الوقفة الواحدة والثلاثون : رحلة جامعيةعلمية إلى الحجر والمدائن
خطط قسم الحضارة والنظم الإسلامية لرحلة علمية للطلاب على نفقة الجامعة للاطلاع على الآثار التاريخية في منطقة تبوك تحت إشراف ثلة من أساتذة الحضارة والتاريخ والآثار في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة ،
وتم الإعلان عن الرحلة التي خطط لها القسم لتستغرق خمسة عشر يومًا واستخدمت فيها الباصات وسيارات نقل الأمتعة والخيام والتغذية اللازمة للرحلة ، وتم إبلاغ الطلاب بإحضار المتطلبات الشخصية من فرش وملابس تتلاءم مع الطقس في المواقع والمناطق التي تستهدفها الرحلة ، وكنت ولله الحمد من بين الطلاب الذين تم قبولهم في عضوية الرحلة العلمية وفقًا للشروط والمعايير التي حددتها الجامعة .
ففي الفصل الدراسي الثاني من عام 1400هـ انطلق موكب الرحلة من مكة المكرمة في اتجاه مدينة جدة ثم المدينة المنورة مرورًا ببدر للاطلاع على مكان غزوة بدر الكبرى وفيها توقف موكب الرحلة لتناول طعام الغداء والاطلاع على بعض الآثار التاريخية ، ولأن التوقف قصير المدة فلم يتم تفريغ حمولة السيارات الأخرى ، وواصل الموكب السير في اتجاه المدينة المنورة حيث مكثنا فيها لثلاث ليالي زرنا فيها المسجد النبوي وبعض المساجد والآثار التاريخية في المدينة المنورة وبتنا تلك الليالي في بيت الشباب بالمدينة المنورة ، ثم واصلنا السير في اتجاه العلا لزيارة الآثار التاريخية في الحجر ومدائن صالح وفيها تم نصب الخيام وتهيئة مكان المبيت لعدة أيام ، وقد استضاف أمير العلا آنذاك فريق الرحلة وأكرم وفادتنا وهيأ لنا جميع الإمكانات المتاحة والممكنة ، وتعد هذه المرة الأولى التي أزور فيها مدينة العلا والحجر ومدائن صالح ، وكانت الأيام التي قضيناها في العلا من أثرى الأيام العلمية في تلك الرحلة ، حيث تم الاطلاع على مدينة الحجر ومدائن صالح وتم التعرف على الكثير من النقوش والكتابات التاريخية ، ولم تكن مدائن صالح حينها تحت إشراف إدارة أو هيئة متخصصة تعنى بالآثار ، ولا يوجد بها أو حولها أمن ولا حماية ولا مقومات سياحية ، وكان أعضاء هيئة التدريس يؤكدون يومها بأن هذه المنطقة تعد ثروة وطنية تاريخية ينبغي ألا تهمل ولا تترك دون عناية وتهيئة للسياحة ، وعلى الدولة العناية بها واستثمارها في مجالات السياحة التاريخية على غرار البتراء في الأردن والأهرامات في الجيزة بمصر ، ولا يغادر ذاكرتي تلك الصور التذكارية التي التقطناها وزملائي الطلاب في تلك البيوت المنحوتة في الصخر وتلك المدافن المنحوتة بداخلها .
وواصلنا الرحلة من العلا في اتجاه مدينة تيماء للاطلاع على آثارها التاريخية وتوقفنا إلى جوار قصر السموءل وأطلال القلاع التاريخية لتيماء القديمة وبعد التعرف على أساليب البحث والتنقيب والتقاط بعض الصور التذكارية عدنا لنستقل الحافلات لمواصلة تنفيذ مخطط الرحلة ، ولم نمكث كثيرًا في تيماء حيث واصلنا السير في اتجاه مدينة تبوك ، وأقمنا في مدينة تبوك عدة أيام حيث تم نصب المخيم وحضرنا ضيافة أمارة تبوك ، واطلعنا في مدينة تبوك وما حولها على الآثار التاريخية والمساجد والآبار والعيون ومحطة السكك الحديدية وبعض القلاع العثمانية ، وقضينا يومًا كاملا تحت ظلال النخيل على شاطيء حقل ، وفي تبوك تمكنت من زيارة أخي الأوسط حفظه الله الذي كان يعمل آنذاك نقيبًا في الجيش السعودي بالمدينة العسكرية بصحبة أحد زملائي في الرحلة وأذكر أنني صحبت أخي في جولة على بعض أجزاء مدينة تبوك وأحيائها القليلة آنذاك والتي لم يكن حجمها آنذاك يزيد عن عشرة في المائة من حجمها اليوم ، وتناولت معه طعام العشاء في المطعم الأشهر بتبوك والذي لا أذكر اسمه إلا أنني أتذكر أنه يقع على الطريق بين مدينة تبوك والمدينة العسكرية التي يعمل فيها أخي وفقه الله .
