الوقفة (56) : إلى مصر العربية للسياحة مع الأسرة
في العام الهجري 1418هـ 1998م وضمن خططنا السنوية لاستثمار أوقات الإجازة الصيفية في السياحة بأحد الدول التي تتوافر فيها خطوط جوية تصل إلى موسكو وإلى الوطن العزيز في آن ، اختار أفراد الأسرة دولة مصر العربية لتكون محطة التوقف عند الأياب إلى أرض الوطن العزيز قدومًا من دولة روسيا الاتحادية حيث كنت أعمل في إدارة الأكاديمية السعودية بموسكو ، وقد خصصنا من وقت الإجازة إثنتا عشرة يومًا وليلة للسياحة في مدينة القاهرة وما حولها ، وبدأنا في جمع المعلومات اللازمة للاستمتاع بأقصى قدر ممكن من جولتنا السياحية في معالم القاهرة التاريخية والحضارية .
لم تكن جمهورية مصر العربية ومدينة القاهرة وما حولها مواقع غريبة علي فقد زرتها مفردًا عدة مرات في محاولاتي المتكررة للتقديم للدراسات العليا في جامعاتها ، وزرتها بهدف السياحة بصحبة بعض الزملاء أكثر من مرة ، لكنها بالنسبة لأفراد أسرتي تعد هي المرة الأولى التي يزورون فيها مدينة القاهرة ، ولذلك فقد استفدت من المعلومات الجديدة للمواقع السياحية الناشئة حديثًا والمطورة إضافة إلى ما تكون لدي من معلومات سابقة نتيجة تكرار الزيارة ، وحين ذاك قد بدأ استخدام الأنترنت في الانتشار وأمكن لي من خلاله وللمرة الأولى حجز الفنادق ومقرات الإقامة ، وقد أخترت بالتشاور مع أفراد الأسرة فندقين أحدهما تاريخي قديم في منطقة العجوزة والثاني متطور حديث على النيل وتم قسمة الأيام بينهما بحيث تكون البداية في الفندق التاريخي وأذكر أنه كان فندق متواضع الخدمات ويقع في منطقة مزدحمة بالسكان وحركة المرور لكن فيه مكتب خدمات سياحية استفدت منه في استئجار حافلة سياحية صغيرة للأيام التي مكثتها بالفندق ، وقد تم تزويدي من المكتب بخطة سياحية وجدت والأسرة تفوقها على ما وضعناه من خطط سابقة ، فقررنا السير وفقًا لها ، وكانت تتضمن زيارة القاهرة القديمة ببواتها وأسوارها التاريخية ومساجدها ذات الطرز المختلفة في العمارة الإسلامية التي تنمتمي إلى العهد المملوكي والعهد الأيوبي والعهد العثماني ، وزيارة جبل المقطم وما يحويه من مواقع سياحية ومطاعم تطل على عموم القاهرة القديمة ، وزيارة القرية الفرعونية وأهرامات الجيزة والتي تمت زيارتها لأكثر من مرة لعدم كفاية وقت الزيارة الواحدة لتغطية ما تتضمنه من آثار ومعالم وبرامج سياحية وافرة ، وزيارة مجموعة من مدن الألعاب في مدينة زايد وفي مصر الجديدة ، وركوب المراكب الفرعونية العائمة في النيل والتي يقدم فيها برامج سياحية وترفيهية مع العشاء ، وقد طابت تلك الرحلة لأفراد الأسرة لغناها بالبرامج الترفيهية والثقافية المتنوعة ، وبعد انقضاء الاقامة في الفندق التاريخي انتقلنا إلى فندق الشيراتون المطل على نهر النيل ، لكننا استمرينا في استئجار ذات الحافلة التي رافقنا قائدها كدليل سياحي خلال مدة إقامتنا السياحية في القاهرة .
