الحمد لله الذي لا إله إلا هو المنعمِ المعطي الوهابِ ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وعلى جميع أنبياء الله ورسله والتابعين لهم على الهدى والإسلام إلى يوم الدين، أما بعد:
فبين ماض عابق بالقيم والرجال الذين سطروا جميل السير والعبر، ومستقبل سمته التقدم الدائم والتطور نحو الأتمتة والرقمية والتقانة المتطورة الذكية ، يحل اليوم الوطني (93) الثالث والتسعين للمملكة العربية السعودية لعام 1445-2023 في محطة اعتزاز واستذكار وتأمل ووعد ، اعتزاز وافتخار بما تحقق بفضل الله تعالى ثم بتكافل كل مكونات الوطن، واستذكار لنعم الله تعالى علينا ومداومة شكره عليها، وتأمل في كيفية استكمال مسيرة التقدم وتحقيق الأفضل للبلاد والعباد، ووعد بالمحافظة على الأمانة، أمانة القيم والمبادئ العربية والإسلامية.
لقد أنعم الله تبارك وتعالى على بلادنا بأن هيأ لها من أبنائها من بناها وحماها وحافظ على وحدتها ونمائها وهيأها لتأخذ موقعها الريادي بين دول العالم باعتبارها بلاد الحرمين الشريفين ومأوى أفئدة المسلمين، وها هي الأجيال المتعاقبة في وطني تجني ثمار غراس الآباء والأجداد وتشهد التحولات الهائلة والتطورات المذهلة في شتى الجوانب التنموية.
وحين نستعرض تلك السنوات من تأريخ المملكة العربية السعودية الغالية ننظر باعتزاز لتلك الجهود الجبارة والهمم العالية التي وقفت بإذن الله تبارك وتعالى خلف كل ما تحقق من الإنجازات في مختلف المجالات والميادين التنموية والحضارية عبر العهود الزاهية المتوالية لوطننا العزيز وإننا إذ نتذكر هذه المناسبة و الذكرى الغالية لنستشعـر أهمية العمل على غـرس حب الوطن في نفوس النشء وتعزيز وتنمية مشاعـر الانتماء لهذه الأرض الطاهرة في نفوس أبنائنا وبناتنا وتحصينهم ضد حملات التضليل التي تستهدف أمننا واستقرارنا ، و لقد قامت حضارتنا المجيدة على أساس متين من القيم والثوابت مستمدة دستورها ومنهجها من كتاب الله عـزّ وجل وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرا وتحكيم شريعة الله في عصر ازدحم بالأيدولوجيات والمذاهب الفكرية الوضعية المختلفة التي تقوم عليها كثير من الكيانات السياسية في العالم ، فكانت الدولة السعودية نتاج فكر إسلامي وسطي لا تزعـزعها ولا تهزها التيارات والنظريات الفكرية المختلفة ومتفردة بالمنهج والدستور والحكم والسياسة واللحمة المتينة بين القيادة والشعب ونحمد الله تبارك وتعالى على ذلك.
وخلال العقود الماضية بعون الله تعالى خطت المملكة العربية السعودية خطوات واثقة وجريئة في كافة الميادين العمرانية والعلمية والتكنولوجية والصناعية والاقتصادية وكتب لها بعض النجاح فيها بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بتصميم قيادتها وتلاحم أبنائها.. وهي إذ تنظر إلى الوراء نظرة تقييم ترى أنها حققت قفزات جيدة وغدت اليوم دولة متحضرة لها مكانتها وموقعها المتميز بين كافة دول العالم.
وقد سجلت المملكة العربية السعودية تقدمًا كبيرًا في المجالات التنموية المختلفة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية وتوجت جهودها المتطورة في ذلك بالعناية بالمستقبل واستراتيجياته من خلال رؤية المملكة 2030 التي ركزت على رفع الوعي بالتحديات المستقبلية ومقابلتها بالخطط الاقتصادية والتنموية لتحقيق الأمن والاستقرار و مكافحة معوقات التنمية الشاملة، وقد نالت جميع قطاعات الدولة نصيبها من التمويل المتواصل من الدخل القومي والميزانية السنوية للنهوض بالخطط والمشاريع لتحقيق تنمية متفوقة للمواطنين والمقيمين وقد تباينت نجاحات قطاعات الدولة والوزارات في ذلك ، ولعل توجهات الحكومة أيدها الله تعالى لا تزال تسير في اتجاه النماء والتطوير والتغلب على المعوقات.
وفي هذه الذكرى الثالثة والتسعين لتوحيد وطني والمتزامنة مع نجاحها في مؤشرات التنافسية العالمية ونجاحها في رفع نسبة الدخل الوطني وتقليص التضخم وتقليص نسبة البطالة وتمكين المرأة ومشاركتها الدول العشرين الكبار في العالم رسم سياسة الاقتصاد العالمي فإني أوصي جميع المواطنين من مثلي بالمحافظة على ما من الله به علينا من نعمة الأمن والاستقرار والسلامة من الفتن التي عصفت بالدول المجاورة من حولنا نتيجة الاختلاف والتحزب والأطماع في السيادة والسيطرة والحكم ، وأدعو كل إخواني المواطنين إلى الإكثار من شكر الله تعالى على السلامة والحرص على سد باب الفتن من ناحيتهم والمشاركة في التنمية كل بقدر طاقته وخبرته وعلمه ومكانه من العمل والمشاركة ، وأدعوهم إلى الاستفادة من وسائط التقنيات المعاصرة في التعليم والعمل واللقاءات والتواصل الرقمي وفقًا لضوابط الشرع وبما ينفع الأمة والوطن ، وأدعو في الوقت نفسه حكومتنا الرشيدة إلى الاستمرار في إحداث مشاريع التنمية المتطورة واستكمال البنى التحتية لرخاء المواطنين ، والتطوير في أنظمة الحكم والسياسة والاقتصاد والتربية والتعليم والإسكان والقضاء وغيرها بما يتيح أكبر قدر ممكن من المشاركة الوطنية الآمنة في الهياكل واتخاذ القرارات وتحقيق رؤية الوطن 2030 وفي تشكيل الرأي السياسي والاقتصادي والثقافي والرقابي والمحاسبي ، والتوسع في اعتماد الانتخابات والمعايير العلمية والعملية العادلة في تكليف القيادات وأعضاء المجالس والهيئات والتوظيف ، والمضي قدمًا نحو القضاء على الفقر والبطالة والأمراض الوبائية ورفع مستوى الأداء الحكومي والجودة في جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات ، وتكريس مبدأ الوسطية في الاعتقاد والفكر والتوجهات على منهج النبوة والسلف الصالح ، ونبذ العنف والإرهاب والغلول والاحتكار والتمايز بغير التقوى ، ونبذ المزايدات على العقيدة والمواطنة الصالحة .
متمنياً لبلادنا مزيداً من التقدم والازدهار في رعاية الله تعالى وحفظه وأن يديم المولى سبحانه وتعالى علينا نعمة الإسلام والأمن والسلام. ودمت شامخًا بالعز والإيمان والسلام والتقدم يا وطني. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،،،
المواطن: سعود بن حسين الزهراني