الوقفة (70) : إلى تونس الخضراء ممثلا للمملكة في مؤتمر إقليمي
في عام 1426هـ 2006م تلقت وزارة التربية والتعليم دعوة من المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس للمشاركة في المؤتمر الأقليمي حول التربية على حقوق الإنسان في الوقت الذي كنت فيه عضوًا في اللجنة الوطنية لتعليم حقوق الإنسان التي نشأت حديثًا في وزارة التربية والتعليم وقد شرفت بعد ذلك برئاستها ، وتم اختياري وسعادة وكيل الوزارة المساعد آنذاك للشؤون المكتبات الدكتور إبراهيم المسند وفقه الله من وكالة الوزارة للشؤون الثقافية في أول مشاركة خارجية مسجلة بعد اعتماد لجنة المشاركات الخارجية في الوزارة تنظيم مشاركات منسوبي الوزارة في المشاركات الخارجية ، وقمت بإعداد بحث حول التربية على حقوق الإنسان في المناهج التعليمية في المملكة العربية السعودية للمشاركة به في المؤتمر .
وقد شارك في تنظيم المؤتمر مجموعة من الجهات المعنية بالتربية والثقافة والعلوم وحقوق الإنسان وهي كل من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم – اليونسكو – والمعهد العربي لحقوق الإنسان، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمنظمتين العربية والإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، الألكسو والإيسيسكو، واستضافته دولة تونس ممثلة في المعهد العربي لحقوق الإنسان في مدينة الحمامات في المدة من 20 إلى 23 شباط / فبراير 2006، وقد أطلعت الزميل المشارك معي في تمثيل الوطن ووزارة التربية والتعليم في المؤتمر على البحث الذي وافقت اللجنة العلمية للمؤتمر على اعتماده كأحد البحوث الرئيسة في المؤتمر ، وشكرني على الحرص على تمثيل الوطن والوزارة ببحث علمي محكم معتمد من اللجنة العلمية للمؤتمر ، وقد كانت زيارتي إلى دولة تونس للمشاركة في المؤتمر العلمي هي الزيارة الأولى لي إلى ذلك البلد العربي المضياف ، فبعد أن وصلنا أنا والزميل العزيز إلى مطار تونس استقبلنا وفد من المعهد العربي لحقوق الإنسان وانتقلنا وبعض ضيوف المؤتمر في حافلة إلى مدينة الحمامات على الساحل الشرقي لتونس جنوب العاصمة التونسية وتم إسكاننا في الفندق الذي أقيمت فيه فعاليات المؤتمر ، وقد أحسن الأخوة التونسيين استقبالنا ووفادتنا وإعداد برنامج للتعرف على أهم المعالم الحضارية في تونس على هامش أعمال المؤتمر .
وفي اليوم التالي ليوم افتتاح المؤتمر قدمت البحث الذي شاركت به كأحد البحوث الرئيسة في المؤتمر وقد لقي إعجاب المشاركين وتم اختياري ضمن رؤساء جلسات المؤتمر وفي لجنة صياغة التوصيات الختامية أيضًا، ومما أذكره جيدًا وسرني كثيرًا في ذلك المؤتمرالذي شارك فيه وفود كثيرة من جميع الدول العربية اجتماعي بأستاذي لمرحلة الدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد مزمل البشير وفقه الله أحد أعضاء الوفد السوداني في لجنة صياغة التوصيات الختامية للمؤتمر ، وقد تعرفت في المؤتمر على الكثيرين من المعنيين بحقوق الإنسان في الدول العربية واستمرت علاقاتي وتواصلي مع الكثيرين منهم إلى اليوم والحمد لله ، والجميل أن الجهة المستضيفة للمؤتمر اختارت أجمل المدن التونسية السياحية وقد قضيت فيها مع المشاركين في المؤتمر أيامًا لا تنسى ذكرياتها ، وقد تزامن زمن المؤتمر مع يوم الجمعة في تونس فقصدت مع بعض الزملاء مدينة صفاقس للاطلاع على معالمها الحضارية وأداء صلاة الجمعة في أحد مساجدها ، ومما لفت نظري وشد انتباهي إقامة صلاة الجمعة في تلك المدينة في كل مسجد في وقتين متعاقبين فتقام الجمعة الأولى منتصف نهار يوم الجمعة وما أن تنتهي حتى ينادى لصلاة الجمعة الثانية فيصعد الخطيب المنبر للمرة الثانية فتقام صلاة الجمعة للمرة الثانية ، وسألت حول السبب الداعي لذلك هل يعود إلى قلة المساجد في المدينة ، فكانت الإجابة تتعلق بتمكين العاملين في قطاعات الدولة والقطاع الخاص من أداء صلاة الجمعة بعد فراغهم من أعمالهم حيث أن يوم الجمعة آنذاك يوم عمل في دولة تونس ، وقد أعجبت بالطريقة التي تمكن من فاتته الجمعة الأولى من إدراك الجمعة الثانية ، وهو تصرف يتيح للجميع إدراك الجمعة ، وكنت أتمنى أن يتم تطبيق مثل ذلك في جميع الدول الإسلامية .
