الوقفة السادسة والعشرون : ديواني بين يدي رئيس النادي الثقافي
في نهاية العام الجامعي 1399هـ كنت قد حققت ولله الحمد نتائج إيجابية في دراستي بالجامعة وقد تحقق لي ولله الحمد والفضل رفع معدلي التراكمي لأحقق درجة ممتاز في العام الجامعي الأول ، وكنت من الطلاب الحريصين على المنافسة مع مجموعة من الزملاء والأصدقاء المتفوقين آنذاك ، كما كنت نشطًا في التدريبات والنشاطات الرياضية والثقافية .
وكنت هاو لنظم الشعر وكتابة القصة والرواية وقد كونت من القصائد التي نظمتها خلال مدة الدراسة في المرحلتين المتوسطة والثانوية والسنة الأولى الجامعية ديوانًا شعريًا متواضعًا في أكثر من مائة وخمسين صفحة اعتقدت عند إتمامه بصلاحيته للنشر، وقد وسمته بمشوار ، وهذا الديوان فيما أذكر هو الديوان الثاني حيث قد فقدت الأول في حراج الطائف قبل وسمه وتسميته ولم يكن عندي منه مسودة ، ونقلت ما كنت أحفظ منه إلى الديوان الجديد بعد تطوير بعض القصائد ، وقد كانت جميع قصائد الديوانين من الشعر الشعبي المغنى .
عرضت بعض قصائدي على بعض الزملاء المقربين وكان الحكم من غالبيتهم بجودة قصائدي وتأثيرها مما حفزني على تجهيز ديواني ” مشوار ” وتغليفه في مكاتب خدمات الطلاب في الجامعة ، واتجهت به أحمله إلى رئيس النادي الثقافي بمكة المكرمة المغفور له بإذن الله تعالى الأديب المبدع الأستاذ إبراهيم فودة رحمه الله ، وقد استقبلني في مكتبه واحتفى بي وأكرمني ، وقدمت له ديواني معلنًا رغبتي في نشره ضمن منشورات النادي ، فرحب وأثنى على رغبتي وطموحي وطلب مني إمهاله في الحكم على تحويل الديوان على لجنة الحكم بعد اطلاعه عليه ، وبدماثة خلقه المعهودة أهدى لي بعض دواوينه الموجودة نسخ منها في مكتبه، وشجعني على الاستفادة من خدمات النادي بعد أن علم بعضويتي فيه ، وودعني بحفاوة ووجه بشر لا تفارقه الابتسامة .
بعد أن مر ما يقارب الأسبوعين صادف أن التقيت بالمرحوم الأستاذ إبراهيم فودة في مدخل النادي ، فدعاني إلى مكتبه ، فتبعته وقلبي يخفق ويدور في خيالي مجموعة من الاحتمالات بشأن حكم الأديب على ديواني المتواضع ، وعندما استقرينا بمكتبه طلب لي الشاي وسألني سؤالين لا أنساهما أبدًا حيث قال : هل ترغب أن يقرأك محبوك من محتوى ديوانك الذي بين يدي فيحكمون على إبداعاتك القادمة من محتواه ؟ أم تريد أن تصل إلى قمة أفضل فيحكمون عليك قراؤك بما بلغته من منزلة ؟ وقبل أن أجيب الأديب عن سؤاليه استنتجت أن ما بين يدي الأديب لا يرقى إلى ما يصبو إليه لمستقبلي والمكانة التي يرجوها لي ، ورجحت احتمال عدم الموافقة على النشر ، فأجبته فقلت : بل قمة لا تقل عن القمة التي بلغتها سعادتكم . فتبسم وقال أرجو أن تصل إلى أفضل مما تحلم به ، فاستخرج ديواني مشوار من درج مكتبه ووضعه على المكتب وفتح صفحة فيه علمها بقصاصة صغيرة ملونة ، وقال : في ديوانك قصائد إبداعية كهذه مشيرًا إلى قصيدة بعنوان ابتدأ المشوار وهي القصيدة الوحيدة التي ضمنتها في ديوان أنين بعد ذلك ، لكنها لو خرجت بالشعر الفصيح لأصبحت أكثر إبداعًا وبيانًا ، فقلت : إذا أنت تدعوني للكتابة في الشعر الفصيح ولا ترى استمراري في الشعر الشعبي المغنى ، فقال : نعم إذا ما أردت التميز وإطلاق زمام إبداعاتك ولا بأس من الاستمرار أيضًا في نظم الشعر الشعبي فله محبوه ، ورحبت في حزن بحكمه وقراره واستجبت لرجائه لتطوير هوايتي في نظم الشعر بعد ذلك ، وقبل أن أنصرف طلب مني في أدب رفيع قل مثيله أن أبقي له النسخة التي بين يديه ليستفيد منها كما قال تشجيعًا وتحفيزًا فوافقت على الفور وأحسست أنه يكرمني بذلك رحمه الله ورفع درجاته في الجنة.
