يساور الكتاب في العادة شعور بالمسؤولية تجاه تحقيق الأهداف المرسومة ويتناما ذلك الشعور لدى البعض حتى يصبح قلقًا ، ذلك أن الأمانة التي يحملها الكتَّابُ ثقيلة جدًا إذا ما افترضنا أنهم يؤمنون بتأثير كتاباتهم على المتلقين لها ، فهم بحسب اتجاهاتهم في أهداف كتاباتهم يرغبون أن تكون التأثيرات بقدر الأمل الذي دفعهم إلى الكتابة أول الأمر ، ويزداد قلقهم من انحراف رسالة كتاباتهم إلى الاتجاه غير المرغوب فيه فيحرصون على اختيار الأسلوب الملائم لخصائص متلقيهم ، وتضمين الرسالة المرغوبة بالشكل الذي يعطي نتائج أكثر تأثيرًا ونجاحًا لكتاباتهم ، وعلى سبيل المثال التوضيحي فقد تزايد قلقي قبل أن أشرع في كتابة هذه المقالة على الرغم من أن الهدف الذي أرغب تحقيقه من خلالها هو توضيح الحالة النفسية التي تساور الكتاب قبل كتاباتهم وأثنائها وبعدها وتقديم بعض النصائح للكتاب المحدثين لتلافي آثار قلق الكتاب وهدف آخر يستقصد الصائمين في شهر رمضان الذين تعودوا على الإسراف في الإفطار والسحور في الوقت الذي يعاني فيه كثير من المسلمين العوز والفاقة والفقر.
وهما هدفان يسيران في التحقق ويمكن بلوغهما من خلال جمل بسيطة ، إلا أنني حوصرت بأكثر من حالة قلق تتعلق بالرسالة وبالأسلوب وبالمنهجية في الكتابة وبالمستوى المتعود عليه من المتلقين وبالأمثلة الموضحة ، وبالردود الفعلية المفترضة والمتوقعة ، وبرأي القارئ في جودة الموضوع وأهميته … ونحو ذلك من أنواع المشاعر المقلقة تجاه المنهج والأثر وتوقعات المتابعين ، ولهذا فإن القلق رفيق جهود الكتاب وقد يعزى إليه بروز الكثير من الإبداعات لديهم ، ومن وجهة نظري المتواضعة فإن الكاتب الذي لا يشعر بالقلق القبلي لكتاباته فإنه من المغامرين وغير المبالين بنتائجها ، أو من المستهدفين إحداث تأثيرات غير مرغوب فيها لدى المتلقين أومن غير المهتمين بآرائهم فيما يكتب، وعلى ذلك فإنني أنصح الراغب في ولوج فن الكتابة المؤثرة مراعاة الآتي :
أولا : الخوف من الخالق تبارك وتعالى في كل ما يكتب فكل منا ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وليعلم الكاتب أنه مسئول عما يكتب وأنه لا محالة إما مثاب على ما يفعل أو آثم عياذًا بالله ، والأجر أو الوزر بقدر التأثير إيجابيًا أو سلبيًا في كل من يتأثر به ويقرأ له ويتابعه أو يتبعه .
ثانيًا : عليه انتقاء أهداف كتابته مما يحدث أثرًا كريمًا في متلقيه ، ولا بأس من القلق الموسوم أولا والإحساس بعظم المسئولية فذلك سيساعده بإذن الله على تجويد عمله وإنتاجه .
ثالثًا : ليتمثل أول ما يتمثل نفسه والمقربين إليه ممن يتأثرون بما يكتب ، وليجتهد من هذا المقام من باب الإيمان القائم على محبة الخير للآخرين كما يحبه لنفسه وخاصته المقربين .
رابعًا : أن يضمن كتاباته حرفة الكتابة المعهودة من تمهيد ورسالة وتوجيه ينفع به غيره من باب النفع أو التذكير الذي ينفع المؤمنين وخاتمة تفتح باب النفع والسؤال والمناقشة والبحث .