ومن المناطق التي أتيح لنا زيارتها بتنظيم الجهة المنظمة مدينة تونس العاصمة حيث زرنا فيها شارع أبو رقيبة الشهير في وسط العاصمة وسوق القلعة الواقع في طرفه وزيارة المدينة القديمة التي تستقل الجبل المطل على الساحل وما تتضمنه من محلات تجارية ومطاعم ومقاهي وزيارة المتحف التونسي ، وأعدت لنا جلسة شاعرية على الشاطيء التونسي في ضاحية قمرت بتشديد الميم ، وقد دفعتني تلك الزيارة إلى تونس إلى القيام بزيارة تالية لها بعد عامين للمشاركة في مؤتمر حول التربية والتعليم قامت على تنظيمه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في تونس العاصمة ، وفي الزيارة التالية مكثت أكثر من خمسة أيام بعد المؤتمر للاستمتاع بشاطيء قمرت والمناطق القريبة منه .
وبعد العودة إلى الوطن العزيز من مشاركتي الأولى بدولة تونس بدأت لدي الرغبة الملحة في إعداد بحث حول تعليم مباديء حقوق الإنسان في مناهج الإجتماعيات في مدارس التعليم العام وقد علم سعادة الأخ الأستاذ الدكتور عبدالله الفهد آنذاك برغبتي في إجراء البحث فعرض علي أن يشاركني البحث فوجدتها فرصة سانحة للتميز في البحث والاستفادة من خبرات الشريك بإذن الله فقبلت مشاركته ، وخلال عام ونصف العام أتممنا البحث وتقدمنا به لمسابقة مكتب التربية العربي للبحوث والدراسات وأكرمنا الله تبارك وتعالى بالحصول على جائزة المكتب للبحوث والدراسات ، وتم طباعته في كتاب بعد ذلك ، والحق أن مفتاح اهتمامي بتعليم حقوق الإنسان كان منذ دراسة الدكتوراة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتطور بعد أن حصلت على عضوية اللجنة الوطنية للتربية على حقوق الإنسان وترجمت اهتمامي إلى مجموعة من الدراسات والأبحاث في مجال التربية والتعليم على حقوق الإنسان في الإسلام بعد ذلك ، وقد شاركت ممثلا لمكتب التربية العربي في لقاء أقامته جمعية حقوق الإنسان في الرياض ببحث حول دمج مفاهيم التربية على حقوق الإنسان في المناهج التعليمية ، ولعلي في وقفات أخرى أشير إلى مشاركاتي المتعددة في موضوع التربية على حقوق الإنسان داخل الوطن العزيز وخارجه ، ونصيحتي في هذه الوقفة لكل الباحثين المهتمين بنشر ثقافة حقوق الإنسان إلى ضرورة تأصيل مفاهيم حقوق الأنسان الشرعية والتركيز على مباديء حقوق الإنسان في الإسلام فهي المرتكز الذي يجب أن تقوم عليه المعاملات الإنسانية والمناهج التعليمية في أوطاننا الإسلامية ، وقد لمست ذلك عند تحليلها ودراستها عن كثب ، وأدعو الله تعالى أن يوفق كل القائمين على التعليم والثقافة لإبراز الدور الإسلامي في التأكيد على حقوق الإنسان عامة وحقوق المسلمين خاصة وبذل الجهد مضاعفًا للتوعية بمباديء حقوق الإنسان وأسسها واتفاقاتها الدولية والإقليمية والحرص على دمجها في المناهج والبرامج والمشروعات التربوية والثقافية . والله الموفق والمستعان .،،،