تحسّبْ فإن المرءَ في الأصلِ مُبتلى
ومُفتَتنٌ بالأهلِ ماضٍ وحاضرِ
فإنْ أفلَ الإخلاصُ فالكلُّ خائنٌ
ومنْ كانَ خوانًا فليسَ بِناصرِ
وأقسى جِراحُ المرءِ جُرحٌ يَؤزُّهُ
بظلمِ ذوي القُربى وأهلِ الأواصرِ
فمنْ يَتّعظْ وقتَ الشدائدِ فليكنْ
نبيهًا لِحالاتِ القريبِ المُعاشرِ
فإنْ كانَ برًّا في الشدائدِ ناصرًا
فتلكَ هي القُربى بنفسِ المَشاعرِ
وإنْ صَدَّ ذو القُربى صُدودَ مُكابرٍ
فما قُربُه يُرْجى وليسَ بِآسرِ
ومنْ لمْ يَذقْ بَرْدَ الوفاءِ فإنَّهُ
حزينٌ وإنْ أبْدى سعادةَ حائرِ
فليْتَ الذي بيني وبينَ أحبتي
وفاءٌ رصينٌ ليسَ منْهُ بِعابرِ
وليْتَ الذي أوفيتُ للهِ حقَّهُ
يَردُّ الوفا حقًا لقلبي المُناصرِ
فما العيشُ عيشٌ إن تخلّى أحبتي
ولو حِيزتِ الدنيا لنفسي وناظري
وما قُربتي قُربى إذا صدَّ جُلُّهم
ولا نَسَبي فيهم سَيكشِفُ ساتري
ولو أنَّهم كانوا السلاطينَ ذاتِهم
وكانوا يَسُودونَ البلادَ بِحاشرِ
فإنّي لِمنْ صَدّوا عزيزٌ مُسامحٌ
يداوي جِراحَ الصدِّ ليسَ بِمُفْترِ
ومنْ ذاقَ ظلمَ الناسِ يومًا فإنه
يحسُّ الأسى قهرًا بكِّل المشاعرِ
فيا أيُّها الإنسانُ رِفقًا بِقُربةٍ
ترى فيكَ أمالَ الوفاءِ بِعاطرِ
وكنْ مُخلِصًا فالبِرُّ للعبدِ هيّنٌ
وحافظْ على القُربى وكلِّ الخواطرِ
لِتسمو معَ منْ قدْ سَما في مَودّةٍ
وتبقى عزيزًا في حياةٍ ومحشرِ