29) قصور التخطيط الإستراتيجي للتطوير :
اعتادت بعض الأنظمة التعليمية في بعض الدول النامية إلى إجراء عمليات تطوير التعليم دون الإرتكاز إلى تخطيط إستراتيحي رصين نتيجة ضعف ثقافاتها التخطيطية أو لحماس وقتي لدى بعض الحكومات والقائمين على التعليم فيها استجابة للضغوط الداخلية والخارجية ولإرضاء المجتمعات الطامحة إلى تعليم نوعي منافس فتقوم بعمليات تطوير جزئي ما يلبث أن يفشل في تحقيق الآمال والطموحات المجتمعية لعدم مراعاة شمول التطوير ومراعاة المتغييرات والتطورات الآنية والمستقبلية ،
فيلاحظ في مثل هذه الأنظمة كثرة البرامج والمشروعات التطويرية المحدثة وكثرة البرامج والمشروعات الملغاة نتيجة الشروع في مشاريع جديدة ، وغياب التخطيط الإستراتيجي أو قصوره يظل سببًا في فشل أغلب تلك المشروعات التطويرية ، وفي وطني العزيز وقع النظام التعليمي في مثل هذه الممارسات على مدى تأريخه حيث يلاحظ تبني بعض قيادات التعليم إحداث بعض مشاريع التطوير للتعليم وعند تغيير تلك القيادات تأتي قيادات أخرى فتلغي ما أحدث قبلها لتبدأ بمشاريع جديدة وكل ذلك لا يرتكز على تخطيط إستراتيجي رصين يأخذ في الاعتبار كل احتمالات المتغيرات الداخلية والخارجية ويتلافى المعوقات ويضمن استمرار عمليات التطوير ، فقد ألغت وزارة التعليم في وطني من مشاريع تطوير التعليم على سبيل المثال مشروع التغذية المدرسية ومشروع المدارس الثانوية الشاملة ومشروع المدارس الثانوية المطورة ومشروع التقويم الشامل للمدرسة ومشروع المدارس الرائدة ومشروع الإشراف التربوي المتنوع ومشروع تطوير المناهج التعليمية ، ومشروع الخطة الإستراتيجية العشرية ، ومشروع الخطة الوطنية الإستراتيجية لتطوير التعليم ، ومشروع الإختبارات المركزية لمراحل التعليم المختلفة ، ومشروع وطني للحاسب الآلي ، وغيرها من المشروعات التربوية والتعليمية والإدارية ، التي بدأت بحماس القيادات وأنتهت إلى عدم قناعة القيادات التالية بجدواها ليتم إتخاذ قرارات إلغائها ، وفي المقابل نشأت مشاريع جديدة على أثر حماس بعض القيادات وهي عبارة عن برامج ومشاريع تربوية وتعليمية وإدارية يعتقد بأنها ستسهم في تطوير التعليم العام مثل المشروع الشامل لتطوير المناهج التعليمية ومشروع مدارس تطوير ومشروع أندية الحي ومشروع فطن ومشروع فارس ومشروع نور ومشروع تكافل ومشروع دروس الفضائية وغيرها من المشروعات التطويرية والتي ستنتهي عند عدم توافر قناعة قيادات التعليم العام بجدواها مستقبلا وستنشأ برامج ومشروعات بديلة لاكتساب تأييد القيادات العليا في الدولة وقناعة المهتمين بالتعليم وتطويره في المجتمع وأجد أن قصور التخطيط الإستراتيجي للدولة وللنظام التعليمي وغياب العمل المؤسسي يقفان وراء إلغاء تلك المشاريع التطويرية الملغاة وفي نشأة غيرها تباعًا ، ولتلافي مثل هذه الممارسات في مستقبل التعليم فإن على الدولة والقائمين على التعليم من القيادات الجديدة والمستقبلة تبني مبدأ التخطيط الإستراتيجي بعيد المدى والالتزام باستمرار المشروعات التطويرية وعدم إلغائها إلا إذا ثبت بالتقويم التتابعي عدم تحقيقها لمارسم لها من غايات وأهداف ، وفي الغالب أن ما بني وفق خطط استراتيجية رصينة فإنه قابل للاستمرار مع تنوع المتغيرات والمؤثرات والمعوقات عبر المدى الزمني المخطط له ، ولذلك فإن دعواتي المتتابعة تتضمن ضرورة الاعتماد على التخطيط الإستراتيجي لتطوير التعليم فغيابه بدون شك يعد من المعوقات الرئيسة لنجاح عمليات تطوير التعليم .
وآمل أن تساعد توجهات الدولة نحو اعتماد رؤية مستقبلية للوطن الحبيب وإطلاق مشروع التحول الوطني للمستقبل ما يدفع إلى اعتماد التخطيط الاستراتيجي للتطوير في جميع مؤسسات الدولة ومنها قطاع التعليم العام والذي لا شك أنه في حاجة ماسة لاستمرار تطويره بما يتلاءم مع خصائص وسمات المستقبل ومتطلباته لتحقيق نتائج ذات قيمة عالية في سلم الترتيب العالمي وبما يلبي الاحتياجات الوطنية لتحقيق تنمية شاملة ومتطورة ومستدامة .