خرجت من مكتب سعادة رئيس النادي رحمه الله وأنا أجمع بين نقائض المشاعر حزين وخائب النتيجة وفرح في ذات الوقت بطلبه استبقاء نسخة الديوان التي بين يديه ، لكنني والحق أسجله هنا بأن ذلك اللقاء زادني إصرارًا على تحقيق الأفضل من النتائج كما زادني إعجابًا وإكبارًا بشخصية ذلك الأديب المبدع رحمه الله وبفراسته وبعد نظره ودماثة خلقه ،وقد احتفظت بنسخة ديوان ” مشوار ” ولا أزال ، وأبتسم كلما فتحت صفحة من صفحاته وأتذكر ذلك الموقف مع الأديب ، وحاولت النظم في الشعر العربي الفصيح بعد ذلك لكنني كنت ميالاً للشعر الشعبي المغنى واستمريت أنظم فيه وأنشر بعض قصائدي في بعض الصحف المحلية ، وأنجزت دواوين شعر أخرى لم أنشر منها سوى ديوان ” أنين ” وديوان “أشياء ” وقد أودعتها موقعي المطور ، أما دواوين الشعر العربي الفصيح فقد أنجزت منها ديوان ” عشريات أبجدية ” وديوان جديد لم أوسمه بعد ، وهي جاهزة للنشر وقد يشاء الله فترى النور قريبًا وقد نشرت بعضًا من محتوياتها في موقعي الإليكتروني السابق والمطور .
ولعلي في هذه الوقفة التي تعلمت منها الكثير من الأخلاق والدروس العلمية والأدبية أدعو هواة نظم الشعر من الشباب ممن يرجون بلوغ منزلة الأدباء المشاهير ، أن يبذلوا قصارى جهدهم في الاستفادة من إبداعات الأدباء القدماء والمعاصرين والاطلاع على كل ألوان الأدب المتاحة ، والإصرار على بلوغ الأحلام بالتوكل على الله تعالى ، فما بلغه غيرنا بإذن الله تعالى يمكننا بلوغه بالتطوير الذاتي والتدريب المتواصل وتكرار المحاولات مع الإصرار على التميز والنبوغ ، وعدم اليأس ، فالمرء بما أودعه الله فيه من طاقة التحمل والعزم والإصرار قادر بعون الله تعالى على تخطي كل العقبات وتحقيق الآمال ، والمبدعون من العلماء والأدباء مروا بمراحل النمو المعتادة وطوروا من ذواتهم وأعمالهم حتى بلغت مستوى الإبداع المأمول ، أما أنا فلا أزال في مرحلة التطوير لهوايتي في نظم الشعر ولم أصل بعد إلى الأمل الذي رسمت ولعلي بإذن الله تعالى أبلغه قريبًا . والله الموفق والمستعان .،،،
والله انك مبدع من يومك وسلطان قلم ،، وادب ،،
وفكر ،، فقد تميزت وارتقيت وعلوت. حتى رفعت راسك ورأس قبيلتك ومسمى الجنوب عامه
وفقك الله وسدد خُطاك ورحم ذاك الرئيس انذاك حيث نصحك ووجهك فقد كان صادقاً معك ووفيا
تقبل حضوري هنا
ما أجمل أن تكون الاعمال صداقة في الله ثم للمصلحة الروحية في مرحلة اذا انقضت نعود نتعرف على بعضها لتدوم في الذاكرة
يعطيك العافية
طرح مميز,,