28) التطوير الشامل هدف منشود !!
تعد المملكة السعودية دولة نامية رغم ما حققته من نتائج إيجابية على كل مسارات التنمية الوطنية، والعلاقات الدولية، وهي تنعم بأمن متميز، وبحكومة رشيدة نالت تأييد المجتمع السعودي، ولا تزال أبواب الطموح مفتوحة أمام الحكومة والمجتمع لبلوغ منزلة أرقى وأفضل بين دول العالم سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا، وقد يتحقق ذلك لها بالسرعة التي تقررها الإرادة السياسية، والإرادة الاجتماعية المتنامية الوعي، ولابد من قناعة متوازية مع الآمال العريضة لأفراد المجتمع السعودي الطامح للحرية بكل ألوانها وصورها، والاستقلال التام في الإرادة، وتقرير الحقوق، والاكتفاء الذاتي، ولكي يتحقق الحلم ويتحسن مستوى الأداء لابد للدولة من أن تعيد النظر في كل السياسات والأنظمة، وأن تعتمد الأسلوب العلمي في تنفيذ عمليات التقويم، والأسلوب العلمي في التطوير، وأن تستفيد بأقصى حد ممكن من البحوث العلمية،والتجارب الدولية ،وعلى المسئولين عن إدارة التنمية بالمملكة السعودية بكل مجالاتها توجيه النظرة الشاملة إلى كل مجالات التطوير التي تحقق الهدف المنشود .
ومع أن التربية والتعليم وسيلة طبيعية للتغيير أو للمحافظة حسب توجيهها من قبل السياسة ، وهي بداية منطلقات التطوير في الكثير من دول العالم إلا أن التركيز عليها وإهمال غيرها من المجالات سيحدث خللا في عمليات التطوير وفي نواتجه ومخرجاته ، وكثير منا يعلم أن الدور المعاصر والمستقبل للتربية والتعليم يمكن وصفه بأنه محرك التطوير بأسلوب متوسط بين التغيير والمحافظة، ويجب الحذر من التغيير غير المدروس وغير المتوازن الذي يؤدي إلى الفوضى، والكثير من الدمار، وليس هناك ضمان لعودة البناء، والتطوير والتغيير بعيدًا عن الأصالة والمحافظة ليس طريقًا مقبولا لاستقرار المجتمع وتحقيق تنميته الشاملة، والتركيز على المحافظة والتمسك بالأصالة لم يعد مقنعا في عصر التكنولوجيا والمعلوماتية والتركيز عليها يعني الجمود والتبلد وقد يؤدي صرف جهود المجتمع إليها إلى الاحتقانات المجتمعية والتوتر، والصراعات وعدم الاستقرار. فالدور المثالي للتربية والتعليم الذي يمكن للسياسة توجيهها نحوه، هو التطور المتوازن المتوافق مع ظروف المجتمع والعصر وإمكاناتهما، والتعامل معهما بواقعية ووضوح، فلا اليأس والاغتراب يجد مجالاً لدي المواطنين، ولا الطموح للتغيير يدفع للمغامرة غير المحسوبة، وما يؤدي إليه من صراعات بين أصحاب المصالح المختلفة في المجتمع، وبين الحاكم والمحكوم، وبين مختلف فئات المجتمع.
ويجب التأكيد مرة أخرى أن الدور المناط بالتربية والتعليم والمتوقع منها تجاه التنمية الشاملة لا يمكن تحقيقه إذا لم يقترن ويتكامل مع تغييرات سياسية واقتصادية وثقافية تتناغم مع بعضها البعض، ولا تتعارض، وإلا فإن المحاولة الإصلاحية من خلال التربية والتعليم وحدها لن تكون أفضل من محاولات الإعلام الدعائي والوعظ الموجه الذي يجد هزيمته في التناقض السلوكي بين اللفظ والممارسة على مستوى القائمين عليه ومن ثم على مستوى المجتمع .
وإنني لأرى أنه قد آن الأوان لتوجيه قدر أكبر من اهتمامنا وجهدنا إلى رفع مستوى التربية والتعليم وتجويدها لتتحقق الثقة في مخرجاتها على الأقل لدى مؤسسات التعليم الجامعي والعالي التي بدأت تستخدم اختبارات ومقاييس جديدة تعتمد عليها في قبول الطلاب مخفضة نسبة التحصيل الدراسي في التعليم العام بين معايير القبول ، ولبذل المزيد من الجهد الجاد لتجويد التربية والتعليم ، وتحسين مخرجاتها ونتائجها فلا بد من التطوير الشامل لكل عناصر المنهج وما يؤثر فيها وتوسيع اهتمامات مشروع تطوير ليشمل الجوانب التي لم يشملها مثل تطوير الأنظمة واللوائح والتصاميم والإجراءات والهياكل والخرائط الإدارية والمدرسية ونحوها …. ، وعلى الحكومة السعودية أن تقدم على عمليات التطوير الشامل في السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم، لتحقيق أفضل النتائج المأمولة للتنمية الوطنية الشاملة، ويظل الأمل معقود نواتج برنامج التحول الوطني والذي يترقب المجتمع خططه وعملياته ومخرجاته التي يتوقع بإذن الله تعالى أن تساهم في حل الكثير من المشكلات الاجتماعية والتنموية والقضاء على الفقر والفساد والبطالة وعلاج مشاكل الإسكان والصحة والتربية والتعليم والعمل والعمال وتصحيح مسارات التطوير الشامل المتوازن والمتكامل لتحقيق التنمية المستدامة ،، والله الموفق ،،،،