحلة الكثير من المهارات الحياتية ذات الصلة الوثيقة بالتخطيط والسياحة والسفر والحيطة والحذر والتأكد من المعلومات ومدى صدقها والتنسيق مع الجهات الرسمية ذات العلاقة والتعامل مع الناس وفقًا لثقافاتهم وقبول الآخر والاستمتاع قدر المستطاع بمقومات السياحة المتوافرة والاستدلال عليها من مصادر المعلومات الموثقة ، وأحببت القاهرة الثرية بالحضارة والتراث ، وتعايشت مع المجتمع المصري المدني والريفي وشاهدت الأحياء الشعبية والأحياء المتطورة وعدلت كثيرًا في الصورة الذهنية لدي عن هذا البلد العربي الشقيق بيت الثقافات المتنوعة ومقصد السواح من كل أنحاء العالم .
لقد كانت رحلة استكشاف وقرار حيث أنني بعد أن عدت إلى الوطن العزيز كثفت البحث عن فرص القبول للدراسات العليا في الجامعات الوطنية وكثفت محاولاتي في طلب التفرغ للدراسة من وزارة المعارف وعندما لم تلبى طلباتي المتعددة للحصول على التفرغ لجأت بإذن الله تعالى إلى بديل الدراسات العليا المسائية والتي أتيحت في بعض الجامعات الوطنية في بعض التخصصات التي لم يكن من بينها تخصص التاريخ والحضارة الإسلامية ، وهذا ما أحدث لي نقلة علمية كاملة حيث قبلت في العام الهجري 1405هـ طالبًا للدراسات العليا للماجستير في تخصص المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة أم القرى ، وفيها شرعت في تغيير الكثير من خططي المستقبلة وكان لي أثناء دراستي للماجستير مجموعة من الوقفات لعلي أعرج على بعضها في وقفات أخرى ، ولعلي أنصح الشباب الراغبين في مواصلة الدراسات العليا من الجيل المعاصر وجيل المستقبل أن يحرصوا على أخذ المعلومات من مصادرها والإلحاح في اكتشاف الفرص المتاحة داخل الوطن وخارجه ، والحذر من الوقوع في أفخاخ الجامعات الوهمية المنتشرة في الكثير من دول العالم والتي تعد بالشهادات العليا مقابل المال خارج إطار المقبول والمعقول والمعتمد من وزارة التعليم العالي ، والحمد لله الذي وفق حكومة وطننا العزيز إلى فتح المجال واسعًا من خلال مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وما توفره الجامعات من فرص متعددة لأبناء الوطن الراغبين في مواصلة دراساتهم العليا وما توفره بعض القطاعات الأهلية من منح دراسية متنوعة ، وعلى الشباب استثمار هذه الفرص المتاحة فهم بناة الوطن وقادة التنمية و الفاعلين في مشاريع التطوير المستقبلة . والله الموفق والمستعان .،،،

عن admin

تعليق واحد

  1. .

    ..لـ ذكريات ماضٍ لن يعود
    مشاعر إندثرت بتفاصيل الـ “الصمت” جرحاً
    وايقاع حزين ينسرب في تفاصيل النص بوقفات تذكاريه
    دشن مشهد البوح جمالاً رااااائع….

    دمتـ بـتألق…

    تحيتي

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلمتي بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الواحد والتسعين 1443-2021

الحمد لله الذي لا إله إلا هو المنعمِ المعطي الوهابِ ربِّ العالمين، ...