ومما أذكره في تلك الزيارة السياحية أننا حرصنا حرصًا شديدًا على توثيق تحركاتنا وبرامجنا السياحية بواسطة كميرا فيديو قديمة الطراز ، وكميرا تصوير قديمة أيضا تستخدم أفلام التحميض التي تتطلب طباعة صورها في معامل متخصصة ، لكننا فقدنا بعض الصور نتيجة فقدان مجموعة من أفلام التحميض في أحد معامل إخراج الصور بالقاهرة مما أغضبني كثيرًا لوجود وصل استلام معي من المعمل لكن إدارة المعمل اعتذرت أخيرًا لتلف الأفلام بسبب سوء عملية التحميض ، ويشاء الله تعالى أن نفقد ما تم تسجيله بكميرا الفيديو أيضًا حيث قمنا بالتسجيل عليه في رحلتنا التالية إلى سوريا ولم نحتفظ إلا ببعض الصور في جهاز الهاتف النقال من ماركة قديمة لايمكن نقلها إلى الأجهزةالحديثة الأخرى ، وطبق صيني لا نزال نحتفظ به يضم صورتي وأفراد الأسرة في منطقة الهرم ، وتظل الذكريات لمثل هذه الرحلات السياحية مهمة لمن لديه هواية تكوين الألبومات والذكريات ولعلي واحد من أولئك العاشقين لرصد مراحل حياتهم ونشاطاتهم بالتقارير والصور ولذلك أحس بخسارة كبيرة نتيجة ما فقدته من معلومات توثيقية لتلك الرحلة .
وقد صادف تواجدنا في فندق الشيرتون مع تنفيذ مجموعة كبيرة من احتفالات الأعراس وفقًا للتقاليد والثقافات المصرية المتنوعة وكنا نشاهد الاختفاء بالعروسان كل بطريقته في زفهما إلى الصالات الخاصة بالاحتفال ، ونقارن بين تلك العادات وما نشاهده عادة في وطننا العزيز أو على شاشة التلفزيون التي أتاحت للجيل الاطلاع على الكثير من موروثات الأمم وتقاليدها ، وفي إحدى المرات تلقيت دعوة كريمة من والد العروس بحضور الاختفال الخاص بالمدعوين ولبيت وأسرتي تلك الدعوة مما أتاح لنا التعرف على طريقة الاحتفال بالأعراس عن قرب بالتفاصيل المتعددة ، وقد شكرت الداعي عند انقضاء مراسم الزواج على كرمه ولطفه وما أتاحه لنا للتعرف على أخلاق المجتمع المصري وطيب معشرهم ، وقد ترك حضورنا مع المدعوين لدينا شعورًا باحترام التقاليد والأعراف المتنوعة كما ترك لدينا الإحساس بكرم العرب المصريين .
وقد ألح أفراد أسرتي علي كثيرًا في تكرار الزيارة إلى مصر لما وجدوه فيها من متعة متميزة، لكن خطتنا التي سبق وأن وضعناها تتطلب أن نطلع على ثقافات وعادات أكثر من بلد ولذلك أجلنا تكرار الزيارة إلى مصر العربية إلى ما بعد الانتهاء من خطتنا التي تستهدف دولا أخرى مثل سوريا ولبنان والأردن ، ولم يشأ الله أن نكرر الزيارة مع أفراد الأسرة إلى مصر مرة أخرى حيث صرفنا اتجاهنا نحو بلدان جديدة مثل دول الخليج وماليزيا ، ولكن ذكرياتنا في مصر لاتزال تجذبنا لتكرار الزيارة إليها متى شاء الله ذلك ، ونصيحتي في هذه الوقفة للقاصدين السياحة إلى مصر الكنانة ضرورة التخطيط الجيد للاستمتاع بالتنوع الثقافي الذي تتصف به وتقسيم الوقت بين القاهرة والاسكندرية وأسوان والمدن والقرى السياحية على شواطيء البحر الأحمر وشواطيء البحر الأبيض المتوسط ، وهو ما سأفعله إن شاء الله عند العزم على زيارة مصر الحضارة والعروبة والتاريخ مصر الكنانة بعد أن تستقر أوضاعها السياسية والسياحية وتعود مصر أفضل مما كانت عليه كمقصد ثري للسياحة الثقافية والحضارية من جميع دول العالم . والله الموفق والمستعان .،،،