عاشرًا: وصفات للإحسان
(١) من معاني الإحسان الإتقان في القول والعمل وهو في العقيدة الإسلامية في المرتبة الثالثة بعد التوحيد والإيمان، ويعرّفه الفقهاء بأنه “أن تعبد الله كأنك تراه “، ومنه الإحسان إلى الوالدين والأقرباء والمساكين والإحسان في أداء الأمانة فكن محسنًا .
(٢) الإحسان عمل تطوعي يتعبد المؤمن به لمرضاة الله تعالى فمن لم يحسن في قوله وعمله فإنه يضيع فرص اكتساب الأجر والحسنات ، ولا يُتصور مسلم مؤمن ليس بمحسن في العبادات والمعاملات ، فكن مؤمنًا محسنا.
(٣) يقول الله تعالى مخاطبًا بني إسرائيل : “إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا..الآية” وهو ما يؤكد أن إحسان العبد مردود إلى نفسه وإن تعدى إحسانه إلى غيره ، فهو عمل معروف خيره مردود عاجلًا أو أجلًا ، فأحسن فأنت الرابح.
(٤) قال بن واصل :” من لم يحسن إلى نفسه فلن يحسن لغيره ” وأنا أقول إبدأ بالإحسان على نفسك بأن تجعلها مؤمنة عابدة متصدقة وستجد أنها خير من يدفعك إلى الإحسان بعمومه ومنه الإحسان لغيرك.
(٥) قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : “عاتب أخاك بالإحسان إليه و اردد شره بالإنعام عليه” وهذا الخلق لا ينبغي إلا لمن رضي الله عنه فرفعه فوق حظوظ نفسه فيحسن وينعم ويكرم الأخرين أقرباء وأصدقاء وزملاء وحتى الذين يبلغه أذاهم ويؤلمه.
(٦) قال الله تعالى : ” هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ” مؤكدًا أن إحسانه تعالى هو جزاء المحسنين ، وكيف سيكون إحسان الله تعالى؟ ومن ذا الذي لا يرغب في إحسان الله له ومعه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؟ فأحسن .
(٧) الإحسان في العمل أن تنفذ ما عليك فعله بأفضل الطرق لتحقيق أفضل النتائج ، ولو أحسن كل العاملين عملهم لبلغنا بنواتج أعمالهم ما نصبو إليه من عزة ورفعة وتطور واستقلال واكتفاء ذاتي ، فأحسن عملك ليحسن الله إليك .
(٨) لا تنتظر الشكر والثناء ممن تحسن إليه فهناك من يسجل درجات إحسانك ومقاصدك في الإحسان ، فإن أحسنت لتشكر فلم تفعل الإحسان المأمول من المؤمن الذي يرغب فيما عند الله من الإحسان العظيم ، فأحسن ليحسن الله إليك .
(٩) لا يحسن العبد وهو منان فإن بمنه يفقد أجره وثوابه ، فأحسن كما يحب الله لعبده الإحسان وابدأ بإحسانك الحمد لله المتفضل عليك بما تحسن به من مال أو متاع وشكره على هدايتك إلى إحسانك .
(١٠) من أراد الحظوة بإحسانه في البذل والعطاء فليتلمس المستحقين من أهل الصدقات ، فالإحسان بالصدقة يتطلب الإحسان في اختيار الطريقة والأسلوب واختيار المصارف لصدقته ، ولا يعذر المتكاسل عن الإحسان بمبرر الإحسان المطلق.
(١١) يشمل الإحسان إحسان العبد في الدعاء الصالح للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، وهو إحسان في القول والرجاء ، فلا تغفل عن الإحسان في دعائك في كل أوقاتك فلك مثل ما تدعو به لغيرك .
(١٢) يبقى الإحسان شاهدًا للمحسن بين الناس في الدنيا بفضله وإحسانه ، فالناس يحبون المحسنين ، فإن كنت ترجو علو قدرك وقيمتك بين خلق الله في دنياك وأخراك فليكن إحسانك لمرضاة الله تعالى وسيرضى الله عنك ويرضي عنك خلقه .
(١٣) بئس إحسان العبد إن كان إحسانه فقط في عمله الذي يقبض لإنجازه الأجرة ولا يتعداه إلى ما هو أهم وأبقى كإحسانه الصلة بالله تعالى والإنفاق في سبيله وفي التعامل مع خلقه بالحسنى ، فالإحسان شامل العبادات والمعاملات .
(١٤) لا يجتمع إحسان مع عقوق ، فالعاق لوالديه لا يمكن أن يكون محسنًا لهما ، ولذلك فإن من يحسن إلى والديه فقد وقى نفسه من العقوق الذي يعد من كبائر الذنوب ، فأحسن إلى والديك في حياتهما وبعد مماتهما فلهم عليك حق الإحسان .
(١٥) إذا أحسن إليك محسن فإن عليك حق شكره والدعاء له بأن يتقبل الله منه وأن يجزيه بالإحسان إحسانًا ، فمن المحسنين من لا ينتظر شكرك ولكنه يحتاج إلى دعائك له بالقبول .
(١٦) من الأعمال التي يقوم بها البعض بقصد الإحسان ما يجعلها إساءة لمن يحسن إليهم ، فهم يتكلمون بما أحسنوا به في المجالس ويذكرون من أحسنوا إليهم بانتقاص وانتقاد يدخلهم في أبواب النميمة والغيبة وفضح المحتاجين وتلك إساءة .
(١٧) سؤل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن قول الله تعالى: “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ” فقال: العدل هو الإنصاف والإحسان هو التفضل ، وما أمر الله بالإحسان إلا لأهميته في الأخلاق الإسلامية ، فلنحسن ما استطعنا الإحسان .
(١٨) قال رجل لسلطان ” “أحقُّ النَّاس بالإحْسَان مَن أحسن الله إليه، وأولاهم بالإنصاف مَن بُسِطت القدرة بين يديه؛ فاسْتَدِم ما أوتيت مِن النِّعم بتأدية ما عليك مِن الحقِّ” وأجده قد أبدع في نصح السلطان .
(١٩) الإحسان يمحو الإساءة ويكفر عن الذنب وينشر المحبة وهو زينة العبد وزينة الدين وأشرف الإحسان الإيثار حيث تعطي غيرك ما أنت في حاجته والحب والرحمة من الإحسان والعفو من الإحسان ، فأحسن لتكون من المحسنين .
(٢٠) يموت العبد ويبقى عطر إحسانه وتنتهي الحياة ويستمر الإحسان ويجده الإنسان في وعد الله الذي لا يخلف الميعاد ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ” ، فأحسن بالمشاركة في هذا الوسم للدعوة إليه.