إذا ما متُ قولوا ماتَ شيخٌ
تسربلَ بالحياءِ وكانَ حُرًا
تبسمَ للجميعِ بدونِ زيفٍ
وأغدقَ في الوفاءِ وكان بَرّا
وخاضَ معاركَ الدنيا شُجاعًا
وسابقَ نفسَهُ طَوْعًا وقَسْرا
وأسبغَ في الحنينِ لأرضِ عزٍّ
سكنها في السراةِ وكان بُشْرى
وأوقفَ في العلومِ نتاجَ فكرٍ
ونوّعَ في العطاءِ وكان عِطْرا
وسافرَ في الدّيارِ بلا قيودٍ
وطافَ بها مِصْرًا ومِصْرا
وسبّحَ كلَّما ألْفى جديدًا
وكبَّرَ مؤمنًا صُبحًا وعَصْرا
ولم يسجدْ لغيرِ اللهِ طَوْعًا
ولا كَرْهًا ولا ظُلمًا وكِبْرا
فنالَ الحبَّ من أهلٍ وقومٍ
ونالَ كرامةً في الأرضِ تُطْرى
ونالَ مَنَاصِبًا دُنيا وعُليا
بفضلِ اللهِ إحقاقًا وقَدْرا
وحقّقَ في العلومِ وسامَ عزٍ
ونالَ شهادةً في العلمِ كُبْرى
ففي التأريخِ دكتورًا مُجِدًّا
وفي التعليمِ دكتورًا بِأُخْرى
وأستاذًا يفيضُ بما لديهِ
لِمن يَرْجوهُ في التعليمِ أمْرا
ومن يَرْجوهُ في بحثٍ ودَرْسٍ
مساعدةً وإرشادًا ويُسْرا
يُلبي حاجةَ الطلابِ حتمًا
ولم يرقبْ من الطلابِ أجْرا
وما ظنّتْ له نفسٌ بخيرٍ
يُسابقُ غيرَهُ نُبْلًا وطُهْرا
ولم يَنْكُثْ لِمسؤولٍ بعهدٍ
ولم يطمعْ بِغيرِ الحقِّ نَصْرا
وكانَ لِأهلِهِ بَرًّا رحيمًا
وللجارِ القريبِ حِمىً ونَهْرا
وكانَ العفو شِيمتَه معَ منْ
يُبادلُه الوفا نُكْرًا وكُفْرا
فيا أهلي ويا صحبي عساكم
إذا ما متُّ لا تنسونَ عُذْرا
وتدعونَ الرّحيمَ برفعِ قَدْري
فألقى في جِنانِ الخُلدِ قَدْرا
فرفعُ القَدْرِ في الأخْرى عَظيمٌ
يَزيدُ المرءَ إعْزَازًا وفَخْرا
ومن ذا لا يريدُ له مُقامًا
رفيعًا عاليًا بيتًا وقَصْرا
بِجناتِ الخلودِ وقدْ أتاها
مع الناجينَ إكرامًا وشُكْرا
وفازَ بِرحمةِ الرّحمنِ فيها
خلودًا ليس أعْوامًا ودَهْرا
فأدعوا لي بإخلاصٍ فأنِّي
أناجي اللهَ أنْ تُجزونَ أجْرا
ويَجمعُني بكم حُبًا وشَوْقًا
بِدارِ الخلدِ في الجنّاتِ عُمْرا
فإنْ قدْ متُّ لا تنسونَ شِعرًا
لهُ في مَنْبعِ الأشْعارِ مَجْرى
نَظَمْتُ به من الإبداعِ عِقْدًا
وجاءتْ هذه في العِقْدِ دُرَّا
فَعُزوا بعضَكم هذا عزائي
ولا تنسونَ لي ذِكرًا وذِكْرى