انتشرت مصطلحات نسبة التربية إلى بعض المجالات والتخصصات لتمييزها عن التربية العامة وتخصيصها بالمجال المنسوبة إليه مثل التربية الدينية والتربية الاجتماعية والتربية الفنية والتربية المهنية والتربية الرياضية والتربية النفسية والتربية الاقتصادية والتربية السياسية ونحوها إلا أن مصطلح التربية الخاصة أطلق على التربية المعنية بفئات ذوي الإعاقة والظروف والاحتياجات الخاصة ،
ولم يتم كثيرًا تداول مصطلح التربية العامة كما تم تداول بعض المصطلحات في مجال الإدارة وفي العلوم وفي الثقافة مثل الإدارة العامة والعلوم العامة والثقافة العامة ونحوها ، وإن كانت حين ترد فإنها تعني شمول جميع الفئات في جميع المجالات ، فالتربية العامة تشمل الخاصة والمتخصصة والفئات السوية وغير السوية والتي تتطلب عناية خاصة.
تُعرف التربية الخاصة بأنّها مجموعة من النشاطات والبرامج التربوية التي تختص بتقديم الرّعاية والعناية الخاصة لفئة معينة من الأشخاص ذوي الإعاقات المتنوعة ، ويكون الهدف من هذه البرامج تحفيز القدرات العقلية والجسدية التي يمتلكونها لأكبر حد ممكن، ومساعدتهم على تحقيق ذواتهم وتكيفهم مع البيئة المحيطة بهم على أكمل وجه، وتُعنى برامج التربية الخاصة بذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة اهتماماً خاصاً، إذ تبدأ بتعليمهم ضمن برامج تعليم خاصة مراعية لخصائص إعاقاتهم ونموهم أو من خلال دمجهم مع الأسوياء في عمليات التعليم والتعلم مع تخصيصهم ببعض برامج الرعاية والعناية الخاصة، ويستفيد من برامج التربية الخاصة الأفراد المعاقين وغير القادرين على الاستفادة من برامج التعليم والتعلم العادية، كما يُمكن تعريف التربية الخاصة بأنها الخدمات التربوية والتعليمية التي تقدمها المؤسسات النظامية للأفراد من فئات ذوي الإعاقة لإعدادهم للحياة والتفاعل مع المجتمع بشكل إيجابي .
تتنوع فئات الطلاب الذين يحتاجون إلى تربية خاصة وتعليم خاص يراعي خصائصهم وتنوع إعاقاتهم ومن هذه الفئات فئة الموهوبين والمتفوقين والمبدعين، وفئة ذوي الإعاقة العقلية ، وفئة ذوي الإعاقة السمعية ، وفئة ذوي الإعاقة البصرية ، وفئة ذوي الإعاقة الحركية ، وفئة ذوي الإعاقة الفكرية ، وفئة ذوي الإعاقة الانفعالية ، وفئة التوحد ، وفئة متلازمة داون ، وفئة ذوي الاضطرابات في النطق واللعة والتواصل ، وفئة صعوبات التعلم المتعددة ،وكل فئة من هذه الفئات وغيرها من فئات التربية الخاصة تتطلب محتوى تربوي وتعليمي خاص ومتطلبات مكانية وتجهيزات تتوافق مع خصائص المنتمين إليها ، وتحرص الدول والأنظمة التربوية والاجتماعية في الكثير من دول العالم على العناية بذوي الاحتياجات الخاصة من جميع الفئات والتنافس في شمولهم بالرعاية والتنمية وبالإعداد الشامل للحياة ، وقد برزت مجموعة من الاستراتيجيات التربوية للتربية الخاصة خلال تأريخها وتنوعت بتنوع استراتيجيات التربية والتعليم في الدول التي طبقتها ومنها استراتيجية العزل وهي استراتيجية تقوم على أساس تربية الأفراد المعاقين في مؤسسات تربوية خاصة بهم وفق فئات إعاقاتهم ومنعزلة عن تربية الأسوياء، وقد وجهت لهذه الاستراتيجية بعد العمل بها لعقود زمنية الانتقادات التربوية لتأثير مخرجاتها سلبيًا على دمج ذوي الإعاقة في المجتمع فبرزت استراتيجيات الدمج المتنوعة والتي بدأت بالدمج الجزئي بتخصيص فصول وبيئات ملائمة لخصائص ذوي الإعاقة داخل مؤسسات التربية والتعليم العامة ثم برزت بعد ذلك استراتيجية الدمج التكاملي حيث يتلقى المعاقين من ذوي الإعاقة بعض الدروس والتدريبات مع زملائهم الأسوياء وينفردون بما يخصهم في بيئات تربوية وتعليمية خاصة ثم برزت استراتيجية الدمج الكلي والتي ألغيت فيها بعض المؤسسات التربوية المنعزلة لذوي الإعاقة من بعض الفئات ، وكثير من دول العالم اليوم تطبيق جميع الاستراتيجيات وفقًا لنوع الإعاقة لدى المعاقين من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة ، وفي وطني العزيز طبقت جميع الاستراتيجيات ولا تزال .
