قُلْ لِلخليلِ بأنَّني قَرّرتُ أنْظُمُ قافيةْ
في أمِّها وْزنُ الحروفِ وبالمعاني صَافيةْ
تُغْذَى منَ الحكمِ البليغةِ ثُمَّ تَبدو أنَّها
في الشِعرِ عينَ الشِعرِ إذْ هي بالمشاعرِ وافيةْ
فإذا أردتَ بِحوضِها تَرْتادُ نبْعَ فِياضِها
فاقرأ تفاصيلَ الحروفِ فقدْ تكونُ الَّشافيةْ
أنا شَاعرٌ أعْطى ويُعْطي لِلحروفِ حُقوقَها
ويُعتِّقُ المعنى لِتظهرَ بالمعاني ضَافيةْ
فالحكمةُ الأزْكى تَطيبُ وتَزْدهي بِقصيدتِي
حتَّى لِتبدو لِلحكيمِ بِذاتِها مُتعافيةْ
فالحكمةُ الأولى لِمنْ يَرْجو مَتابةَ عابدٍ
إيّاكَ أنْ تَظْلِمْ عَبيدًا في المسَاعي حَافيةْ
والحكمةُ الأخْرى لِمنْ يَرْجو الخَلاصَ بِنفسِهِ
إنْ يسْتغفرَ اللهَ العظيمَ لكُلِّ إثمٍ خَافيةْ
وحكمةٌ أخْرى لِمنْ قدْ تابَ منْ ذَنْبٍ لَهُ
أنْ يسْتقيمَ على المَتابِ مُطالبًا بِالعافيةْ
وحكمةٌ أخْرى لِمنْ عاشَ الحياةَ سِقامَها
أصْبرْ ففي صَبْرِ العِبادِ مَناعةٌ وشَوافيةْ
وحكمةُ أخْرى لِمنْ ضَلَّ الطريقَ لِسُوئِها
اسْلكْ طريقَ الطيّبينَ فإنّها لكَ كافيةْ
وحكمةٌ أخْرى لِمنْ يَطْغى بأِنْعمِ ربِّهِ
إيّاكَ والطغيانِ في نِعَمٍ تَزوُل بِثانيةْ
وحكمةٌ أخْرى لِمنْ لا يَنتهِ عنْ مُوبقٍ
إحْذرْ فناءَك إنّما تَحيا حياةً فانيةْ
وحكمةٌ أخْرى لِمنْ يَسْعى لِفتنةِ مُؤمنٍ
لا تَشْتكي يومَ اللقاءِ فَما لِفعلِكَ نافيةْ
وحكمةٌ أخْرى لِمنْ عَثرتْ بهِ أقدامُهُ
أنْهضْ ولا تُبقي عُيونَكَ في طريقِكَ غافيةْ
أنْظرْ إلى البحرِ العميقِ فإنَّ فيهِ لآليءٌ
وتَظلُ أعوادُ الغُثاءِ إذا نَظرتَ الطافيةْ
وانْظرْ إلى الأرضِ العقيمِ فما بها مُسْتَنفعٌ
لا الزرعُ ينبتُ في عقيمٍ بالعوالقِ سَافيةْ
ولا المقامُ بها منْ أجلِ شيء نافعٍ
يُغري الذي أقدامُهُ في الحرثِ تغدو هافيةْ
والناسُ إمّا مؤمٌنٌ طلبَ النجاةَ بفعلِهِ
أو تائهٌ قدْ تاهَ في نَفَقِ الذنوبِ النّافيةْ
فاخترْ لِنفسِكَ مَنْزِلًا بين المَنازلِ عاليًا
فتكونُ نفسُكَ ذاُتها معَ ذاتِها مُتصافيةْ