الوقفة الخمسون : القبول في برنامج الدكتوراه بجامعة الإمام
في نهاية العام الهجري 1416هـ استقبلت خبر موافقة وزارة المعارف على إيفادي لقيادة الأكاديمية السعودية في موسكو ، وخبر موافقة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على قبولي في برنامج الدكتوراه الذي استحدث حديثًا في كلية العلوم الاجتماعية بقسم التربية تخصص المناهج وطرق التدريس بدون شرط التفرغ الكامل للدراسة ، حيث يمكن للدارسين استكمال برنامج الإعداد للدكتوراه بأسلوب المنازل وحضور الاختبارات الفصلية ، كما تلقيت موافقة وزارة المعارف على استكمال دراستي للدكتوراه في ذلك التخصص ولله الحمد .
وقد سبق تلك الموافقة اجتيازي للاختبار والمقابلة الشخصية التي أجرتها الجامعة كما هي عادتها للمتقدمين للدراسات العليا في كلية العلوم الاجتماعية وهي المرة الثانية التي أجتاز فيها الاختبارات والمقابلات الشخصية في نفس الكلية حيث كانت المحاولة الأولى في عام 1413هـ في تخصص الإدارة التربوية والتخطيط ولكن الدراسة كانت آنذاك مشروطة بالتفرغ الكامل مما دفع وزارة المعارف لرفض طلبي التفرغ للدراسة قبل أن تفعل الوزارة برامج التفريغ وفق المعايير ، مما دفعني لتكرار المحاولة في عام 1416هـ في تخصص المناهج وطرق التدريس في البرنامج المحدث بدون شرط التفرغ الكامل وهو التخصص الذي حصلت ولله الحمد على موافقة الجامعة للالتحاق به بعد اجتياز معاييره وشروطه والاختبار والمقابلة الشخصية وحصلت أيضًا على موافقة وزارة المعارف على الالتحاق به وحضور الاختبارات الفصلية المقررة لبرنامج الإعداد وفق الأنظمة المرعية في ذلك .
وبدأت أخطط بشكل عملي لكيفية استثمار هذه الفرصة السانحة وأنا موفد لإدارة الأكاديمية السعودية في موسكو وهو ما يتطلب مني الحضور بنهاية كل فصل دراسي إلى مدينة الرياض لحضور الاختبارات النهائية للمقررات المعتمدة في برنامج الإعداد للدكتوراه بجامعة الإمام ، وقد قررت الجامعة آنذاك لي ولبعض المتقدمين من المقبولين في برنامج الدكتوراه مجموعة من المقررات التي يمكن للمتفوق اجتيازها في أربعة فصول دراسية كحد أدنى وبما لا يزيد عن ثمانية فصول دراسية ، وقد رسمت خطتي الدراسية بحيث يمكنني اجتياز المقررات في المدة الأدنى بعون الله تعالى ، وبالفعل بدأت رحلتي مع الدراسة منذ أن وطئت قدماي مدينة موسكو عاصمة دولة روسيا الاتحادية والتي كان لي فيها ذكريات أخرى مع الدكتوراه في تخصص التاريخ بأكاديمية روسيا للعلوم ، فأصبحت خلال المدة التي قضيتها في دولة روسيا الاتحادية أعمل في إدارة الأكاديمية السعودية بموسكو إلى جوار مواصلتي دراسة الدكتوراه في التاريخ بأكاديمية روسيا للعلوم ومواصلتي دراسة الدكتوراه في التربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مدينة الرياض ، فكنت أوزع الوقت بشكل متوازن في سبيل تحقيق الغايات الثلاث دون الإخلال بمتطلبات أي منها ، وقد منحني الله تعالى القدرة على الجمع بين هذه الأنشطة وبعض الأنشطة الأخرى للمشاركة المجتمعية وحضور المناسبات الدبلوماسية والثقافية والمشاركة في بعض الفعاليات التي كنت أدعى لها من ندوات ومحاضرات وأمسيات أدبية واحتفالات بمناسبات وطنية ونحوها .