ولتزايد الاهتمام بفئات ذوي الإعاقة وبأساليب تربيتهم وتعليمهم بما يحقق المأمول ويسهم في دمجهم مع المجتمع والإفادة من طاقاتهم وخبراتهم ومهاراتهم في التنمية الوطنية فقد نشأت في العديد من الجامعات السعودية أقسامُا متخصصة في إعداد معلمي ذوي الإعاقة ومتخصصين في التربية الخاصة كما نشأت في بعضها جمعيات علمية وطنية لبعض تخصصات التربية الخاصة ونشأت كذلك مجموعة من الجمعيات الخيرية لرعاية ذوي الإعاقة وقد شرفت بالمشاركة في تأسيس جمعية “جذا” لذوي الإعاقة بالخرج والمشاركة في مجلس إدارتها لأكثر من دورة، كما شرفت بالمشاركة في تأسيس الجمعية العلمية للموهبة والإبداع في جامعة طيبة والمشاركة في مجلس إدارتها في الدورة الأولى ، وقد قدمت بعض الجهود المتواضعة في مجال البحث في قضايا وشؤون التربية الخاصة وشارك بالعديد من البحوث وأوراق العمل في بعض المؤتمرات واللقاءات المحلية والإقليمية ، وأدرك كغيري من المهتمين بأن قضايا التربية الخاصة تتطلب المزيد من العناية والاهتمام وإجراء البحوث والدراسات المتخصصة لتطوير برامجها وأنظمتها ومناهجها وتجويد مخرجاتها.
لقد سررت كثيرًا بتبني شركة تطوير الخدمات التعليمية التابعة لمشروع تطوير برنامجًا لتطوير التربية الخاصة يسعى إلى إعادة بناء المدرسة لتحتضن كل الطلاب بحب وتقبلهم بدرجة متساوية. وتقوم فكرة البرنامج على تنفيذ «التعليم الشامل» بالشراكة مع أحد بيوت الخبرة العالمية المتخصصة في مجال التربية الخاصة لتطوير الدمج في مدارس التعليم العام، وبناء أدلة إجرائية ومرجعية تطبق في المدارس النموذجية. ويتضمن ذلك وضع الأسس، والثوابت، والضوابط، والمعايير، والمتطلبات، والمستلزمات، والآليات، والإجراءات الكفيلة بتهيئة المدارس لتصبح بيئة نموذجية للتعليم الشامل للتربية الخاصة، ويهدف البرنامج إلى الآتي:
- تطوير السياسات المتعلقة بتحديد الطلاب ذوي الإعاقة وتصنيفهم إلى الذين يعانون تحديات عقلية خاصة، والذين يعانون تحديات بدنية خاصة، والذين يواجهون الخطر، وذوي الظروف الاجتماعية والاقتصادية الحرجة.
- تقويم فاعلية وكفاءة السياسات المتعلقة بتحديد الطلاب وتصنيفهم مرحلياً لكل فئة من الفئات المستهدفة.
- تطوير أدوات علمية تحدد الطلاب ذوي الإعاقة وتقومهم.
- تنمية الوعي والإدراك، وبناء السياسات، وأطر العمل؛ لدمج الطلاب الذين يعانون تحديات عقلية وبدنية في التعليم العام.
- تهيئة فرص التحاق متساوية لتعليم متكافئ ومناسب في المدارس للطلاب ذوي الإعاقة كافة دون النظر إلى الجنس أو الخلفية الاجتماعية المادية أو الموقع الجغرافي أو طبيعة الاحتياج الخاص.
- إتاحة فرص التعلم المخصصة التي تلبي الاحتياجات الخاصة للطلاب الموهوبين والمبدعين.
- الأخذ بأنظمة الدعم المدرسية للطلاب المعرضين للخطر.
- توفير فرص أخرى أو بديلة للتعلم مدى الحياة لمن هم خارج النظام التعليمي أو الذين لم يلتحقوا بالمدارس.
وإذا ما نجح البرنامج في تحقيق أهدافه فسوف يسهم بشكل مباشر بإذن الله تعالى في تطوير التربية الخاصة وتحقيق أهداف برنامج التحول الوطني 2020 وأهداف برامج تحقيق الرؤية الوطنية 2030 ، وإني لأرجو أن أشاهد الآثار الإيجابية لمخرجات التربية الخاصة المطورة في مستقبل وطني العزيز قريبًا، والله الموفق.