على الأعتاب
أحد الأحبةِ حفظه الله بعد أن قرأ قصيدتي الأخيرة ” تفاءل ”
قال: آن الأوانُ زواجُكم بالأبكارِ فهنّ ماءٌ صافٍ مِدْرار
وأدواتُهنّ إطفاءُ الشوقِ الحارّ
فرددتُ عليه بهذه الأبياتِ :
لو في الزواجِ إعادةٌ لشبابي ..
لرفضتُه رفضَ الصبي المتصابِ ..
فلأنَ بعضي في الشبابِ معاندٌ
والأخرياتُ أخذنَ كلَّ صوابي
مالي ومالُ الماءِ صافٍ نهلُه
إنْ كانَ عقلي ذاهبٌ بِذِهابي
فليبقَ عقلي دونَ شوقٍ ساحرٍ
فالباقياتُ الصالحاتُ هُنَّ ثَوابي
إنْ كنتَ تَنصحُ بالزواجِ فَقُمْ بِه
ولسوفَ أنسخُ فعلَكم بكتابي
وأقولُ هذا الشيخُ كانَ مدللًا
القلبُ أخضرُ و البقيعُ تُرابي
قدْ ظنَّ أنَّ الشوقَ متقدٌ به
وأرادَ يُطفئُ شوقَه بِشهابِ
لا الشوقُ يُطفئُ بعضَه في شُعلةٍ
والشيخُ نالَ جوابَهُ إعجابي
أسألْهُ ماذا صَارَ بعدَ مشيبِكُم
قال الهوى والشوقُ كالهبّابِ
يا ليتني في الشيبِ أنسى أنَّني
قدْ كنتُ يومًا في الشبابِ شَبابي
وأكنُّ في نفسي الهوى فلأنَّه
إنْ يَبْدُو يُبْدِي للعيونِ عذابي
وأقولُ عفوًا إنْ دُعيتُ إلى هوىً
فأنا لي الأسبابُ من أسبابي
يكفيني الأحبابُ حولي إنَّهم
كثرٌ من الأولادِ والأحبابِ
فبِبِرُّهم أزهو وأنسى أنَّني
في حاجةٍ للشوقِ من خُطّابي
قلتُ: الهوى عندَ الهُواةِ كمَا تَرَى
يا شيخُ لا يبقى على الأعتابِ
فاذا المشيبُ تسدَّلتْ أستارُه
أفلَ الهوى بنصيبِه ونِصَابي
فلعلّنا يا شيخُ نَقْنَعُ أنَّنا
عندَ المشيبِ بأوبةٍ وذهابِ
نخشى يَزِلُّ بنا الهوى في سهوةٍ
ونعودُ نندبُ حظنا المُتَغَابي
يكفي القلوبَ من الهوى ما مرَّها
فالعمرُ يمضي مثلُ طيفِ سرابِ
ونزيدُ في التقوى فإنَّ ثوابُها
ما ننتظرهُ بروحةٍ وإيابِ
والعشقُ نصرفُ بابَه نحو العُلا
نحو الجِنَانِ بِصُحبةِ الأصحابِ
فنفوزُ في الأخْرى فإنَّ مقامَها
أعلى وأغلى من هوىً مُرْتَابِ