شبكة الإنترنت الكتاب والمعلم والمدرسة !!
بدأت شبكة الإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية شبكة عسكرية للأغراض الدفاعية. ولكن بانضمام الجامعات الأمريكية ثم المؤسسات الأهلية والتجارية – في أمريكا وخارجها – جعلها شبكة عالمية تستخدم في شتى مجالات الحياة. لذا كانت هذه الشبكة المساهم الرئيسي فيما يشهده العالم اليوم من انفجار معلوماتي. وبالنظر إلى سهولة الوصول إلى المعلومات الموجودة على الشبكة مضافاً إليها المميزات الأخرى التي تتمتع بها الشبكة فقد أغرت كثيرين بالاستفادة منها كل في مجاله. ومنهم التربويين الذين بدءوا باستخدامها في مجال التعليم. حتى أن بعض الجامعات الأمريكية وغيرها، تقدم بعض موادها التعليمية من خلال الإنترنت إضافة إلى الطرق التقليدية.
ولعل من أهم المميزات التي شجعت التربويين على استخدام هذه الشبكة في التعليم ، هي:
1- الوفرة الهائلة في مصادر المعلومات مثل :
– الكتب الإلكترونية (Electronic Books).
– الدوريات (Periodicals).
– قواعد البيانات (Date Bases).
– الموسوعات (Encyclopedias).
– المواقع التعليمية (Educational sites).
2 – الاتصال غير المباشر (غير المتزامن): حيث يستطيع الأشخاص الاتصال فيما بينهم بشكل غير مباشر ومن دون اشتراط حضورهم في نفس الوقت باستخدام:
– البريد الإلكتروني (E-mail) : حيث تكون الرسالة والرد كتابياً.
– البريد الصوتي (Voice–mail) : حيث تكون الرسالة والرد صوتياً.
3- الاتصال المباشر (المتزامن):
وعن طريقه يتم التخاطب في اللحظة نفسها بواسطة :
– التخاطب الكتابي (Relay–Chat) حيث يكتب الشخص ما يريد قوله بواسطة لوحة المفاتيح والشخص المقابل يرى ما يكتب في اللحظة نفسها ، فيرد عليه بالطريقة نفسها مباشرة بعد انتهاء الأول من كتابة ما يريد.
– التخاطب الصوتي (Voice–conferencing) حيث يتم التخاطب صوتياً في اللحظة نفسها هاتفياً عن طريق الإنترنت.
– التخاطب بالصوت والصورة (المؤتمرات المرئية) Video-conferencing) حيث يتم التخاطب حياً على الهواء بالصوت والصورة.
ولهذ قامت بعض دول العالم بإدخال الإنترنت في التعليم. ومنها:
كندا : التي بدأت بمشروع استخدام الإنترنت في التعليم في عام 1993م. وكانت البداية في إحدى الجامعات حيث قام الطلاب بتجميع وترتيب بعض المصادر التعليمية على الشبكة. ثم طوّر الأمر إلى التعاون مع القطاعات الخاصة والعامة فكان مشروع (SchoolNet) .وبعد سنوات قليلة توسع المشروع ليقدم العديد من الخدمات مثل توفير مصادر المعلومات التي تخدم المدارس والمدرسين وأولياء الأمور وغيرها من الخدمات. كما أن القطاع الصناعي – الراعي الرئيسي للمشروع – بدأ في عام 1995م برنامجاً لحث ودعم وتدريب المدرسين على الأنشطة الصفية المبنية على استخدام الإنترنت. وقد رصدت الحكومة الكندية مبلغ 30 مليون دولار للتوسع في مشروع (SchoolNet) خلال السنوات التالية لعام 1993م.
كوريا الجنوبية : حيث أعلن فيها عن بداية مشروع (KidNet) في مارس 1996م ،وهو معني بإدخال شبكة الإنترنت في المدارس الابتدائية. ثم توسع المشروع ليشمل المدارس المتوسطة والثانوية ، ثم الكليات والجامعات. وقد قام هذا المشروع من خلال التعاون بين شبكة الشباب العالمية من أجل السلام (GYN) التي نشأت في جامعة ولاية متشجن الأمريكية وإحدى الصحف الكورية من جانب ووزارة الاتصالات والمعلومات ووزارة التعليم الكوريتين من جانب آخر. وكان من ضمن الخطة أن يتم تمويل المشروع من قبل المؤسسات الحكومية والأهلية والشركات ومن أراد التبرع من أولياء الأمور وغيرهم. وحددت مدة عشر سنوات لتنفيذ هذا المشروع. وقد قسمت إلى أربعة مراحل. في المرحلة الأولى ومدتها سنة (1996م) تتم التجربة في 20 مدرسة ابتدائية. وتقسم بقية المدة إلى ثلاث فترات كل منها 3 سنوات. ففي الثلاث سنوات الأولى (1997-1999م) يتم إدخال الإنترنت في 500 مدرسة. وفي الفترة الثانية (2000-2002م) يتم توفير الخدمة لنصف المدارس الابتدائية في كوريا. أما في الفترة الأخيرة (2003 – 2005م) فيتم تحقيق الهدف بتوفير الخدمة لكل مدرسة ابتدائية.
