الموقع المطور للدكتور سعود الزهراني الوقفة (78) : إلى ماليزيا في سياحة أسرية لأول مرة
في صيف عام 1428هـ الموافق لعام 2007م ، وبعد أن ودعنا ابني الأكبر المهندس رامي بن سعود الزهراني الحاصل على بكالوريوس الهندسة الزراعية من جامعة الملك سعود للسفر إلى دولة كندا لمواصلة دراسة الماجستير في إدارة الأعمال مبتعثًا ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي ، تم الاتفاق مع أفراد أسرتي الباقين على القيام بسياحة خارجية إلى دولة ماليزيا الإسلامية وبدأ التخطيط فعلا للزيارة الأولى إلى دولة ماليزيا للاستمتاع ببعض أوقات الإجازة الصيفية لذلك العام في أبرز معالمها السياحية ، وقد استعنت بعد الله تعالى بشركة سياحة وسفر في مدينة الرياض لحجز تذاكر الطيران بين الوطن وماليزيا ذهابًا وإيابًا وتذاكر الطيران البينية بين المناطق الماليزية التي تم اختيارها وحجز الفنادق في مقر إقامتنا في ماليزيا في كل من سيلانجور ولينكاوي وبياننج وكولالمبور ، وقدد حددنا لرحلتنا السياحية تلك أربعة وعشرين يومًا وليلة كانت بالفعل من أجمل الأيام والليالي التي قضيناها خارج حدود وطننا الغالي .
لقد تضمنت خطة السفر النزول في أفضل فنادق الدرجة الممتازة في سيلانجور تلك المنطقة القريبة من كولالمبور ومن مطارها الدولي والتي تتمتع بأفضل المناظر الطبيعية الخلابة بين الحدائق والغابات والبحيرات وأشجار الجوز الهندي وبالقرب من أشهر المواقع السياحية التي يرتادها السواح في الجبال ومناطق الشلالات وبحيرة الفراشات المضيئة ومدن الألعاب ومدن التسوق الضخمة وقد تم استئجار حافلة صغيرة في هذه المنطقة وفي المناطق الأخرى التي زرناها في ماليزيا لمرافقتنا خلال تواجدنا في تلك المناطق ونقلنا إلى المواقع السياحية القريبة منها ، ومن أشهرالمواقع السياحية التي زرناها في سيلانجور أكبر تمثال بوذي أقيم إلى جوار كهوف جبلية نصب للصعود إليها سلالم ممتدة تزيد درجاتها عن تسعمائة درجة تقريبًا وأقيمت إلى جواره مجموعة من المطاعم وألعاب الأطفال التي يقبل عليها السائحون من كثير من دول العالم، كما قمنا بزيارة المعالم السياحية الأخرى في منطقة سيلانجور ، والحقيقة أنه لولم يغادر السائح المناطق التي يقع فيها الفندق الذي اخترناه لإقامتنا في سيلانجور لتحققت له جميع أهداف السياحة لتوافر الكثير من المقومات السياحية في مرافقه الممتدة على بحيرة تحيط بها الأشجار والغابات وملعب دولي للقلف وممرات للمشاة ومجموعة كبيرة من المسابح وقد تزامن تواجدنا في ماليزيا مع موسم هطول الأمطار التي كنا نستمتع بها بشكل شبه يومي ، وبعد قضاء خمسة أيام في منطقة سيلانجور انتقلت وأسرتي منها إلى جزيرة لينكاوي باستخدام خطوط الطيران المحلية المتوافرة والمحجوزة مسبقًا .
وفي جزيرة لينكاوي نزلنا في كوخ خشبي مبدع على شاطيء البحر في أفضل الفنادق الدولية الواقع بالقرب من تلفريك الجبل والجسر المعلق في قمة الجبل المطل على معظم أجزاء تلك الجزيرة الحالمة ، وتنقلنا في أجزاء تلك الجزيرة التي يشكل المسلمون أكثر سكانها للاستمتاع بهدوئها وزيارة بعض معالمها السياحية مثل المتحف المائي وكهوف الخفافيش وبحيرة الصقر الماليزي صائد الأسماك الذي اتخذته تلك الجزيرة شعارًا لها وأقامت له نصبًا تذكاريًا بالقرب من مينائها ، وقمنا ببعض رحلات السفاري على الخيول وزيارة بعض مواقع الشلالات فيها وبعض ملاعب الأطفال ، وكانت قمة المتعة في تلك الجزيرة قضائي وأفراد أسرتي الصغيرة الكثير من الأوقات الممتعة على شاطيء البحر وممارسة الكثير من الألعاب الرياضية ومشاهدة الكثير من الفنون الشعبية التقليدية الماليزية ، وقد انقضت سبع ليالي في تلك الجزيرة كما لو أنها كانت ليلة واحدة ، وانتقلت وأفراد أسرتي من جزيرة لينكاوي إلى جزيرة بياننج بواسطة القارب السريع المتوافر الكثير من نوعة في الميناء البحري للنقل السريع بين الجزيرتين ، وقد اخترنا السكن في بياننج في فندق من الدرجة الممتازة على شاطيء البحر في منطقة تكثر فيها أبراج الفنادق الشهيرة التي تطل على البحر من جهة وتطل على المدينة الممتدة على أطراف الشاطيء من جهة أخرى .
