المدرسة البنائية !!
تقوم فلسفة المدرسة البنائية على الخبرة التعليمية المفتوحة وتصميم التعلم وبيئة التعلم بما يحقق المزيد من التعلم وفق إمكانات وخصائص المتعلم ، ولا يكون المحتوى محددًا بل يحدده اتجاه المتعلم ولا يستخدم فيه أساليب التقويم العامة التي تتنبأ بالمخرجات بل تستخدم فيه أساليب التقويم البديلة والذاتية من قبل المتعلم ، وهو توجه لا يعكس نظرية وصفية للتعلم بل هو دليل لكيفية تصميم بيئة التعلم البنائي .
ويتطلب التعلم في ظل الفلسفة البنائية نشاط المتعلم ، ويحتوي على محاور للتركيز على بيئة التعلم التي تتضمن مشكلات حقيقية ومتتابعة ، ووسائل لتوجيه المتعلم أثناء تعامله مع تلك المشكلات ، وهذا التوجه يحتاج إلى رؤية جديدة لتصميم محتوى التعلم وأساليب التدريس وتصميم بيئة التعلم النشطة.
وقد اقترح ( جوناسن Jonassen) نموذجًا لتصميم بيئة تعلم بنائي تقوم على التفكير الداخلي الذي يساعد على التفسير والتبوء والاستفادة من النتائج ، والتفكير الجماعي لمشاركة الرؤى مع الآخرين ، وتقديم قضايا ومشكلات حياتية واقعية للمتعلمين تتلاءم مع ميولهم واهتماماتهم واحتياجاتهم ، و أساليب وطرق لحل تلك القضايا والمشكلات ، ووصف استخدامها من قبل المتعلمين في بيئة تعلم نشطة تساعد على التفكير وبناء نماذج المعرفة.
ونتيجة للتطور المذهل في تقنية المعلومات والاتصالات برزت أهمية النظرية البنائية لتصميم خبرات التعلم والمواقف التعليمية ، وتطورت معها أدوار المعلم لتشمل :
- توفير بيئة تعليمية آمنة يعبر فيها الطالب عن رأيه بحرية .
- توظيف الخبرات السابقة للمتعلمين في المواقف التعليمية وربطها بالتعلم الجديد لمساعدتهم على التعلم المتكامل مع البناء المعرفي الملائم .
- تقديم مواقف وخبرات ومشكلات حسية حقيقية وغير حقيقية تساعد المتعلمين على التفكير الإيجابي وتحفزهم على التعلم .
- إثراء البيئة التعليمية بالمثيرات المتنوعة التي تدفع المتعلمين إلى البحث عن المعرفة وتحليلها وبنائها وتوظيفها .
- توفير خبرات تعليمية وفرص تعلم داعمة للمهارات العقلية ومحفزة للتعلم الذاتي .
- توفير مصادر تعلم متنوعة يمكن للمتعلم استخدامها وتوظيفها لتلبية احتياجاته.
- تنظيم الخبرات التعلمية بحيث تساعد المتعلم على التفكير التأملي وتحليل جزئيات المعرفة من أجل الاكتشاف .
- تنويع أساليب التدريس بما يلبي احتياجات المتعلمين ويراعي الفروق الفردية بينهم .
- تقويم تقدم التعلم تقويمًا بنائيًا وتوظيفه لتقديم تغذية راجعة تساعد على توجيه التعلم .
- توفير أنشطة ووسائط تعلم تنمي مهارات البحث والاكتشاف والاستقصاء واستخدامها في موقف التعلم .
- تنفيذ المواقف التعلمية بما يحقق العمل الجماعي وتعاون المجموعات .
وتسعى الكثير من الأنظمة التعليمية المعاصرة لتطبيق هذه النظرية بدلا عن نظرية المعرفة التي تتبناها المدرسة المعرفية والتي تركز على عمليات الدماغ كترميز المعرفة وتمثيلها وتخزين المعلومات واستدعائها والتكامل بين المعارف الجديدة والسابقة، ويولون مناصروها ومتبنوها اهتماما بالغًا بالطريقة التي يتم بها تشكيل المعرفة وإعدادها لعمليتي التعليم والتعلم ، ولعل الجهود التي انطلقت في المملكة العربية السعودية لتطوير المناهج قد تبنت النظرية البنائية وانتمت جل عمليات التطوير في المشروع الشامل لتطوير المناهج ومشروع المقررات للتعليم الثانوي إلى هذه المدرسة ، وتحتوى فلسفة مشروع تطوير على ما يؤكد تبنيها للنظرية البنائية ، وهو توجه حسن في ظل التطورات في مجالات التقنيات التربوية والمعلوماتية وفي ظل التوسع الكبير في استخدام التقنيات ومراكز مصادر التعلم المتنوعة ، واستهداف تنشيط دور المتعلم في العملية التربوية والتعليمية لاكتساب مهارات التعلم الذاتي والتعلم للإتقان والاكتشاف وإكسابه مهارات التفكير الناقد وحل المشكلات والمهارات الحياتية اللازمة لدمج الناشئة في مستقبل العمل ، والمأمول من القائمين على عمليات التطوير التأكد من تبني فلسفة المدرسة البنائية فهي من وجهة نظري المتواضعة خيار لابد منه لبلوغ الأمل المنشود ،،، والله الموفق ،