الوقفة (64) : التفرغ لاستكمال دراسة الدكتوراه في التربية
في عام 1422هـ فتحت وزارة التربية والتعليم باب التفرغ للدراسات العليا في الجامعات المحلية وفق الشروط والمعايير المقررة وتقدمت مع المتقدمين لتوافر الشروط والمعايير في طلبي حيث أنني قد حصلت على موافقة الوزارة قبلا لاستكمال دراسة الدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وفي الوقت الذي كنت أتابع في وزارة التعليم العالي إجراءات معادلة شهادة دكتوراه الفلسفة في التاريخ التي حصلت عليها من أكاديمية روسيا للعلوم صدر قرار وزارة التربية والتعليم مع نهاية العام الدراسي 1422هـ بتفريغي لاستكمال دراسة الدكتوراه في التربية بجامعة الإمام ، وكنت قد قطعت المرحلة الأساسية لإعداد خطة البحث بإشراف الأستاذ الدكتور فتحي يوسف مبارك غفر الله له ومرحلة اعتماد خطة البحث بإشراف الأستاذ الدكتور إبراهيم الطوبجي وفقه الله .
وبدأت مرحلة تفرغي للدراسة منذ بداية العام الجامعي 1423هـ وأذكر أن معالي الدكتور خضر القرشي وفقه الله قد اشترط علي الانتهاء من المناقشة في عامين على الرغم من صدور القرار الوزاري للتفرغ لثلاث سنوات ، وقد وعدت معاليه آنذاك بالالتزام بإذن الله تعالى بمضاعفة الجهد والحرص على الانتهاء خلال العامين الأولى ، وتفرغت لاستكمال البحث الذي كان موضوعه يتطلب السفر المتعدد للكثير من المناطق داخل المملكة وبعض الدول العربية التي يتوافر فيها مصادر معلومات متطورة ، حيث تضمن البحث الذي كان عنوانه ” برنامج مقترح لتطوير برامج إعداد معلمي الاجتماعيات في ضوء كفايات التدريس اللازمة ” دراسة ميدانية لتقويم برامج الإعداد القائمة في كليات المعلمين وتقويم أداء معلمي الاجتماعيات المتخرجين منها ممن هم على رأس العمل في جميع مناطق المملكة ، من وجهة نظر المشرفين التربويين والقيادات المدرسية باستخدام أدوات البحث العلمي المتمثلة في الاستبانات وبطاقات الملاحظة ، وتصميم برنامج لتطوير برامج الإعداد في ضوء معيار الكفايات وهو ما يتطلب إعداد المعيار وتحكيمه وتصميم البرنامج بناء على المعيار وتحكيمه من وجهة نظر الخبراء ، وأذكر أن المدة التي قضيتها في بناء الأدوات والمعايير كانت شاقة بالفعل حيث حرصت على الاستفادة من خبرات الأكاديميين والخبراء في جامعات المملكة وبعض الجامعات العربية مما كان يتطلب السفر المتواصل ، وفي مرحلة التطبيق الميداني للأدوات تم اختيار عينة الدراسة من خمسة مناطق تعليمية في كل من الرياض والطائف والإحساء وعسير وتبوك وهي المناطق التي يتوافر فيها أكثر المستهدفين بالبحث من معلمي الاجتماعيات خريجي كليات المعلمين ، وقد واجهت عقبة شاقة تمثلت في تغيير المشرف على الباحث لانتهاء مدة تعاقده مع الجامعة في مرحلة ما قبل تطبيق أدوات البحث الميداني وهو ما دفعني وفق رؤية المشرف الجديد إلى التطوير والتغيير في الكثير من الإجراءات البحثية ، وقد أبلى معي سعادة الأستاذ الدكتور منيع المنيع المشرف الأخير على الباحث بلاء حسنًا واختلفت كثيرًا معه في الكثير من الإجراءات واتفقت معه في الكثير أيضًا وكنا نسدد ونقارب بين وجهات النظر حتى توصلنا إلى مناطق التقاء تم اعتمادها في مسيرة البحث ولله الحمد ، وانطلقت في إجراءات البحث الميدانية وتطبيق الأدوات في الوقت الذي أتممت فيه الجانب النظري وتركته بين يدي المشرف للتدقيق والمراجعة .
وبعد أن فرغت من تطبيق أدوات البحث بدى للمشرف على الباحث صعوبة إجراءات البحث لربط تصميم البرنامج المقترح مع نتائج الدراسة الميدانية وتحكيمه من وجهة نظر الخبراء وهو ما يتطلب المزيد من الوقت وهدر جهد الباحث واقترح علي أن أغير في الأسلوب بحيث يتم تصميم البرنامج وفق معايير الكفايات ويكتفى بتحكيم المناقشين إلا أن المشرف أمام إصراري على سلامة المنهج الذي أتبعه وافق على الإجراءات وتابعت مسيرتي في إنجاز البحث الذي تطلب مني جهدًا مضاعفًا قياسًا بجهود الباحثين الآخرين لتحقيق ذات الغاية ، وتم لي بالفعل مع بداية العام الجامعي 1424هـ الانتهاء كليًا من البحث وتهيئته للمناقشة، وصدرت موافقة مجلس الكلية على المناقشة في شهر ربيع الأول من عام 1424هـ .
ومما أذكره في تلك المدة أنني استفدت من خبرات أكثر من مائة خبير في جامعات الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة الملك فيصل وجامعة الملك عبدالعزيز وجامعة أم القرى في الوطن العزيز وفي جامعة عين شمس وجامعة الاسكندرية في جمهورية مصر العربية ، وفي كليات المعلمين في كل من الرياض وجدة والدمام وتبوك وأبها والطائف ، كما التقيت بالكثير من المشرفين التربويين والمعلمين في مناطق المملكة المختلفة فكانت مرحلة بناء علاقات أخوية ثرية ولا أزال محتفظًا بتواصلي مع الكثيرين ممن استفدت من خبراتهم وتعاونهم الكريم خلال مرحلة تنفيذ الدراسة الميدانية وتطبيق أدوات البحث ، وقد ضمنت البحث شكري وتقديري لكل من تعاون معي وأكرر هنا شكري وتقديري لهم ودعائي أن يرفع الله قدرهم ودرجاتهم في الدنيا والآخرة .
ونصيحتي في هذه الوقفة للباحثين وطلاب الدراسات العليا أن يتوكلوا على الله تعالى في إنجاز مشاريعهم النافعة للأمة والوطن وأن يتحملوا المشقة التي ستواجههم في سبيل تحقيق أهدافهم لمرضاة الله تعالى ، فطريق العلم محفوف بالمشقة ، وعليهم التسديد والمقاربة مع المشرفين عليهم فكل مشرف له وجهة نظر ينبغي للباحث احترامها والنظر في جوانب النفع التي تتضمنها ، وأدعوا الله أن ينفعنا بالباحثين والمشرفين في الجامعات لإنتاج العلم النافع الذي يساعد على تطوير النظريات والبرامج والأنظمة والإجراءات في وطننا العزيز ، وأن يوفقنا جميعًا إلى ما يحبه ويرضاه ، والله الموفق والمستعان .،،