سنغافورة : حيث تبنت وزارة التعليم السنغافورية بالتعاون مع مجلس الحاسوب الوطني (National Computer board, NCB) مشروع ربط المدارس بشبكة الإنترنت. وكان الهدف هو توفير مصادر المعلومات للمدارس. ففي عام 1993م بدأ المشروع بست مدارس. وقد قادت التجربة إلى ربط المدارس والمشرفين على التعليم بالشبكة. كما تم ربط وزارة التعليم بشبكة الإنترنت. بعد ذلك توسع المشروع ليشمل الكليات المتوسطة (Junior Colleges). وقد دعمت الحكومة السنغافورية الاستفادة من شبكة الإنترنت. فقد قامت وزارة المعلومات والفنون بإنشاء خدمة خارطة المعلومات (Information map) عن طريق شبكة الإنترنت ، وهي على شكل دليل لمصادر المعلومات الحكومية. وقد وضعت خطة باسم (تقنية المعلومات 2000 – 2000 IT) لجعل سنغافورة (جزيرة الذكاء) في القرن القادم. ولتحقيق ذلك كان على وزارة التعليم أن تتبنى خطة إستراتيجية لنشر تقنية المعلومات من خلال التعليم. وقد قامت هذه الخطة على الفرضيات التالية:
1- أدبيات الحاسوب من المهارات الأساسية التي يجب أن يكتسبها كل معلم وطالب في مدارس سنغافورة.
2- يمكن تحسين مهارات التعلم باستخدام تقنية المعلومات.
3- أن بيئة التعلم والتعليم الغنية بتقنيات المعلومات يمكن أن توجد الدافع للتعلم وتحث على الإبداع والتعلم الفعال.
4- أن تكامل تقنية المعلومات مع التعليم يمكن أن يوجد تغييراً وتجديداً في نوعية التعليم.
وإلى جانب تلك الخطة ، شرعت وزارة التعليم في سنغافورة ومجلس الحاسوب الوطني في تنفيذ مشروع تسريع تقنية المعلومات في المدارس الابتدائية (Accelerated IT). ويهدف هذا المشروع إلى تحسين استخدام تقنية المعلومات في التعلم والتعليم في المدارس الابتدائية باستخدام تقنية الوسائط المتعددة بشكل أفضل مما هو قائم ، وذلك من خلال ربط الأجهزة الشخصية الموجودة في المدارس بشبكة موحدة يتم ربطها بشبكة الإنترنت. ولتحقيق أهداف التعليم باستخدام التقنيات الحديثة قامت الجهات المعنية بتدريب المعلمين وإيجاد بيئات تعاون بينهم. كما أقيمت الندوات لمديري المدارس لتعريفهم بأهمية شبكة الإنترنت وبأهداف الخطط الموضوعة والعقبات التي يمكن أن يواجهها الجميع. كما بدأ العمل في دمج الإنترنت في المناهج بصورة مناسبة.
وفي المملكة العربية السعودية بدأ الاهتمام بالتأسيس لتوظيف التقنيات المتطورة في عمليات التربية والتعليم منذ أوائل العقد الأخير من القرن الميلادي المنصرم من خلال إدراج مادة الحاسب الآلي ضمن الخطط الدراسية في التعليم الثانوي المطور وأخذت الوزارة في التوسع في ذلك إلى أن أقرت الحاسب الآلي مقررًا أساسيا ضمن الخطط الدراسية للمرحلتين المتوسطة والثانوية وعملت على دمج التقنية في التعليم منذ المرحلة الابتدائية وزودت جميع المدارس المتوسطة والثانوية بمعامل للحاسب الآلي كما زودت معظم المدارس بما فيها الابتدائية بمراكز مصادر تعلم مزودة بأجهزة الحاسب وإدخال شبكة الإنترنت في الكثير من هذه المراكز فأصبح التعليم بالإنترنت متاحًا لمعظم المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات على مستوى التعليم العام فضلا عما أتيح من تجارب ناجحة في مجال التعليم الإليكتروني من خلال تأسيس الفصول الإليكترونية وتجهيزها ، وفي التعليم العالي تم التوسع في مجال استخدام الإنترنت ليصبح وسيلة رئيسة للتعليم الجامعي المفتوح المستخدم على نطاق واسع في أغلب الجامعات السعودية .
