الرئيسية / مقالات / وقفات من حياتي قبل أن تمحى من ذاكرتي ، الوقفة 73

وقفات من حياتي قبل أن تمحى من ذاكرتي ، الوقفة 73

الوقفة (73) : إلى السودان ممثلا للمملكة في مؤتمر دولي

 في شهر شعبان من عام 1427هـ تلقيت دعوة من معالي مدير جامعة القضارف بدولة السودان العربية الشقيقة للمشاركة في المؤتمر الأكاديمي الأول لجامعة القضارف بولاية القضارف جنوب شرق السودان بعنوان ( تطوير النظم والبرامج والمناهج للجامعة) في المدة من 16-21 ديسمبر 2006م الموافق 25-30 ذي القعدة 1427هـ ، وقد قمت بإعداد بحث بعنوان ” التربية الميدانية في ضوء الإعداد التكاملي القائم على الكفايات ” شاركني في إعداده سعادة الأخ الأستاذ الدكتور عبدالله بن سليمان الفهد نائب رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية استجابة للدعوة الكريمة من معالي مدير جامعة القضارف.

وتقدمت إلى وزارة التربية والتعليم بطلب الموافقة على مشاركتي في المؤتمر ممثلا لها فبلغني اعتذار لجنة المشاركات الخارجية لتجاوزي نصاب المشاركات الخارجية وفق معايير اللجنة ، وقدم شريكي في البحث اعتذاره عن حضور المؤتمر لارتباطات خاصة ، فراجعت القيادات العليا آنذاك في الوزارة وحصلت على موافقة المشاركة ممثلا للوزارة دون تحمل الوزارة أي نفقات مالية مترتبة ، فوافقت على الفور وفاء لدعوة زميل شرفت بالتعرف عليه قبلا في مدينة حماة السورية أثناء إنعقاد المؤتمر الدولي فيها حول التاريخ في التعليم ما قبل الجامعي والجامعي في إبريل 2006م ضمن فعاليات اختيار حلب عاصمة الثقافة الإسلامية ، وأشعرت إدارة جامعة القضارف بما تم ورحبت بتحمل نفقات الإسكان والتنقلات والإعاشة خلال مدة إنعقاد المؤتمر ، وتوكلت على الله عازمًا على المشاركة بما يرفع سمعة وطني ووزارة التربية والتعليم التي أمثلها وحيدًا في ذلك المؤتمر ، وسافرت إلى دولة السودان قبيل انعقاد المؤتمر واستقبلني في مطار الخرطوم وفد جامعة القضارف ونقلت بسيارة جيب إلى مدينة القضارف الواقعة في الجنوب الشرقي لدولة السودان ويفصلها عن العاصمة الخرطوم ما يزيد عن سبعمائة كيلو متر تقريبًا من الطرق الضيقة والتي تمر بصحاري ومناطق زراعية وجبلية متنوعة وتشق ولاية الجزيرة وصولا إلى مدينة القضارف مقر الجامعة والمؤتمر ، وكانت رحلة شاقة لمسافر وصل على التو عبر مجموعة رحلات جوية متواصلة من الرياض إلى جدة ومنها إلى الخرطوم ، ولكن الله تعالى قد يسر المقصد وطوى بعد السفر وقد لقيت من الحفاوة والعناية ما يفوق عناية الأهل والأشقاء ، ورغم تواضع إمكانات الجامعة ومدينة القضارف إلا أنه تم إسكاني في أفضل فندق متوافر في وسط المدينة قريبًا من أسواقها والخدمات المختلفة ، والحقيقة أن ولاية القضارف من الولايات السودانية الغنية بالإنتاج الزراعي للسمسم والذرة البيضاء ويتوافر فيها مجموعة من المشروعات الزراعية الأوتوماتيكية ، وغالبية سكان المدينة من العاملين في الزراعة والتجارة والنقل والوظائف الحكومية وقليل ما تشاهد البيوت الخرسانية الحديثة لغير المقرات الحكومية والمؤسسات التعليمية والمطاعم والفنادق حيث يفضل المجتمع الإسكان التقليدي المبني من الطين والأخشاب والجريد وسعف النخيل ونحوه مما يعطي طابعًا مميزًا للمنازل الأفريقية الملائمة للطقس مرتفع الحرارة والرطوبة وقد شرفت بالاطلاع على مكونات البيت السوداني في القضارف الوافر بالتنوع الفني والهندسي وتطويع أدوات البناء والتعمير المتوافرة في البيئة المحلية ، والمزين بأنواع من التحف وأدوات الزينة والنقوش والأثاثات المصنوعة محليًا وقد رأيت شبيهًا للبيت السوداني التقليدي في مدينة القضارف في منطقة جازان في الوطن العزيز .

