الوقفة (76) : ملتقيات الخرج التربوية ثراء خبري
في عام 1428هـ بدأت في وضع خطة لمشروع تطوير وبرنامج عمل مقترح لتطوير إدارة تربية وتعليم وعرضتهاعلى معالي نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنين آنذاك الدكتور سعيد المليص وفقه الله ، كما عرضتها على صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن ناصر محافظ الخرج آنذاك وفقه الله قبل تكليفي بإدارة التربية والتعليم في محافظة الخرج وحظيت بقبولهما وحماسهما ومنحي فرصة تطبيقها في الواقع ، وهي خطة تضمنت رؤيتي المستقبلة لتطوير البرامج والمشروعات التربوية والتعليمية في إدارة التربية والتعليم لإحداث نقلة نوعية في مستوى جودة المدخلات والعمليات والمخرجات ، وقد طورت هذه الخطة بعد ذلك إلى دراسة ميدانية لقياس مدى تحقق أهدافها وبرامجها وتم تطبيقها في كل من إدارة التربية والتعليم في محافظة الخرج وفي الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة المدينة المنورة وتم إخراج الدراسة بنتائجها في المرحلتين في كتاب مستقل انضم إلى عائلة مؤلفاتي في مجال التربية والتعليم والثقافة والآداب ولله الحمد .
وقد تضمنت الخطة برنامج ” التوسع في الإفادة من خبرات الأكاديميين والخبراء في مجال الإدارة التربوية والمناهج والإشراف التربوي وتوظيفها لتحقيق أهداف تطوير الخطط والبرامج والأساليب والأدوات ” وأقترحت من آليات تحقيقه “تنظيم لقاءات مفتوحة وندوات ومحاضرات يشارك فيها الخبراء التربويون والأكاديميون المتخصصون وإتاحة فرص الإفادة منها لعموم منسوبي التعليم في المنطقة أو المحافظة” ومن المشاريع المقترحة لتحقيق البرنامج إقامة ملتقيات تربوية للطلاب والمعلمين يتم من خلالها الإفادة من خبرات التربويين والخبراء والأكاديميين المتنوعة وإتاحة فرص تبادل الخبرات وتطويرها مع منسوبي التربية والتعليم طلابًا ومعلمين وقياديين على أن يشارك المعنيون بها من المعلمين والطلاب في عمليات التخطيط والتنظيم والإشراف والتقويم، وقد تم بفضل الله تبارك وتعالى تنفيذ ثلاث ملتقيات تربوية في محافظة الخرج خلال الأعوام التي تشرفت فيها بالعمل مديرا للتربية والتعليم بمحافظة الخرج ، وقد تشرفت جميع ملتقيات الخرج التربوية برعاية صاحب السمو الملكي محافظ الخرج وفقه الله ، كما تشرف الملتقى الأول بحضور معالي وزير التربية والتعليم ومعالي نائبة لتعليم البنين ومديري التربية والتعليم السابقين في المحافظة وجمع كبير من الخبراء والرموز في مجالات اللقاء وفقهم الله ، كما تشرفت اللقاءات التالية كذلك بحضور مجموعة من الخبراء والرموز التربوية في مجالاتها من داخل المملكة وخارجها.