وقد حققت الدول التي استخدمت هذا النوع من الوسائط التعليمية جملة من الأهداف ذات الصلة منها :
1- توفير المساندة للمعلم في الفصل.
2- إيجاد نوع من التوازن في توصيل المعلومات للطلاب ، حيث الاختلاف في قدرات المعلمين على توصيل المادة.
3- توفير المرونة في التعلم من خلال مراعاة الفروق الفردية. فالطالب يتعلم بالسرعة والوقت الذين يختارهما.
4- تنويع مصادر المعلومات لكل من المعلم والطالب بما يتيح له أكبر قدر ممكن من المداخل التعليمية والتعلمية .
5- إمكانية الاتصال بين الفئة التعليمية الواحدة وكذلك بين الفئات المختلفة.
6- توفير بيئة متطورة وجاذبة للحوار – مجموعات النقاش – يمكن من خلالها تبادل الآراء والمقترحات ووجهات النظر.
7- حل مشكلات الطلاب الذين يتخلفون عن زملائهم لظروف قاهرة كالمرض وغيره حيث يمكنهم المتابعة في وقت آخر.
8- زيادة حصيلة الطالب العلمية من خلال إيجاد بيئة مشوقة ومشجعة على التعلم.
9- خفض معدلات الإخفاق التي تنتج عن أمور مثل: عدم القدرة على متابعة المعلم أو التخلف عن الفصل لأسباب قاهرة وما شابه ذلك.
10- مساندة الشبكة لتطوير المعلم والمشرف التربوي من خلال ما يمكن توفيره في هذا المجال.
11- تقديم حلول علمية عملية لتلافي سلبيات الدروس الخصوصية.
إلا أن استخدام الإنترنت في التربية والتعليم بشكل مفتوح دون معيارية أو شروط قد يؤدي إلى حدوث أثار سلبية ، فاستخدام شبكة الإنترنت بشكل عام في مجتمع ذي ثقافة مفتوحة قد يؤدي إلى سرعة التأثر بثقافة البلد المنتج أو المصدر لمعلومات الشبكة. وهو ما أثار المجتمعات الدولية التي ترغب في المحافظة على ثقافاتها ، وقد ثار الجدل في العالم حول العولمة وحول الآثار السلبية لها وشبكة الإنترنت إحدى مداخلها لما تحمله من أمور تخالف بعض القيم والثقافات . حتى إن البعض نادى بسن القوانين ضدها ، وقد وقفت ثقافة بعض المجتمعات وقوانينها ضد تقييد العولمة مما سرع بظهور الآثار السلبية على سلوكات أفرادها . لهذا فإن العديد من الدول ومنها المملكة العربية السعودية قد ضمنت خططها المعلوماتية أساليب لمواجهة تحديات عصر المعلوماتية ، وأساليب الترشيد تستمر في التطور بتطور التقنيات ، ففي الجانب الاجتماعي يمكن الحد من الآثار السلبية بالتوعية والمتابعة. وأما من الجانب التقني ، فهناك بعض الحلول التي ظهرت للحد من الاستخدام السيئ لشبكة الإنترنت ، مثل برامج الترشيح التي لا تسمح بالوصول إلى مواقع مختارة على الشبكة. كما أن الدراسات والأبحاث مستمرة في هذا المجال. وفي المملكة العربية السعودية حيث الثقافة الإسلامية والعربية الخاصة فقد حرصت الدولة على استخدام جميع وسائل المرشدات والمرشحات الإليكترونية لضمان الاستخدام الأمثل لشبكة المعلومات والأمر ملقى على عواتق المؤسسات التربوية والتعليمية ووسائل الإعلام والتثقيف بالتوعية بما يحقق الاستخدام الرشيد لعموم التقنيات المعاصرة .
وفي هذا المقال وبعد أن وضحت بشكل مختصر فوائد ومثالب استخدام الإنترنت في التعليم والتعلم ، أدعو المسئولين عن التربية والتعليم إلى التوسع في استخدام هذا المصدر المعلوماتي الغني بالإيجابيات متى ما رشد استخدامه وحمي مجاله من الإختراقات غير المنضبطة . والمقترحات مفتوحة .. والمستقبل لأجيالنا تعليم مفتوح بوسائل ووسائط متنوعة مفتوحة وغير مقيدة فهل سنعي الدور المطلوب ونحن نسير إلى ذلك الاتجاه ؟ والله الموفق والمستعان