الرئيسية / مقالات / وقفات من حياتي قبل أن تمحى من ذاكرتي ، الوقفة 32

وقفات من حياتي قبل أن تمحى من ذاكرتي ، الوقفة 32

الوقفة الثانية والثلاثون : درع التميز مع مرتبة الشرف

في صيف العام الهجري 1402هـ أنهيت بفضل الله تعالى جميع متطلبات التخرج لدرجة البكالوريوس مع دبلوم الإعداد التربوي في جامعة أم القرى ولله الحمد والمنة وذهبت لمراجعة عمادة القبول والتسجيل لاستخراج وثيقة التخرج وكشف النتائج في المقررات الدراسية ، وفيها أبلغت بما تحقق لي بفضل الله تبارك وتعالى حيث حصلت على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وكان ترتيبي الأول بين المتخرجين في ذلك العام من قسمي ، والخامس بين الخريجين من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ، والعاشر بين المتخرجين من جامعة أم القرى ، وأشعرت من العمادة بموعد حفل التخرج الذي سيكرم فيه المتميزون وأنا ولله الحمد من بينهم .
أقبلت على التدريبات الأولية (البروفات ) التي اعتادت الجامعة تنفيذها قبل حفلات التخرج لتدريب الطلاب الخريجين وأساتذة الجامعة على المسيرة الجامعية في حفل التخرج وأنا في قمة سعادتي بما من الله به علي من خير ، وأنصت جيدًا للتوجيهات من المنظمين والمشرفين على حفل التخرج ، ودعيت مع العشرة الأوائل بالجامعة لتدريبنا على صعود منصة التكريم لاستلام دروع التميز ومرتبة الشرف من راعي الحفل أمير منطقة مكة المكرمة ، إضافة إلى الإنابة عن الزملاء الخريجين من قسمي لاستلام وثائق تخرجهم من راعي الحفل كذلك، فكانت التدريبات التي سبقت موعد الحفل تشحن في نفسي الزهو والسعادة والشوق إلى تلقي التكريم من راعي الحفل وتوثيق هذه اللحظات بالصور التذكارية .
وذهبت بعد الانتهاء من التدريبات لأحد الأصدقاء المقربين ممن يملك كميرا تصوير جيدة وطلبت منه حضور حفل التخرج والتقاط بعض الصور التذكارية أثناء حصولي على التكريم من راعي الحفل بأوضاع متعددة ، ورحب الصديق بالمشاركة في الاحتفاء بنجاحي وتكريمي ، وعندما بدأ الحفل بحضور الراعي سمو الأمير سعود بن عبدالمحسن نائبًا عن أمير منطقة مكة المكرمة آنذاك سمو الأمير ماجد بن عبدالعزيز رحمه الله انشغلت مع الخريجين في تنفيذ ما تدربنا عليه لمسيرة الخريجين وصعود منصة التكريم ، وبعد مجموعة من الكلمات الخطابية المعتادة التي تلت المسيرة بدأت مرحلة تكريم خريجي مراحل الدكتوراه ثم الماجستير ثم نادوا بالعشرة الأوائل لمرحلة البكالوريوس واحدًا تلو آخر حيث ختم تكريمهم بتكريمي وتسليمي درع التميز مع مرتبة الشرف من راعي الحفل ، وصعدت مرة أخرى إلى المنصة لتسلم وثائق الخريجين من قسم الحضارة والنظم الإسلامية مع ممثلي الأقسام في تسلم الوثائق من راعي الحفل آنذاك ، وفي كل تلك المشاهد والعمليات لم أشاهد صديقي الذي وعدني بالتقاط الصور التذكارية لمشاركتي في حفل التخرج .
وعند انتهاء الحفل وانصراف المشاركين فيه بحثت عن صديقي في المناطق المحيطة بمقر حفل التخرج في حرم الجامعة ولم أجده ، واتجهت إلى سكن الطلاب لأجد صديقي العزيز يغط في نوم عميق ، فتوقعت أنه نفذ ما وعدني به وعاد لينام ، وتركت سؤاله عما التقط لي من صور تذكارية إلى ما بعد استيقاظه ، وفي ظل طمأنينتي التقيت بصديقي في اليوم التالي وبدأت بشكره على وفائه معي ، فضحك ثم بادرني بالاعتذار الشديد وألح علي في قبول عذره لعدم تمكنه من الوفاء بما طلبته