خامسًا : أن يختار الأسلوب الملائم للمستهدفين بكتابته ، فلا يعقده بما ينفر البسطاء ، ولا يرسله بما يستهين به العقلاء ، وعليه بالتوسط في المنهج والأسلوب فهما أدواته المهنية المعقولة .
سادسًا : أن يمهر كتاباته بما يميزه في الأسلوب أو في التناول فذلك مدخل الإبداع والتفرد والبروز .
سابعًا : أن يقوم الكاتب ما كتب قبل أن يعزم على نشره وتعميمه وأن يجتهد في التعديل والتطوير بما يعتقد أنه أكثر جدوى وأنفع أثرًا .
ثامنًا : أن يغذي خبراته بالقراءة الجادة والمتوسعة في آداب الكتابة لكل محترف في مجالها فمن المراجع تتولد الأفكار وتتغذى الذاكرة وتستلهم الأساليب والموضوعات .
تاسعًا : أن يتواضع ولا يدع للغرور منفذا على عقله وليعلم أن في الآخرين من هو أعلم منه وأجدر وأن ما آتاه الله من خير وعلم فمن فضله العليم الحكيم ، وأنه مهما بلغ من منزلة فسيظل متعلمًا من غيره .
أخيرًا : أن لا يبخل بعلمه عن غيره ، فرسالته مستمرة باستمرار امتلاكه المهارة والخبرة ، وعليه أن ينفع غيره من خلال الكتابة ونقل خبراتها إلى الآخرين .
و لعلي أذكر القارئ الكريم بأن أكثر الكتاب نجاحًا في مجال الكتابات المؤثرة هم القلقون من كتاباتهم ، ومن المترددين في نشرها قبل نشرها ، وذلك يعود إلى ما ذكرناه قبلا من عظم المسئولية الملقاة على عواتقهم ومن الخوف من نتائج ما يبدعونه، وهو سلوك الناجحين في كل الأمور ، لكنه قلق محمود يمكن أن نطلق عليه ” قلق الكتاب” وهو المدخل الذي منه يلجون إلى عالم التميز والشهرة والنبوغ .
وفي بعض المواسم والأحداث ينشط بعض الكتاب الصحافيين وخاصة أولئك الحاجزون لهم مساحات محددة على صفحات الصحف اليومية للتعبير من خلالها عما يرون أهميته للعامة والخاصة ، و يتنوع إنتاجهم الفكري بتنوع الأحبار وألوانها والصحف واتجاهاتها ، وقد تمر على مجموعة مقالات خلال الأسبوع مرور القارئ الملول لا تتذكر من تلك المقالات شيئا وقد تتفحص المكونات لكنك لا تستطيع عند نهاية الأسبوع أن تذكر إلا ما كان ملفتًا لنظرك ومحركًا لعقلك ووجدانك ، ويتعلق ذلك في الغالب بمدى أهمية الموضوع المتناول وأهمية القضية المعالجة وأهمية التوصيات المضمنة في قلب الموضوع صراحة أو مكنية أو في أجزائه ، وتسيل أحبار أقلام الكتاب في العادة ولا تتوقف لكن الأبقى أثرًا يظل من الندرة بمكان وله علاقة وثيقة بجودة الموضوع وأسلوب تناول الإشكالية ومصداقية التوصيات وموضوعيتها .
ومع إنني ممن يستجيب لطلبات الاستكتاب في كثير من الأحيان لكنني أؤمن بأن الكتابة المؤثرة هي التي تولد في الموقف والإشكالية لا بطلب الاستكتاب ، وأرى أن الحبر الأوضح في الكتابة هو ذلك الذي يكتب به في العقول لا على صفحات ورق الصحف أو الكتب ، ولن يتأتى للعقول استخدام حبر الكتابة السري إلا عندما يكون المؤثر المتجسد في الرسالة مكتوب بحبر أوضح ، ولا يهم مدى سيلان حبر قلم كاتبه بل المهم جودة المنهج والطرح والتناول .
