الوقفة (83) : إلى سلطنة عمان للمشاركة في ملتقى الموهبة والإبداع
تلقيت دعوة شرف من زملاء العمل سابقًا فرسان خبراء التربية وفقهم الله للمشاركة ممثلا معهم لخبراء التربية في الملتقى الخليجي الأول لرعاية الموهوبين المنعقد بمدينة صلالة والذي قام على تنظيمه مركز النجاح للتنمية البشرية بسلطنة عمان ومركز النافع للتدريب والاستشارات بالمملكة العربية السعودية ورعته جامعة ظفار وخبراء التربية في المدة من 12-16 شعبان 1431هـ ، واستجبت لدعوتهم وقمت بإعداد ورقة عمل بعنوان ” الدور الأسري في اكتشاف الأطفال الموهوبين ورعايتهم في مرحلة النمو الأولى قبل إلحاقهم بالمدارس ” وفضلت المشاركة في الملتقى مع أفراد أسرتي .
ورتبت للسفر مع أفراد أسرتي باستثناء ابني المهندس رامي الذي غادرنا إلى كندا آنذاك لاستكمال دراسة الماجستير في إدارة الأعمال ، وتعد تلك الزيارة الأولى لأسرتي إلى سلطنة عمان بينما زرتها أنا مشاركا في ورشة عمل أقليمية قبل ذلك بأربع سنوات ، ولأن المكان الذي اختاره المنظمون للملتقى هو مدينة صلالة بولاية ظفار يعد من المواقع السياحية المرغوبة في مثل ذلك التوقيت من العام للكثيرين من محبي السياحة في سلطنة عمان ، فأحببت أن يستفيد أفراد أسرتي من نشاطات الملتقى والاستمتاع ببعض الوقت للسياحة في صلالة وما حولها ، وقد تكفل الزملاء في خبراء التربية بنفقات النقل والإسكان خلال مدة الملتقى التي امتدت لخمسة أيام بينما تحملت النفقات المتبقية خلال الخمسة أيام الأخرى التي مكثتها في صلالة بعد مدة الملتقى بهدف السياحة والتعرف على المعالم الحضارية والمواقع السياحية وزيارة المهرجانات والفعاليات الثقافية المقامة في خريف صلالة .
وقد شرفت بتقديم ورقة العمل التي أعددتها للمشاركة بها في الملتقى الخليجي الأول لرعاية الموهوبين وشرفت بحضور جميع الجلسات العلمية التي احتوت على العديد من الدراسات والبحوث وأروراق العمل التخصصية التي شارك في إعدادها وتقديمها نخبة من الأكاديميين والمتخصصين في رعاية الموهبة والإبداع في الوطن العربي ، وأتيحت الفرصة لأولادي الاستفادة من الدورات التدريبية التي عقدت في الملتقى والمخيمات والجولات السياحية، وأذكر أن المكان الذي تم اختياره لإقامتنا في صلالة يعد من أجمل المنتجعات السياحية المكتملة الخدمات على شاطيء البحر في أجواء ماطرة ومعتدلة الحرارة فتذكرت وأسرتي من معالم ذلك الموقع تلك الأيام الحالمة التي قضيناها في جزيرة لنكاوي في ماليزيا الحالمة ، فالشبه كبير بينهما في المقومات والإمكانات الفندقية الرائعة والأجواء الماطرة المعتدلة ، وقد أوكلت لأولادي عملية التخطيط للأيام التي خصصناها للسياحة في منطقة صلالة وما حولها وذلك بالاستعانة بالمعلومات المتوافرة في الفندق وفي الإنترنت المتاح مجانًا في جميع مرافق الفندق ، وقد أحسنوا التخطيط حيث اطلعنا خلال تواجدنا في صلالة على مجموعة من المعالم التاريخية والحضارية وزرنا مجموعة من الكهوف والأودية والجبال والشواطيء والشلالات والمهرجان السنوي في ولاية ظفار بمدينة صلالة والذي يمكن الزائرين من التعرف على الثقافات المتنوعة في جميع أنحاء سلطنة عمان ويعرض العديد من الحرف الشعبية والفنون ، ويضم العديد من معارض الكتب والفنون التشكيلية والمنتوجات المصنعة محليا إضافة إلى الأسواق الشعبية المتنوعة ، ولم نجد عناء في الحصول على خدمات النقل لتوافر التاكسي في الفندق وفي مواقع الخدمات والمهرجانات والأسواق .