وقد تمحور ملتقى الخرج التربوي الأول المنفذ في عام 1428/1429هـ حول موضوع “الإدارة المدرسية ” تحت شعار ” القيادة التربوية الفاعلة للمدرسة الفاعلة” وتضمنت فعاليات الملتقى الندوات والمحاضرات واللقاءات وورش العمل وحلقات النقاش والمعارض المصاحبة ، وكرم من خلاله مجموعة من القيادات التربوية المتميزة ، واستضيف فيه أكثر من عشرين خبيرًا في مجالات القيادة التربوية ونظمت على هامش الملتقى مجموعة من الفعاليات الثقافية والتربوية المتنوعة ومعرض للكتاب يعد الأول من نوعه في محافظة الخرج، وقد حقق الملتقى نجاحًا متميزًا في إقامة الشراكة الإيجابية مع الجهات الحكومية والأهلية في محافظة الخرج التي أسهمت في عمليات التنظيم والتمويل والدعم والدعاية والإعلان كما وجدت القبول لدى جميع القيادات التربوية في قطاعي تعليم البنين والبنات بالمحافظة مما دفعنا في إدارة التربية والتعليم للبنين في السنوات التالية إلى المشاركة الكاملة مع تعليم البنات لإقامة الملتقيات التالية ، وقد جاء الملتقى التربوي الثاني المنفذ في عام 1429/1430هـ حول الإرشاد الطلابي ، تحت شعار ” التوجيه والإرشاد مسؤولية مشتركة ” وجاء الملتقى التربوي الثالث المنفذ في عام 1430/1431هـ حول النشاط الطلابي تحت شعار ” النشاط الطلابي لتربية مستدامة ” وجميع الملتقيات التي نفذت في محافظة الخرج أحدثت بدون شك حراكا تربويًا وثقافيًا إيجابيًا أسهم في رفع مستوى الإتقان والجودة في أساليب وطرائق التربية والتعليم ، وقد تعدت آثارها الإيجابية الميدان التربوي إلى المجتمع العام ولمس أهالي الخرج آثارها الإيجابية في مستوى الطلاب والمعلمين والقيادة التربوية وزادت قناعتهم بدعم برامج التربية والتعليم وبالشراكة في المسؤولية لتحقيق نواتج أفضل ، وقد شهد المحايدون بما شهد به الأهالي بأن النقلة النوعية التي حدثت في التربية والتعليم بمحافظة الخرج خلال مدة عملي فيها كان بفضل الله تعالى ثم بما كان للملتقيات التربوية وتكثيف برامج الأنشطة الطلابية داخل المدارس وخارجها من دور بارز في إحداثها ، وقد تلقت إدارة التربية والتعليم المزيد من شهادات التقدير وخطابات الشكر من سمو المحافظ والوزارة والمؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية المهتمة بتطوير التربية والتعليم وكنت أتمنى أن تستمر تلك الملتقيات بعد أن غادرت إدارة التربية والتعليم بمحافظة الخرج إلى الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة المدينة المنورة والتي بدأ فيها تنفيذ نماذج جديدة من الملتقيات للمعلمين والطلاب وقد آتي على آثارها الإيجابية في وقفة أخرى ، وقد ثبت لي بالدراسة العلمية الميدانية نجاح ملتقيات الخرج التربوية في تحقيق أهدافها من وجهة نظر القيادات التربوية في الميدان ، كما ثبت لي بالتقويم العلمي ولله الحمد تحقق ما يزيد على 80% من مشروع التطوير وبرنامج العمل المقترح الذي أعددته لتطوير إدارة التربية والتعليم في محافظة الخرج ، ولو عاد بي الزمن مرة أخرى وخيرت في أن أواصل العمل في قيادة إدارة التربية والتعليم بمحافظة الخرج أو الانتقال إلى قيادة الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة المدينة المنورة لاخترت البقاء في الخرج لتحقيق النسبة المتبقية من المائة بتنفيذ المزيد من البرامج والمشروعات التي تضمنتها الخطة .
ولعلي في هذه الوقفة أوجه نصيحتي للقيادات التربوية في الميدان التربوي بأهمية الافادة من مشروع التطوير وبرنامج العمل المقترح الذي أعددته لتطوير إدارات التربية والتعليم ، وقد ضمنت موقعي المطور الكتاب الذي ألفته في ذلك كما تضمن كتابي ” قضايا ورؤى تربوية ” المجموعة الثانية موضوعًا عن مشاريع التطوير التي أعددتها لتطوير الإشراف التربوي وتطوير إدارات التربية والتعليم ، كما أتمنى أن تمنح وزارة التعليم الإستقلالية التامة لإدارات التربية والتعليم كما تمنحها للجامعات ، وتتابع تنفيذها للخطط الاستراتيجية قصيرة المدى في ظل الإستراتيجية العامة للوزارة واستراتيجية الدولة متوسطة المدى والبعيدة المدى ، وقياس النواتج والمخرجات وفق معايير علمية يترتب عليها التصنيف والتطوير وتدوير القيادات ، وسأظل مقتنعًا بأن الاهتمام بالملتقيات التربوية والأنشطة االطلابية يزيد من فاعلية العملية التربوية والتعليمية سواء أكان ذلك على مستوى المدارس أو إدارات التربية والتعليم أو الجامعات ، ولعل القائمين على التعليم يقتنعون بما اقتنعت به من تجربة ووقوف على الشواهد والنواتج والآراء فنشاهد منافسة منتجة بين مؤسسات التعليم ترفع من كفايتها وأدائها وجودة مخرجاتها . والله الموفق والمستعان.،،،