قالتْ : تفاءلْ يا حبيبي مرةً
واقنعْ بما كتبَ الكريمُ وما قَسَمْ
(فلرُبّما تأتيْ المسرةُ بغتةً
وتراكَ تنسىٰ كلَّ أَيامِ الألمْ
ثِقْ بالذي أَعطاكَ قلبًا طيبًا
ستطيبُ دُنيانا وتَزدَحمُ النعَمْ )
قلتُ : التفاؤلَ يا عيوني زينةً
تزهو بمن بالعقلِ والمثلى حَكَمْ
لكنَّه وقتَ الشدائدِ للفتى
قد عزَّ حينَ به الكوارثُ تَحْتَدِمْ
أمَّا القناعةُ فالجميعُ يُعِزُّها
لكنَّها تَعْصَى على مَنْ في العَدَمْ
عيناهُ تُبصِرُ غيرَهُ في نِعمةٍ
وهو الفقيرُ ومثلُهم لحمٌ ودَمْ
لا يستطيعُ بأنْ يغضَّ عيونَهُ
وإذا أرادَ السيرَ تعصاهُ القَدَمْ
فاللهُ قسّمَ للعبادِ عطاءَهم
لحكمةٍ وهو العليمُ بما حَكَمْ
فلا التفاؤلَ قد يقودُ إلى غِنىً
ولا القناعةَ قد تداوي من حُرِمْ
فالصبرُ مطلوبٌ إذا عَجِزَ الفتى
والسعيُ مطلوبٌ لذي عقل فَهِمْ
فإذا تعثّرَ من يُريدُ كفَافَهً
فلعله بالعزمِ يَنهضُ إنْ عَزَمْ
وليستجيرَ بربِّهِ في خلوةٍ
ويُصرُّ داعٍ فالدعاءُ له حَرَمْ
وليطلبَ الوهّابَ كلَّ صغيرةٍ
وكبيرةٍ تُغنيهِ عن سُؤلٍ وذمْ
إنّ الحياةَ مفاتنٌ ومغانمٌ
قد فازَ فيها بالغنيمةِ منْ غَنِمْ
ولعلنا يا فتنتي ممن نجا
من فتنةِ الدنيا ومن عاتي الظُلَمْ
ولعلنا ننجو إذا بُعِثَ الفتى
يومَ القيامةِ من لهيبٍ يَلْتهِمْ
ونكونُ في الفردوسِ بين صَحابةٍ
والسعدُ يغشانا ونَغْرقُ في النِّعَمْ