منه لانشغاله بظروف شخصية جدًا منعته من المشاركة في حفل التخرج لتغطية مواقف تكريمي ، فعذرته وبدأت أبحث عن بدائل للحصول على صور تذكارية لذلك الحدث المتميز في حياتي ، فذهبت إلى عمادة القبول والتسجيل التي أشرفت على تنفيذ الحفل وتعاون معها مجموعة من المتخصصين في التوثيق الإعلامي والمصورين فطلبت منهم نسخا من الصور التي التقطت لتكريمي ، فأحالوني إلى قسم الوسائل التعليمية وتقنيات التعليم في الجامعة ففيه المصور المتخصص الذي التقط الصور التذكارية وفيلم الفيديو الوثائقي ، وعندما عرض علي ما التقطه من صور فتشت عن صورة أظهر فيها أثناء المسيرة أو على منصة التكريم وللأسف الشديد لم أجد شيئا ، ولم تتوافر في ذلك الحين برامج وآليات لتحويل أفلام الفيديو الوثائقية إلى صور ، وعرض علي أن أتقدم بطلب للحصول على نسخة من فيلم الفيديو الذي ظهرت في أحدى مشاهده خلال صعودي على المنصة للتكريم ، وشكرته وودعته بعد أن خاب أملي في الحصول على صور تذكارية لذلك الموقف الخاص في حياتي العلمية .
لقد تعلمت من ذلك الموقف درسًا لم أنسه أبدًا بعد ذلك وهو أهمية توفير البدائل المتعددة لتنفيذ أي نشاط أقدم على تنفيذه حتى إذا لم ينجح أحد البدائل منها فلعل أحدى البدائل الأخرى ينجح في تحقيق الهدف المأمول ، وهي وصيتي الدائمة لأولادي وتلاميذي وزملائي أن لا يعتمدون عند التخطيط لأنشطتهم على بديل واحد فقط للوصول إلى غاياتهم فقد يعترض ذلك البديل معوقات تمنعه من تحقيق الهدف المأمول ، واستمريت بعد ذلك أخصص في مكتبتي ملفًا خاصًا بالتوثيق لنشاطاتي المتنوعة وبعد انتشار استخدام الحاسوبات والصور الرقمية استبدلته بملفات إليكترونية لحفظ الصور والمشاهد لأنشطتي المتنوعة واحتفظت بنسخ احتياطية في وسائل الحفظ الجديدة مثل (الفلاش مومري أو الهارديسك ) ونحوها .
ولعلي في هذه الوقفة أؤكد للشباب على أهمية بذل الجهد المضاعف لتحقيق أفضل النتائج المرجوة ، فما حققه البعض من نتائج التميز ونالوا عليه التكريم المستحق إنما كان ذلك نتيجة لاتكالهم على الله سبحانه وتعالى وبذل كل جهودهم لتحقيق تلك الغايات السامية ، وكل أمرء بالمثابرة والصبر والطموح يمكنه تحقيق ما يحققه الآخرون بإذن الله تعالى فلكل مجتهد نصيب ، وصدق الشاعر الذي قال : وما نيل المطالب بالتمني ،، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ،، وقد أبدع أبو القاسم الشابي حين قال : ومن يتهيب صعود الجبال ،، يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ ،، فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ ،، وأطـرقتُ أصغـي لقصـف الرعـودِ ،، وعــزفِ الريــاحِ ووقـعِ المطـرْ .
وهكذا المبدعون والناجحون لا يهابون المغامرات ولا تكرار المحاولات لتحقيق الغايات ، ولا يوقفهم الفشل ، فكل فشل في حياتهم درس في طريق نجاحاتهم . والله الموفق والمستعان . ،،،

عن admin

تعليق واحد

  1. السلام عليكم
    الله يحفظك يا ابا رامي. امتعتني بقرأة هذا المجد
    كما اعجبت بحسن ظنك بصديقك والتماسك له العذر
    ما اروع تاريخ مجدك وماضيك المشرف
    اكمل سيرة المجد واحدة تلو الاخرى
    كنت هنا
    ابو بدر

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلمتي بمناسبة ذكرى اليوم الوطني الواحد والتسعين 1443-2021

الحمد لله الذي لا إله إلا هو المنعمِ المعطي الوهابِ ربِّ العالمين، ...