وفي اليوم التالي انطلقت فعاليات المؤتمر برعاية وزير التعليم بدولة السودان وقد شرفت بمشاركة معالية وبعض ضيوف المؤتمر حفل الافتتاح ووجبة العشاء التي أقامها والي القضارف تكريمًا لراعي المؤتمر والضيوف ، وقدمت في اليوم التالي البحث الذي شاركت به في المؤتمر وشرفت في ذلك المؤتمر أيضًا برئاسة جلسة من جلساته وحضرت أكثر الجلسات المقررة في المؤتمر الذي امتد لثلاثة أيام لفترتين يوميًا أحدهما صباحية والثانية مسائية ، وقدمت لي دعوة كريمة من وزارة التعليم في الولاية للمشاركة في ندوة حول المشروع الشامل لتطوير المناهج تجربة المملكة العربية السعودية في التطوير التربوي ، وحلقة نقاش حول بناء الرؤى الإستراتيجية للتربية الميدانية ومشاريع التطوير التربوي ، وورشة عمل حول تحديد كفايات التدريس اللازمة والأساليب العلمية لتحكيمها ، وقد استجبت بالفعل وشاركت على هامش المؤتمر في تبادل الخبرات التربوية والتعليمية مع الأخوة منسوبي التربية والتعليم في ولاية القضارف ، وقد أجرت لي إذاعة الولاية الإقليمية وإذاعة السودان المركزية والتلفزيون السوداني آنذاك مجموعة من الحوارات واللقاءات حول المؤتمر ومشاركاتي فيه ومشاركتي في بعض أنشطة وزارة التربية والتعليم بالولاية ، وقد لمست في الأكاديميين والتربويين على السواء حرصهم الشديد على الإستفادة من خبرات ضيوفهم فكما طلب مني نقل بعض خبراتي للزملاء منسوبي التربية والتعليم في الولاية طلب أيضًا من بعض الأخوة المشاركين في المؤتمر من الأردن ومن مصر ومن تونس وترى جميع أبنية الجامعة وأجنحتها مزدحمة بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس خلال مدة المؤتمر ولا تكاد القاعات المخصصة لإنعقاد جلسات المؤتمر تفي بالمتابعين للجلسات والحريصين على حضورها ، وهو مشهد تمنيت مثله في المؤتمرات المحلية في وطني وفي بعض الدول الأخرى التي يقل الإقبال فيها على مثل هذه الفعاليات الثقافية والعلمية .

وخلال مدة تواجدي في ولاية القضارف شرفت بصحبة مجموعة من الأكاديميين القائمين على تنظيم المؤتمر بزيارة بعض معالم مدينة القضارف الشهيرة مثل سكة الحديد التاريخية والمشروعات الزراعية الأوتوماتيكية وبعض أحياء مدينة القضارف والمدينة الجامعية الجديدة والتي علمت مؤخرًا بتشغيلها وهي تمثل واجهة حضارية متميزة لولاية القضارف كما شرفت بزيارة بعض المدارس الحكومية والأهلية وحضور احتفالات شعبية أقامتها مجموعة من الجمعيات الوطنية ولبيت دعوة معالي مدير الجامعة في منزله وتبادلت معه بعض الهدايا التذكارية ولا أنسى الموقف الأخوي من سعادة الأخ الأستاذ الدكتور عبدالمنعم يوسف عبدالحفيظ وفقه الله الأمين العام المساعد للمؤتمر الذي شملني برعايته واهتمامه واستضافني في منزله وصاحبني في الكثير من تنقلاتي في الولاية ولا يزال تواصلي معه ولله الحمد مستمرًا على البر والتقوى ، وقد تعلمت من زيارتي الوحيدة لدولة السودان الشقيقة أن الأخوة الصادقة بديلا واقعيًا للأهل وإن أقصاك البعد عنهم ، فرب أخ لك لم تلده أمك ، وقد استفدت الكثير من الخبرات وأقمت العديد من العلاقات العلمية والأكاديمية مع الجامعة ومنسوبيها وتعاونت معها لتحقيق ذلك ولله الحمد ، وأدعو طلاب العلم إلى الحرص الشديد على المشاركة في المؤتمرات المحلية والدولية لما فيها من مواقف معلمة وخبرات مكتسبة تصقل الشخصية وتزيد من الكفاءة وتدعم العلاقات الأخوية بين الأخوة والأشقاء والأصدقاء . والله الموفق والمستعان .،،،

عن admin

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلمتي بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الواحد والتسعين 1443-2021

الحمد لله الذي لا إله إلا هو المنعمِ المعطي الوهابِ ربِّ العالمين، ...