وخلال الأعوام 1417-1419هـ كنت قد انتهيت فعليًا من اجتياز برنامج الإعداد للدكتوراه حيث غيرت خطتي الدراسية لتشمل خمسة فصول دراسية للصعوبة التي واجهتها في الفصل الدراسي الأول لكثرة المواد مما دفعني لتوزيع المقررات الباقية على أربعة فصول جديدة ليقل العبء الدراسي والجهد المطلوب خاصة وأنني قد انتميت إلى برنامج إعداد للدكتوراه آخر في أكاديمية روسيا للعلوم ، ومما أذكره جيدًا تلك الضغوط الشديدة على الدارسين في برنامج الإعداد للدكتوراه في جامعة الإمام لاجتياز مادة الإحصاء متقدم ، حيث أنها المادة التي قل أن يجتازها الدارسون في المحاولة الأولى ، ورغم امتلاكي للكثير من مهارات مادة الإحصاء متقدم إلا أنني واجهت ما وجهه الزملاء من الصعوبة الشديدة في اجتيازها في الفصل الدراسي الثاني من عام 1418هـ وأخفقت في اجتياز الاختبار وهي المرة الأولى في تاريخي العلمي التي أخفق فيها في نتيجة مقرر دراسي ، مما دفعني لتسجيل المقرر للمرة الثانية في الفصل الدراسي الأول من عام 1419هـ وقد وفقت في المحاولة الثانية ولله الحمد باجتياز العقبة الكئود ، ولكنني استفدت كثيرًا من الإعادة بامتلاك مهارات جديدة في استخدام أساليب الإحصاء في البحوث العلمية وكثيرًا ما أستشار في مجاله حتى ممن يحملون شهادات الدكتوراه من الباحثين التربويين ولله الحمد وأفيدهم بما يمكن أن يفيدهم المتخصصون في الإحصاء التربوي .
ولعلي في وقفات قادمة أقف على بعض ذكرياتي في دراسة الدكتوراه في تخصص التربية التي استمريت أناضل للحصول عليها إلى أن حصلت عليها ولله الحمد في شهر ربيع الأول من عام 1424هـ بعد أن فرغت كليًا من قبل وزارة التربية والتعليم لمدة عامين لاستكمال متطلبات الحصول عليها وفق الأنظمة التي نشأت في الوزارة لتفريغ طلاب الدراسات العليا آنذاك وقد مكثت في دراسة الدكتوراه في التربية سبع سنوات كلها جهاد ومناضلة ، وسأظل أذكر تلك المدة التي ناضلت فيها للحصول على الدرجة العلمية في ظل تغير المشرفين على الدراسة لأكثر من مرة مما كان يستدعي التغيير كليا في الخطط والاستراتيجيات والأساليب ، ونصيحتي في هذه الوقفة أخص بها دارسي الدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه بأن يجاهدوا لتجاوز العقبات التي تعترضهم وهي كثيرة ومتنوعة لتحقيق الهدف الأسمى لمنفعة الأوطان والأمم فالعلم مفتاح الأجر والحسنات والهدف السامي يتطلب المغالبة والمجاهدة والمناضلة والصبر والتحمل وكم من موقف كان يدفعني لترك الهدف ولكنني كنت أستعين بالله العظيم على كل صعب ومعضل وأصر على التحدي وتجاوز المعوقات حتى وفقني الله إلى النجاح في تحقيق أهدافي وما أنا إلا مثال من كثير من الأمثلة التي اقتديت بإصرارها ومقاومتها الصعاب ومكافحتها لتحقيق الأهداف وكانت دافعًا من دوافعي لمواصلة النجاح ، وأدعو كل طالب علم يريد الفلاح لنفسه ولمجتمعه أن يجاهد في ميدان العلم ويصبر على تحمل المشقات مستعينًا بالله العزيز ، ففي العلم الخير الذي نتأمله لتطوير أوطاننا وأمتنا ولعل الله تعالى يفتح على أيدي أولادنا تحقيق الأمل لأمتنا . والله الموفق والمستعان .،،،