الوقفة (93) : إلى بريطانيا في دورة تدريبية
في صيف العام الهجري 1433 وبعد أن تم قبول ابنتي الكبرى الأستاذة رؤى بنت سعود الزهراني الحاصلة على بكالوريوس العلوم في تخصص الأحياء من جامعة الأميرة نورة ضمن الطالبات المبتعثات لمواصلة دراسة الماجستير في تخصصها بدولة كندا ، تلقيت دعوة من وزارة التربية والتعليم للمشاركة في دورة للقيادات التربوية العليا في جامعة نيوكاسل بدولة بريطانيا تم التخطيط والإعداد لها من قبل الإدارة العامة للتدريب التربوي وخصصت لمديري التربية والتعليم ومساعديهم وحددت لها مدة أسبوعين من شهر نوفمبر عام 2012م ،
ولأهمية مرافقة ابنتي المبتعثة خلال مدة دراستها الأولى إلى حين يمكن إعادة ترتيبات جمعها وأخيها للدراسة في مدينة واحدة بدولة كندا اضطررت إلى طلب إجازة اعتيادية لمدة ثلاثة أشهر تفصل بينها إجازتي عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك لمرافقة ابنتي ، وكانت الدورة تتخلل تلك المدة وقد طلبت من الوزارة استبدال تلك الدورة بدورة مماثلة أو دورة لغوية في جامعة البرتا والتي حصلت منها على قبول لدراسة اللغة الإنجليزية أثناء مرافقتي الأولى لابنتي المبتعثة إلا أن القيادات العليا آنذاك في الوزارة لم يوافقوا على طلبي مما اضطرني لإعداد جدول زمني لحضور الدورة في نيوكاسل بدولة بريطانيا دون التأثير على مرافقة ابنتي في كندا .
وتم بالفعل التنسيق مع ابني المهندس رامي بن سعود الزهراني لمرافقة اخته خلال مشاركتي في الدورة وانطلقت بالفعل مسافرًا من دولة كندا إلى دولة بريطانيا بعد أن استقريت وابنتي في كندا بمدينة إدمنتون مقر جامعة البرتا التي ستتلقى فيها ابنتي وأتلقى فيها أيضا دورات اللغة وتكمل فيها ابنتي دراسة الماجستير ، وقد كانت الرحلة يسيرة لتوافر خطوط مباشرة بين مدينة إدمنتون ومدينة لندن التي وصلت إليها فجرًا ثم واصلت رحلتي إلى مدينة نيوكاسل بعد التوقف لبعض الوقت في مطار هيثرو ، وانطلقت بعد وصولي إلى مطار نيوكاسل باستخدام تاكسي المطار إلى الفندق الذي خصص لإقامة مديري التربية والتعليم ومساعديهم المشاركين في الدورة ، وكانت الأجواء خريفية ماطرة تميل إلى البرودة بعض الشيء إلا أن طبيعة بريطانيا عامة ومدينة نيوكاسل في ذلك الزمن تكسوها الخضرة وتهطل عليها زخات المطر المتقطعة مما يضفي على البيئة سحرًا خاصًا يشجع السواح على ارتياد المواقع السياحية المتوافرة بكثرة على البحيرات وفي الغابات والمزارع الممتدة في ضواحي المدن البريطانية ، وقد بدأ برنامج الدورة في جامعة نيوكاسل وقد تضمن مجموعة من المحاضرات لبعض الخبراء والمتخصصين في القيادة التربوية من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة كما تضمن بعض الزيارات الميدانية لبعض المدارس والمراكز والمؤسسات التربوية ومقر حكومة المحافظة وبعض الرحلات السياحية في البحيرات القريبة من نيوكاسل .
وقد لفت نظري تقارب نماذج المدارس بين ما سبق وأن اطلعت عليه في دولة نيوزيلندا في رحلة تدريبية سابقة وبين ما وقفنا عليه والزملاء مديري التربية والتعليم ومساعديهم المشاركين في الدورة بدولة بريطانيا مع بعض الفروقات القليلة لمصلحة النموذج النيوزيلندي، وأذكر أننا زرنا خلال تلك الدورة بعض المدارس الحكومية والأهلية المتفاوتة في مستوى التقييم الحكومي والمتفاوتة في التجهيزات وفي مستوى الأداء وتم الاطلاع على الأنظمة التعليمية وأساليب القيادة والتعليم في كل نوع منها ، ولم يكن بين المشاركين معي في تلك الدورة من مديري التربية والتعليم من كان معنا في زيارة دولة نيوزيلندا ، وكنت أثناء كل زيارة ألخص للزملاء المشاركين الفروقات بين النماذج من واقع المقارنة والملاحظة ، وقد حضر المشاركون أحد جلسات برلمان المحافظة بعد برنامج استقبال تضمن شرحًا وافيا عن علاقة الحكومة بالتعليم كنموذج من النماذج السائدة في دولة بريطانيا ، وقد كانت بالفعل دورة ثرية بالخبرات التربوية المتنوعة كما هي ثرية بتعريف المشاركين على الثقافة البريطانية والنشاطات السياحية المتوافرة .
