الباقيات

وتَبْقى الذكرياتُ إذا ما غادرَ البشرُ ..

فإمّا نَفعُها باقٍ وإمّا شابَها الكَدرُ ..

فزدْ من الخيرِ في الدنيا لِمنفعةٍ ..

وانْفقِ المالَ لا منٌّ ولا قترُ ..

فالناسُ في مِحنةٍ كلٌّ بمحنتِهِ ..

وذلكَ الحالُ ممّا سطّرَ القدرُ ..

فابعثْ رسائلَ ودٍ أنتَ تتُقنُها ..

فالودُ يرجوهُ في أنواعِهِ البشرُ ..

ودمْ على الودِّ حتى لو يقابلُه ..

سخطٌ وهجرٌ لمنْ للودِّ قدْ مَكروا..

واربأ بنفسِكَ عنْ قولٍ تُذمُّ لهُ ..

وكنْ رحيمًا ليَظهرْ طيبُك العَطِرُ ..

ولا تجادلْ بفكرٍ لستَ تتقنُهُ ..

فَدَاءُ ذو العقلِ جهلٌ زادَه الغَرَرُ ..

ولا تبادرْ بردِّ القولِ مُنفعلًا ..

بلْ زِنهُ واحْكمْ فإنَّ العقلَ ينتصرُ ..

وكنْ رؤوفًا إذا حُكّمت في بشرٍ ..

فمَا يُهانُ الذي بالخيرِ يَبتدرُ ..

وإنْ بدتْ في عيونِ الناسِ مسألةٌ..

فلا تغادرْ سؤالًا كانَ يَنتظرُ ..

واجمعْ من الخيرِ ما تلقى أثارتَهُ..

في يومِ لا ينفعُ الإنسانَ ما يزرُ ..

وإنْ بدتْ سوءةٌ للعينِ تبُصرُهَا ..

فاسترْ على كلِّ سُوءٍ حينَ يَستترُ ..

ولا تنمَّ ولا تغْتابَ منْ بَطرٍ ..

فكمْ منَ الناسِ قدْ أهلكْهمُ البَطرُ ..

ولا تَقفْ عندَ أمرٍ لستَ تعلمُه ..

من أجلِ حُكمٍ ونَقْدٍ ما لهُ أثرُ ..

وعشْ كمنْ عاشَ لا يَخْشى خطيئتَهُ ..

مستغفرًا تائبًا إنْ أزّه ضَررُ ..

مستعصمًا بحبالِ اللهِ أوثقُهَا ..

في العسرِ واليسرِ لا كلٌّ ولا ضَجرُ ..

فمَا الحياةُ سوى ظلِّ تمرُ بهِ ..

لا بُدَّ أنْ تنتهي يومًا وتنْدثرُ ..

فخذْ منَ العمرِ فيها كلَّ منفعةٍ..

وافرحْ بِبِرّكَ حينَ النفسُ تحتضرُ ..

فالباقياتُ لمنْ وَفّى أمانتَهُ ..

ينجو بها حينَ ينجو مؤمنٌ نظِرُ ..