30) الوزن النسبي للمناهج التعليمية !!
تتجه الكثير من دول العالم المعاصر إلى الاهتمام بزيادة الوزن النسبي لمواد الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية والحاسب في مناهجها رغبة في تحقيق مخرجات تساعد على البناء والنماء والنهضة والمنافسة في تحقيق الإنجازات العالمية في مجالات العلم والابتكار وإدارة التنمية ، وفي المقابل تهتم بعض الدول بزيادة الوزن النسبي للمواد الأدبية والإنسانية ولعلهم يريدون منافسة العالم في مجالاتها المختلفة والإسهام التاريخي في إيجاد نوع جديد من البطالة العلمية والاقتصادية والبطالة الاختيارية التي تجعل مخرجات التعليم بالتأكيد عاجزة أمام الميكنة والتكنولوجيا والهندسة والطب وأمام تقنيات الحاسب الآلي التي أصبحت مقومًا رئيسًا لعصرنا ومستقبلنا ،
وينظر البعض المؤثر من المعنيين بالتربية والتعليم في بعض البلدان الإسلامية إلى التحولات العالمية نظرة المغشي عليه من الموت ، وكأن أمور الاهتمام بالتكنولوجيا والتقنيات وإنتاجها خاص بغير المسلمين ، وقد نوافق على مرئيات الأستاذ محمد المسعودي التي ضمنها مقالة نشرت له قبل خمسة أعوام تقريبًا في إحدى الصحف المحلية تحت عنوان ( س + ص معادلات تحتاج إلى حل في تعليمنا ) حيث وضح في مقالته أبعاد الاهتمام العالمي بمجالات العلوم والرياضيات ولخص رؤيته تجاه ما ينبغي أن يبذله المعنيين في وطننا المعطاء للدخول الحقيقي في المنافسة الدولية من أجل تحقيق مخرجات تعليمية تساعد على البناء والنماء وإدارة التنمية على النحو الذي يخلصنا من البطالة بأنواعها المختلفة ، ويقول المسعودي : ” إن جامعاتنا ومدارسنا تتطلب أن تبنى ليصبح طلابنا تواقين لدراسة العلوم الطبيعية، وبخاصة الرياضيات، فالمشكلة الحقيقية لدينا ليست في تدريس العلوم الإنسانية وآدابها، ولكنها تبقى في مناهج العلوم والرياضيات وطرق تدريسها وتطبيقها العملي الذي يمثل قناة التفوق والإثبات بنظرياته وبراهينه، فالسير على نهج يجعل المواد العلمية تضع الأسس الفكرية والتكنولوجية للعالم الحديث أصبح منعطفاً هاماً ومحرجاً في تعليمنا. في ظل معطيات العصر وتوفر الثروة والدعم الكامل، ولا يحتاج منا بناء المشاريع التي تصب في تطوير هاتين المادتين إلى الإرجاء والتأجيل. بل البحث السريع والحلول البعيدة والوقائية أيضاً بمشاركة الطالب والمعلم وأولياء الأمور والخبراء والمتخصصين من الجامعات أو الشركات، بالإضافة إلى البحوث العلمية – عمود التقدم في شتى العصور-. وذلك كله يحتاج منا إلى تخطيط استراتيجي زمني محدد، وتقويم مستمر للأداء والنتائج, لمعرفة مدى ملاءمة التطبيق لخدمة الأهداف وتناسق المدخلات والمخرجات، حتى نستطيع حل جميع المعادلات بما في ذلك مجموعة الحل (فاي)، والنهايات (بسطاً ومقاماً) بالضرب (التبادلي) بين خبرات الدول المتقدمة و(الاختصار) في الزمن الذي يحتاجه وطننا وأجيالنا القادمة لتعرف أن : س + ص = المستقبل بأسره ! ” أنتهت ألإشارة .
وقد ينبري مجموعة من المتهيبين من ضياع الهوية والثقافة القومية والدينية لينتقدوا مثل هذه التوجهات التي قد تفضي من وجهة نظرهم إلى الانصهار في الماديات بعيدًا عن الأخلاق والروحانيات ، ويقفون عائقًا في وجه التقدم العلمي والتقني والمعلوماتي فتجمع التوقيعات المرفوعة إلى القادة والحكومات للمحافظة على الأوزان النسبية في المقررات الدراسية المخصصة للعلوم الشرعية واللغة العربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية ، وتبقى أمام المهتمين بالتطوير معضلة مواءمة ما تبقى من الوزن النسبي في الخطة الدراسية لمتطلبات التطوير في مجالات العلوم والرياضيات واللغات الأجنبية والحاسب ، والفنون والرياضة وممارسة الأنشطة ونحوها … وكأن المساس بالوزن النسبي في الخطة هو مساس بالعقيدة ، ومع هذا الإصرار المحموم على هذا النوع من الفكر والتوجهات أنّى للمطورين اللحاق بالركب العالمي المتنافس على تحقيق المخرجات المطلوبة لخوض مجالات العلم والابتكار وإدارة التنمية ؟ وأنّى لبلادنا وغيرها من البلدان التي تنتهج نهجها أو قريبًا منه في الخطط الدراسية لتحقيق المراكز المتقدمة في الاختبارات الدولية وفي بناء المجتمع العامل والتغلب على البطالة ؟
إن الأمر كما قال الأستاذ المسعودي يحتاج إلى تخطيط استراتيجي بعيدًا عن المتهيبين وتحييدًا لتأثيرهم في صنع القرار السياسي المطلوب وإعادة النظر في الأوزان النسبية للخطط الدراسية بما يحقق توجيه الاهتمام إلى مستقبل الأمة والوطن لمواكبة الاهتمام العالمي ومنافسته لتحقيق الصدارة التي ظلت الأمة الإسلامية عليها قرونًا عديدة قبل أن يتدخل المتهيبون في تشكيل القرارات السياسية وتوزيع النسب في الخطط الدراسية ،،، والله الموفق