وأذكر أن أكثر ما شدني في الأنشطة المصاحبة للدورة تلك الرحلة السياحية التي قصدنا فيها بحيرة سياحية في منطقة بونيس ونديرمر إلى الجنوب الغربي من مدينة نيوكاسل وتبعد عنها بما يقترب من مائة وخمسين كيلو متر ، وللوصول إليها ركوبًا الحافلة السياحية التي تستغرق قرابة الساعتين ونصف الساعة تمر بمجموعة من المدن والبلدات والقرى والمزارع الشاسعة والغابات في مناظر تشد السائح وتنسية طول زمن الرحلة ، وقد وجدت وبعض الزملاء في بعض المناظر على جانبي الطريق ما ذكرنا بالبيئة المحلية في منطقة الحجاز من جبال السروات في الوطن العزيز حيث الحواجز الحجرية بين الممتلكات وبعض أنواع الأشجار والمواشي التي ترتع في المراعي الممتدة بين المزارع واستخدام الأحجار المنتظمة في بناء المنازل والحصون والقلاع ، وما أن وصلنا إلى المنطقة المستهدفة انطلقنا في مجموعات لحجز مقاعد في المراكب السياحية التي يتضمن برنامجها جولة في البحيرة التي تقع عليها مجموعة من البلدات وصولا إلى منطقة سياحية على الضفة الأخرى من البحيرة حيث يتوقف المركب لمدة الساعة تقريبًا بما يمكن السائح من ارتياد المطاعم والمقاهي الممتدة على شاطئ البحيرة في تلك المواقع السياحية المثيرة بجمال طبيعتها وتوافر إمكانات السياحة فيها قبل العودة إلى مرسى المراكب السياحية في محطة الانطلاق ، وتنتشر الفنادق والنزل في البلدة المطلة على البحيرة كما تنتشر فيها المحلات التجارية التي تسوق الهدايا والمشغولات اليدوية والملابس والحلويات المصنعة محليا باستخدام حليب الأبقار والفواكه والشوكلاته ، كما تمتد ملاعب الجولف على الشاطئ وهي ملاعب مفتوحة للهواة ، وقد قضيت مع الزملاء في تلك المنطقة السياحية أروع وأجمل وأمتع الأوقات خلال تلك الدورة ، وقد قررت أن أعيد تجربة السياحة في بريطانيا متى ما أذن الله لي ولأسرتي بذلك لما وجدته من توافر مقومات المتعة السياحية كما أحبها ، وحتى تدوين هذه الوقفة لم يشأ الله أن أحقق ما قررته بإذنه ولعل الله يمن علي وأسرتي بذلك مستقبلا .
ونصيحتي في هذه الوقفة للقائمين على التدريب والابتعاث في وزارة التعليم بضرورة تكرار تنفيذ مثل هذه الدورات النافعة للقيادات التربوية في جميع مستوياتها وخاصة القيادات المدرسية فما يمكن تعليمه للقيادات نظريًا في عام أو عامين يمكن إكسابهم إياه في دورات مماثلة خلال أسابيع ، وقد تعلمت من الدورات التي تلقيتها خارج حدود الوطن العزيز إلى بعض الدول المتقدمة في مجال التعليم أكثر مما حصلت عليه من خبرات خلال مشواري العلمي إلى أن حصلت على الدكتوراه ، ولعل وزارة التعليم تفعل ما بدأه وأعلنه سمو الأمير خالد الفيصل عندما تولى حقيبة الوزارة بتنفيذ دورات تدريبية للقيادات التربوية والمعلمين إلى بعض دول العالم حيث خصصت ميزانية ضمن مشروع تطوير لتدريب خمسة وعشرين ألف معلم يقومون عند عودتهم بنقل خبراتهم إلى زملائهم ، فرهان الدول لنمائها وتطورها مرتبط بمستوى الأداء في مؤسسات التعليم ، ولا أرى من وجهة نظري المتواضعة اهمال توجه الدولة للاستثمار في الإنسان من خلال تطوير نظام التعليم ، ولعل ما اعتمد لتطوير التعليم من ميزانيات يستثمر في توجيهها نحو تحسين مستوى التعليم بتطوير الكفاءات القائمة عليه من القياديين والمعلمين ، وفي مثل هذه الدورات الخارجية مجال رحب لإكساب القائمين على التعليم مجموعة من الكفايات التربوية المتميزة والتي قد تسهم في إحداث النقلة النوعية المطلوبة بإذن الله ، وأدعوا الله أن يوفق الجميع إلى تحقيق التطوير المأمول ، والله الموفق والمستعان .،،،