حَلِمْتُ بِنَظْمِ شِعْرٍ لَا يُشَابِهُهُ شِعْرُ..
في الحَبْكِ وَالوَزْنِ لَا يُعَانِقُهُ سِحْرُ..
فَقُلْتُ أبْدَأُ بِالْغَزَلِ العَفِيفِ..
لِذَاتِ الحُسْنِ وَالخِصْرِ الرَّهِيفِ..
وَأتُوهُ في وَصْفِ الجَمَالِ..
وَالسِّحْرِ الحَلَالِ..
فَلَعَلَّ الأَحْرُفُ الأوْلى تَكُونُ لِيَ الأَجْرُ..
فَشَرَعْتُ بِالتَّفْكِيرِ في شِعْرِي..
فَبَعْضُ الشّعِرِ لَا يُغْرِي..
وَلَا يَسْرِى..
وَلَا يَفُوحُ إذَا مَا فَاحَ مِنْ عَبَاءَتِهِ عِطْرُ..
فَعُدْتُ إلى وَزْنِ البُيُوتِ وَنَظْمِهَا..
بِقَافِيَةٍ يَجْلُو بِهَا الْجَرْسُ وَالْبَحْرُ..
فَرَاوَدَنِي حُلْمِي وَغَيَّرَ فِكْرَتِي..
فَذَاكَ الشّعْرُ مُعْتَادٌ..
وَمُرْتَادٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ..
فَإيْنَ جَدِيدُ الشّعْرِ إنَّ الوَزْنَ مُنْكَسِرُ..
فَمَا انْفَكَّيْتُ ابْحَثُ عَنْ مُعَلَّقَةٍ..
أُعَلِّقُهَا بِصَرْحِ الشّعْرِ لَا يُمْحَى لَهَا أثَرُ..
تَضُمُّ وَصْفًا وَمَدْحًا لَا يُكَدِّرُهَا..
لُغَةٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا جَرْسٌ وَلَا وَتَرُ..
فَاخْتَرْتُ أُوْصِفُهَا بِعَاصِفَةٍ.. وَقَاصِفَةٍ..
في الشّعْرِ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ..
يَهُبَّ في نَقْدِهَا النُّقَّادُ مِنْ عَجَبٍ..
وَمِنْ عَتَبٍ..
وَيَرْجِعُونَ إلى التّأريخِ لَنْ يَجِدُوا..
مِنْ مِثْلِهَا في بُيُوتِ الشّعْرِ مَا حَصَرُوا..
هَذَا الجَدِيدُ مِنَ الأشْعَارِ يَأسِرُني..
وَأظَلُّ أَحْلَمُ أنْ أُقَعِّدُهُ..
وَفي التّأريخِ أرْصُدُهُ.. وَأحْشِدُهُ..
وَأنْظُمُ مُنْهُ أبْيَاتًا وَمَا يَسْعَدْ بِهِ البَشَرُ..
يَا زَهْرةً مِنْ صَليِبِ الصَّخْرِ مَنْبَتُهَا..
هَلْ زَارَكِ اليَومَ سَاهٍ سَاقَهُ القَدَرُ؟
عَكَفْ عَلى وَصْفِ سِحْرٍ فِيكِ أرَّقَهُ..
فَقَالَ شِعْرًا وَفِيهِ السِّحْرُ وَالعِبَرُ؟
وَانْسَاقَ لِلحِلْمِ أنْ يَبْني قَصِيدَتَهُ..
بِدُونِ قَيْدٍ وَلَا وَزْنٍ وَقَافِيَةٍ..
وَلَا المَعَاني بِخَافِيَةٍ..وَنَافِيَةٍ..
وَلَا يَتُوهُ بِهَا فِكْرٌ وَلَا عِطْرٌ وَلَا نَظَرُ..
وَلَا يُكَرِّرُ بَانِيهَا تَرَاتِيلًا أَلَمَّ بِهَا..
وَلَا يُقَالُ إذَا مَا قِيْلَ أنَّ الأمْرَ مُسْتَعِرُ..
نَعَمْ بَنَيْتُ بُيُوتَ الشّعْرِ أجْمَلَهَا..
وَجُلَّهَا مِنْ بُحُورِ الشّعْرِ تَتْغَذَّى وَتَعْتَصِرُ..
لَكنَّ هَذِي هِيَ الأُوْلَى مُحَرَّرَةٌ..
مُحَبَّرَةٌ.. مُقَرَّرَةٌ..
وَمِنْ جَدِيدِ القَصَائِدِ تُجْمِلْ ثُمَّ تَخْتَصِرُ..
فَمَنْ حَسَبْهَا مِنْ الأبْدَاعِ هَذَا حُكْمُهُ وَلَهُ..
أنْ يَنْتَقِدْ مَا يَرَى في الشّعْرِ لِلإبْداعِ يَفْتَقِرُ..
وَسَوفَ تَبْقَى بِعَينِي زَهْرةً نَبَتَتْ..
مِنْ قَلْبِ صَخْرٍ..
عَلَى نَهْرٍ.. وَبَحْرٍ..
وَأرْوَتْهَا شُمُوسُ الشَعْرِ وَالقَمَرُ..