ومما أذكره جيدًا في تلك الرحلة العلمية زيارتنا لمغاير شعيب والمدائن وذلك المنجم القديم في أحد جبال المدائن وتلك النقود المعدنية القديمة جدًا التي عثرنا عليها إلى جوار ذلك المنجم وتم تسليمها للمشرف على الرحلة وقد أودعها متحف القسم بالجامعة ، وفي طريق العودة إلى مكة المكرمة زرنا مدينة المويلح وضباء والوجه وينبع واستضافتنا المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في كل من المويلح وضباء وزرنا مجموعة كبيرة من القلاع والآثار التاريخية على امتداد الساحل منها آثار وقلاع قديمة جدًا ومنها آثار وقلاع عثمانية ، ولعل أشهر تلك القلاع كانت قلعة الوجه ، كما نزلنا بضيافة المدينة الصناعية بينبع وزرنا المدينة القديمة في ينبع قبل إجراء الترميمات عليها ، وكانت رحلة علمية مثيرة وممتعة تعلمنا فيها ما يعادل ما تعلمناه في سنوات الدراسة الجامعية كلها .
وقد توقفت الرحلات العلمية الجامعية في السنوات التالية التي واصلت فيها الدراسة بالجامعة ، ولا أعلم هل نفذت رحلات من نوعها بعد تخرجي في الجامعة أم لا ، إلا أنني أؤكد على أهمية مثل تلك الرحلات العلمية للطلاب في التعليم العام والجامعي ففيها من المواقف والذكريات ما يبقى مع الطلاب زمنًا طويلا ، إضافة إلى ما فيها من العلم والثقافة والخبرات المتنوعة التي لا غنى عنها لطلاب العلم ، ولعل المؤسسات التعليمية تنشط في تنفيذ مثل هذه الرحلات لإكساب الطلاب المهارات والخبرات والثقافات المتنوعة ، ولعلي قد أحببت الرحلات بعد ذلك لما وجدته في تلك الرحلة والرحلات الأخرى التي زرت فيها بعض المناطق الأخرى في بلدي العزيز من إمتاع وفائدة ، ونفذت الكثير من الرحلات إلى الكثير من دول العالم وخاصة تلك البلدان التي تحتوي على آثار تاريخية في أوربا وآسيا وأفريقيا ، ولعلي في وقفات تالية أقف عند بعض تلك الرحلات وما أذكره فيها من مواقف معلمة ، وأنصح الشباب بالتعرف على المناطق التاريخية في وطننا العزيز وهي كثيرة في شمال المملكة وشرقها ووسطها وغربها وجنوبها ، وخاصة بعد أن تمت العناية بالكثير منها وتهيئتها للسياحة الداخلية وتوفير مقومات السياحة في مناطقها والإشراف عليها وتطويرها من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار، فمن المعيب أن نعرف الآثار التاريخية في بلدان العالم الأخرى ولا نعرفها في بلدنا العزيز ، فالآثار التاريخية كنز من كنوز البلدان المستثمرة في السياحة التاريخية ولعلنا في مستقبل الأيام نحقق عائدًا استثماريًا من الآثار الوفيرة في الوطن الغالي ، والله الموفق والمستعان .،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفات نحتاج امامها إلى وقفات
فعلا يوجد لدينا سياحة داخليه وفي المدينه المنوره من الاماكن
والاثار مايبهح النفس ويدعي للتفكر
جعلتني اتوق شوقاً للرحله الى المدينه ومن ثم تبوك
موفق دكتور