سَوفَ تَعْجبُ مِنْ شِعري ومِنْ أبياتي..
عندما تقارنُ ماضٍ بحاضرٍ أو آتي..
فأنا قَدْ عِشْتُ عُمرًا مُذهلًا مُتغيرًا..
مُنْذُ أنْ كُنتُ طِفلًا واثقَ الخَطَواتِ..
فيه تَعْقيدٌ وتطويرٌ وشُغْلٌ دائمٌ..
فيه كمٌّ مِنَ التَّغييرِ في الآلاتِ..
كُنْتُ طِفلًا بِقريَةٍ مُحاطًا بأسْرةٍ..
في سلامٍ وحُبٍّ يُسَابقُ اللحْظاتِ..
لمْ يَكنْ في بيتِنا “كهرباءٌ ” كغيرنا..
فالمصابيحُ فوانيسٌ مع ” القازاتِ”..
نزرعُ الأرضَ لنقتاتَ ونحمي زرعَنا..
ونناضلُ لحصادِ السنابلِ والحبَّاتِ..
نذهبُ للدَّرسِ طُلّابًا لِنبني مَجدَنا..
مُتنافِسينَ على اكْتِسابِ الدَّرجاتِ..
ثُمَّ في عُمرِ الصِبَا جَاءَ مَنْ بُشِّرُنا..
بدخولِ الكهرباءِ في قُرىً جَاراتِ..
وقريبًا سَتَدخُلُ ” الكهرباءُ” لبيتِنا..
وتُنَارُ أطرافُه بأجْملِ الَّلمباتِ..
فَفَرِحْنا بِاقتناءِ “رائيٍ” يَشثدُّنا..
لِنُشَاهدَ ما يُبّثُّ في القَنَواتِ..
ونَصَبْنَا فوقَ سطحِ البيتِ صحنًا إريلًا..
وفَشَلنَا في التِقاطِ البَثِّ والشَاراتِ..
ثُمَّ حَاولْنَا بِصَحْنٍ ثُمَّ صَحْنٍ غيرِه..
واشْتَرينَا ” إريلًا” مُتعدِّدَ الرِّيْشَاتِ..
ثُمَّ جَاءَ البَثُّ مِنْ مِصْرَ بِتَشْويشٍ مَعَ..
خَللٍ في الصوتِ وتَلخْبُطِ الشَّبَكاتِ..
ونَجَحْنَا بَعْدَ جُهْدٍ في التِقَاطِ إشارةٍ..
منْ قناةٍ بجدةً تَعُجُّ بالأغْنِياتِ..
صورٌ تُعْرَضُ في لونينِ لا يَعْرِفُها..
غيرَ مَنْ عاشَ مِثلُنا بِعصرِ العَرَصَاتِ..
وأنا اليومَ أمَامي شَاشةٌ ممدودةٌ..
تملأُ الحائطَ وتَجذبُ العَدَسَاتِ..
فَوْقَ عشرينَ ألفِ قَنَاةٍ تَبُثُّ بَرَامِجًا..
بِلُغَاتٍ كثيرةٍ مُتَنَوّعَةِ الغاياتِ..
و” بِرِيمُوتٍ ” أطوفُ عليها فَاحِصًا..
باحثًا عنْ أفْضلِ الأخْبَارِ واللقَطَاتِ..
قَدْ أجدْ فيها مِنَ النَّفْعِ قليلًا بيّنًا..
وكثيرًا مِنَ الإسْفَافِ والمُلْهِياتِ..
يا لِهَذَا الانْقِلابُ بِعصْرٍ عِشْتُهُ..
بينَ ماضٍ عَصِيبٍ وحاضِرٍ بِشَتاتِ..
رُبَّمَا يُصْبحُ الأمْرُ غَدًا مُسْتَعْصيًا..
لِفَهيمٍ وعَاقلٍ وَصَاحبِ الخِبْرَاتِ..
فالذكاءُ الاصْطناعي فاتحًا أفواهَهُ..
والتطورُ في الصِّناعاتِ أتى بالآتي..
عُدْ لِتَعْجَبُ مِنْ شِعري ومِنْ أبياتي..
عِنْدَمَا تُقارنُ ماضٍ بِحاضِرٍ أو آتي..