وقد شدني كثيرًا تلك الموائد التي تعدها النساء في المهرجان وفقًا للطرق التقليدية العمانية ، وأذكر أنني خلال مدة المهرجان كنت في كل زيارة له أتربع بين أفراد أسرتي على البسط المفروشة على الأرض أمام النسوة اللواتي يعدين الطعام العماني وأتناول وأسرتي في كل مرة وجبة عمانية مختلفة باختلاف الولايات في السلطنة في جلسات شعبية ومكان خيالي حالم ترتفع فيه أصوات الطبول والمزامير لفرق الفنون الشعبية المتنوعة والإعلانات المتكررة لفعاليات المهرجان ، وتمتد سهرات المشاركين في المهرجان والزائرين إلى منتصف الليل تقريبًا، وقد أعجبوا أولادي بتلك السياحة الخليجية مما دعاهم إلى تكرار طلب زيارة صلالة في السنوات التالية ، وهنا أؤكد على أن خليجنا المبارك يضم من المواقع السياحية الرائعة ما يمكن أن يجذب إليها العديد من محبي السفر والسياحة متى أبدت الحكومات اهتمامها بتوفير مقومات السياحة المتنوعة كما هو الحال في صلالة التي تحرص على جذب الاستثمارات الدولية في مجالات السياحة والترفيه وإقامة المشروعات والفنادق والحرص على إقامة المهرجانات الفنية في خريف كل عام حيث الأجواء الممطرة والأجواء الخريفية المعتدلة ، وكما هو الحال أيضًا في بعض مدن الأمارات العربية التي تتوافر فيها مقومات الجذب السياحي ، ولعلنا في الوطن العزيز نعد من أثرى دول الخليج في امتلاك المواقع التاريخية والسياحية المرغوبة لدى السائح الوطني والخليجي رغم ضعف الإمكانات والمقومات السياحية فيها والتي لو طورت خدماتها ونوعت برامج الجذب السياحي فيها لكفت السواح عن السياحة الخارجية التي يقبل عليها المواطنون في دول الخليج في كل إجازة .
لقد كانت مشاركتي في الملتقى الخليجي الأول لرعاية الموهوبين مفتاحًا لتكرار دعوتي للمشاركة في العديد من المؤتمرات والملتقيات المعنية بالموهبة والإبداع في كل من دولة الأردن ودولة مصر العربيتان ، وقد لبيت دعوة مركز النافع في العام التالي للمشاركة في الملتقى الخليجي الثاني لرعاية الموهوبين الذي قام على تنظيمه مركز النجاح للتنمية البشرية بسلطنة عمان ومركز النافع للتدريب والاستشارات بالمملكة العربية السعودية وذلك في جامعة ظفار بمدينة صلالة بسلطنة عمان في المدة من 24-27 شعبان 1432هـ ، متحدثًا رئيسًا وقدمت فيه ورقة عمل بعنوان ” رعاية الموهبة والإبداع وإثرائهما عن بعد ” ، ولا زلت أتلقى الدعوات من المؤسسات العلمية ومراكز رعاية الموهوبين للمشاركة في الندوات والمؤتمرات واللقاءات وآمل أن أتمكن في قادم الأيام من تلبية إحداها بعمل علمي متخصص يساعد على تطوير برامج رعاية الموهبة والإبداع في البلاد الإسلامية ، فالمعاصرة والمنافسة المستقبلة تتطلب من جميع الحكومات الإسلامية العناية بالموهبة والإبداع ، وكان من أحلامي التي لم تتحقق لأسباب إدارية وتنظيمية تأسيس مدارس الموهوبين في إدارات التعليم التي تشرفت بقيادتها والتوسع فيها لإيماني المؤكد بأن كل طالب هو طالب موهوب في جانب من جوانب العلم والمعرفة والمهارة ، وينبغي علينا اكتشاف جوانب موهبته وإبداعه وتطويرها لخدمة الوطن والأمة ، ولعل الأخوة القائمين على التعليم في وطننا العزيز وفي البلدان الإسلامية يولون هذه المسلمة اهتمامهم ويمنحون للطلاب فرص اكتشاف مواهبهم ومواطن إبداعاتهم من خلال التعليم والتعلم والتوسع في نشر مدارس الموهبة والإبداع ، والله الموفق والمستعان .،،،