ونحن في شهر رمضان المبارك قليلا ما نجد وقتًا لتتبع ما يكتب عبر الصحافة العامة أو الصحافة الإليكترونية لرغبتنا الملحة في صرف ما توفر لنا من وقت في التماس الطاعات وقراءة القرآن الكريم فهو موسم من مواسم الرحمة وطلب الأجر والثواب وموسم حقيقي للتجرد من الذات وإشباع الشهوات ، والقراءة شهوة كما هو الأكل والشرب والاستماع والنظر وما يحرك الأحاسيس من مصدر الحواس المباشرة أو من وسيط بينها وبين الإشباع الفطري لطلب أعضاء الجسم بتنوعها ، ولذلك يندر تذكرنا لمقالات قرأناها في شهر رمضان إلا ما اتصل منها باهتماماتنا فيه ،أو بإشباع شهوة من شهواتنا المتعددة ، ولهذا لم أشأ أن تكون مقالتي هذه من نوع المقالات التي تمتلئ بها الصحافة بتنوعها ، ولا من نوع المقالات الشهوانية الجاذبة طرفًا من خيوط محفزات الشهوة ، فالشهر الكريم له قدسيته ، والمكان المخصص لنشر مقالتي هذه له احترامه ومكانته أيضًا ، ولذلك فإنني أوثر أن يكون قلب مقالتي هذه عن ظاهرة سلبية قلما سلمت منها بيوت الصائمين في بلدي عند وجبتي الإفطار والسحر وهي ظاهرة الإسراف في عرض المأكولات والمشروبات على الموائد إلى الدرجة التي مهما أغرق الصائمون في الأكل والشرب الإتيان على عشرها ، وهذا من فيض الخير على أهل هذه البلاد ولله الحمد ، إلا أن الحمد والشكر للمنعم يقتضي الترشيد في الطعام لصالح الصدقات وتوزيع المملوكات لتشمل أهل القلة والعوز والفقر في المجتمعات الإسلامية ، وعلى أرباب الأسر أن يوجهوا أسرهم إلى تمثل خلق الإسلام وخلق الصيام طيلة الشهر وفي كل الممارسات ومنها ممارسة الإعداد للطعام وممارسة الأكل والشرب التي ينبغي أن تكون على قدر الحاجة وصرف ما زاد عنها إلى مصارفها الشرعية .
وإني لآمل أن يكون في مقالتي هذه محركًا قويًا يدفعني وغيري من المسلمين إلى الترشيد في التمتع بالنعم لصالح صرف ما فاض منها إلى مصارف الخير وهي كثيرة أمام المتدبرين الباحثين عن شكر الله على النعمة بنقل بعضها إلى مستحقيها في الأماكن التي يمكن الوصول إليهم فيها ، وأرجو أن نوفق في مستقبل أيامنا إلى تعليم أولادنا مهارات الترشيد في استهلاك النعم الممنوحة من الرب المنعم تبارك وتعالى ، والله الموفق والمستعان ،،،،،
لا ينبع العطر الا من زهره او نبته او مستخلص من تلك النباتات ..
واقلمك خلاصتهما اوجد من من حبره صوراً موعظة و عطر صفحات هذا الموقع بعطرك الفوح
سرني حرفك العذب الرطب
دَآئمَآآ تبِـهرنَآ آ مؤآضِِعكـ وكلامك جميل جداًما يحمل هذا الفكر النير
فالنفس البشريه تعاني مما يجول ويصول حوله
طرح جميل ابدعت رعاك الله
لآتحرمنآآ جَديدَك
وددِـي لَـكك
كلام جيد فالكتابة أمانه يقول الله تعالى في كتابه ( ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ) بارك الله فيك ونفع بعلمك .