وفي هذه الجزيرة والمناطق الأخرى التي زرناها في ماليزيا لم نكن نعاني من الحصول على وسائل النقل للحجز المبكر لها وهي جزيرة تكثر فيها الحدائق والمتاحف والأسواق الليلية، وخلال سبعة ليالي قضيناها في تلك الجزيرة زرنا فيها حدائق الزهور والفراشات والطيور والفواكه وبعض مدن ألعاب الأطفال والمتاحف وتسوقنا في السوق الليلي الذي تشتهر به الجزيرة وتحيط به المطاعم والمقاهي التي تقدم الأطعمة والمشروبات المتنوعة بتنوع السواح لإرضاء جميع الأذواق ، وأذكر أن أفراد أسرتي كانوا يسجلون ذكرياتهم خلال تلك الرحلة ويوثقون بالصور كل المواقع التي قمنا بزيارتها ورغم جمال كل المواقع التي زرناها إلا أن جزيرة لينكاوي حازت على المركز الأول في تقييمهم .
وبعد أن انقضت ليالينا في جزيرة بياننج انتقلنا عن طريق الطيران المحلي من مطار بياننج إلى مطار كولالمبور ونزلنا في العاصمة الماليزية في أشهر الفنادق الواقعة في وسطها ويتوافر فيه مدينة ألعاب وأسواق حديثة ومقومات ترفيه متنوعة ، وزرنا خلال تواجدنا في الأربعة الأيام الأخيرة من رحلتنا السياحية أشهر مدينة ألعاب مائية في ماليزيا وبعض الأسواق الشعبية والصينية والأسواق الحديثة وحديقة الطيور والمسجد العائم وزرنا البرج الأشهر في المدينة برج التوأم وما يحيط به من حدائق وما يحف به من أسواق ، وقد كانت بحق الرحلة الأكثر متعة لأفراد أسرتي من بين الرحلات الدولية التي قمنا بها في بعض الدول الأسيوية والأوربية والأفريقية .
عدنا إلى الوطن العزيز وكل منا كان يتساءل ماذا لو توافرت مثل تلك المقومات السياحية في وطننا العزيز فكيف سيكون إقبال المواطنين عليها ، لقد علمت الحكومة الماليزية الأهمية الإقتصادية للاستثمار في القطاع السياحي وهيأت كل السبل لاستقطاب المستثمرين من مواطنيها والعالم لإنشاء منظومة سياحية مخططة وجاذبة وفتحت الأبواب لاستقبال أفواج السائحين من كل دول العالم ويسرت إجراءات الدخول والتنقل وتقديم الخدمات المتنوعة ولذلك فقد تفوقت ونافست الدول السياحية في العالم وأصبح دخلها القومي من السياحة ينافس مداخيل الصناعة والزراعة ولذلك فهي تهتم به ، وقد حدث في الوطن العزيز ولله الحمد تطور في الاستثمار في قطاع السياحة ولكن ليس بالقدر الذي يغني المواطنين عن السياحة الخارجية ولعل السياحة الدينية هي ما يميزه الآن وقد أسهمت الهيئة العليا للسياحة والآثار في إحداث تغييرات إيجابية وتطوير في قطاع السياحة لكنها لم تنجح في الاستقطاب للسياحة الثقافية والترفيهية على الرغم مما تضمه بلادنا الغالية من الآثار التاريخية المتنوعة والمناطق الجبلية والساحلية والصحراوية الجاذبة ، ونصيحتي في هذه الوقفة للأسر الراغبة في سياحة حالمة ماتعة متوسطة التكلفة أن تختار ماليزيا المسلمة ففيها من مقومات السياحة وتنوع أغراضها ما يحقق أهداف السياحة الممتعة ، ونصيحتي للقائمين على إدارة السياحة في وطني ضرورة الاهتمام بقطاع السياحة الثقافية والترفيهية إلى جانب السياحة الدينية ومراقبة أسعار المنشآت السياحية والفنادق لتصبح في وضع معادل أو يقل عن السياحة في الدول المقصودة سياحيًا لإتاحة الفرصة للمواطنين للاطلاع على أهم المعالم الثقافية والآثار التي تزخر بها بلادنا . والله الموفق والمستعان .،،،
